وأخيرا نجح النظام السوري، في وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وأتحدث اليوم عن مركز الإفتاء والذي يشغله اليوم، رجل مناسب جدا.
مشهد تمثيلي، يتكرر في كل مناسبة وطنية أو دينية، وهو مشهد الكاهن والشيخ، وهما ممسكان بيد بعضيهما، أمام عدسات التلفزيون. أو على المسرح. طبعا لا ننكر لما لهذا المشهد من تأثير، وخاصة على العامة. ولكن العبرة ليست في المشهد، ولكن في حقيقة المشاعر التي يكنها، كلا الطرفين لبعضيهما البعض.
ان واقعنا الحقيقي في سوريا اليوم شبيه بمسرح التمثيل، حيث يُعرض السلام والمحبة والاحترام من قبل ممثلين ينتقدون بعضهم بعضا وراء الستار بسبب نزاعات متبادلة. هؤلاء ، الذين يُعلنون من على المنابر تعاليم السلام والمحبة والرحمة ، لكنهم لا يعيشون ذلك كثيراً في حلقاتهم الخصوصية والعائلية ؟؟!!.
لا نستطيع أن ننكر، وجود، حالات من العدوانية، بين بعض رجال الدين من الطرفين. وهذه نعرفها، ولكن ماذا علينا أن نفعل، حتى نحصل على حالات من المحبة والسلام بين، من اؤتمنوا على حياة وأرواح المواطنين.
كيف يمكن لرجل الدين، هذا أو ذاك، أن يصبح صديقا وأخا، ومثالاً لا تمثيلاً، لكل علاقة إنسانية أخلاقية رائدة. كيف نعمل على خلق، هذا المجال أو هذه الفسحة حيث يستطيع رجل الدين الآخر أن يدخل ويُصبح صديقاً، بدلاً من أن يكون عدواً. فليس الهدف هنا أن نغير رجل الدين هذا بل أن نقدم له المجال والظرف حيث بالإمكان أن يتم التغير (نقصد من العداوة إلى الصداقة).
إنها ليست لتوجيه رجل الدين هذا إلى زاوية، حيث لا يبقى لديه بديل، بل لفتح النطاق الواسع للاختيارات، حتى يختار ما يريد ويلتزم فيه. إنها ليست إكراهاً دينياً من خلال الكتب والمواعظ والخطب، بل إنها تحرير القلوب الخائفة،بالكلمة الحرة النابعة من القلب، والقدوة الحسنة النابعة من الاختبار . حتى تستطيع المحبة أن تدخل أكثر في الأعماق وتعطي ثماراً كبيرة.
وأيضاً على هذه الفسحة من الحرية، وهذا المجال من الصدق والشفافية، أن لا يكون هدفه جعل إلهنا وديننا وطرق عبادتنا معيارً نطلب من الآخر أن يلتزم به، بل إنها فسح المجال للآخر ليجد إلهه وطريقه.
فسح المجال للآخر، ليدرك أنه مثلنا خُلق حراً ليغني أغنيته الخاصة ولحنه المفضل، لا ما نفرضه عليه.
لماذا نحتاج في كل مرة، نريد أن نجتمع فيها، معاً، ونخلق تلك الفرصة الحرة من أجل لقاء مثمر وصادق، إلى إشارة، أو غمزة، من السلطة، أو من الحزب ؟ . ولماذا على السلطة، أو الحزب، أن يتواجدا، في كل لقاء، على هذا المستوى.؟ .
إن فكرة هذا اللقاء الصادق، ليست أبداً بالأمر الهين، إذ تتطلب تركيزاً كبيراَ وعملاً دقيقاً. وما أشبه عمل هؤلاء الرجال، بشرطي سير، في جمعِ اثر حادث، تراه مفسحاً المجال لدخول سيارة الإسعاف، من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه.
هكذا يُبنى الوطن الحقيقي، عبر مثل هذه اللقاءات الحرة الصادقة، بين رجال الدين، حيث، من صداقتهم، ومحبتهم لبعضهم، تنبع كل الخيرات، وكل العواطف النبيلة، لبقية الشعب. الذي يرى قدوته، ويسمع كل أحد وجمعة، من يحدثه، عن تلك اللقاءات، الحرة المثمرة النافعة الصادقة الشفافة، وما تعكسه من صداقات وألفة ومحبة بين رجال الدين أنفسهم.
والذي سينعكس حتما على أتباعهم ومريديهم.
المفتي السيد حسون، مؤهل اليوم، ليبدأ هذه اللقاءات، مع أخوته من رؤسا ء الأساقفة، وغيرهم، من دون غمزة من النظام، ولا لكزة من الحزب. وما عليكم إلا أن تنتظروا ميلاداً جديداً لوطن اسمه سوريا المحبة والسلام والإخاء.
هناك الكثير مما يمكن قوله في هذا المجال، ولكن تعمدنا، أن نسير على حافة الشرفة، في البداية.
دمشق
الخميس 27-12-2007
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية