انخرط الأكراد بشكل فعّال بحركة الاحتجاجات في سوريا على الرغم من الأصوات التي تدعي عكس ذلك ويجب أن تسمع أصواتهم على نطاق أوسع.
قامت تقارير سابقة حول الثورة السورية خلال العام الماضي بتقديم أو تصوير موقف السوريين الأكراد على أنهم صامتين أو غير معنين، ومقالة ميشيل كينيدي في صحيفة النيويورك تايمز Michael Kennedy in the New York Times هي أحدث مثال على ذلك. يضع هذا المقال السوريين الأكراد “على هامش الثورة بانتظار الفائز كي ينضموا إليه”.
أشعر بالإحباط وأنا أقرأ شيئاً من هذا القبيل حيث يتم التقليل من شأن المشاركة الكردية على الرغم من وجود أرشيف غني على اليوتيوب يوثق المشاركة اليومية للمعارضة الكردية. إن المساهمة الكردية تشمل جميع الأطياف وعلى نطاق واسع حيث يتم رفع مقاطع الفيديو بشكل يومي من كل البلدات أو المناطق التي يقطنها الأكراد.
فعلى سبيل المثال ومن خلال بحث عشوائي وغير شامل لمجريات يوم واحد (13 شباط/ فبراير – وهو لا يصادف يوم جمعة أو يوم يحمل خصوصية للأكراد)، نجد أن المظاهرات خرجت في كل من المدن والبلدات التالية: سري كانيه Serî Kaniya, ديرك Dêrîk, عامودا Amuda, الدرباسية والقامشلي، بالإضافة إلى حي الشيخ مقصود في حلب. من الممكن أن كون معظم مقاطع الفيديو هذه قد عنونت بالعربي هو السبب وراء جهل بعض المعلقين الأجانب حول هذه الأدلة المأخوذة من الشوارع، كما أن أشكال متعددة من الانحياز المعرفي قد تلعب دوراً في الحد من الاعتراف بالمشاركة الكردية عندما لا يكون الصحفيون على تواصل كاف في هذا المجال.
إن وصف كينيدي لموقف الأكراد بقوله: “أكثرهم خارج الصراع”، يعكس تشويه مزدوج؛ فهو أولاً: يقدم حالة من التحليل المحافظ الذي يقوم على تأكيد فكرة مسبقة تقضي بسلبية الأكراد، بغض النظر عن الحقائق التي تُظهر غير ذلك. ثانياً: بالنسبة لكينيدي فقد غيّب أحدث تأثير، وهي البدايات السلمية لحركة الاحتجاج.
ففي بدايات الثورة كان الأكراد مترددين بالفعل في المشاركة، يتملكهم خوف من أن يتعرضوا لقمع استثنائي (كما جرى بُعَيدَ الانتفاضة الكردية عام 2004)، أو أن يتم توظيف مشاركتهم من قبل النظام للتشكيك في شرعية الثورة وتصويرها على أنها حركة انفصالية طائفية.
لكن، وعلى أية حال، فإن الأكراد هم عنصر فاعل، ومنذ وقت طويل انخرطوا بالثورة وبسرعة، مؤكدين على وحدة الشعب السوري. تؤكد الاحتجاجات في المناطق الكردية على دعمهم للبلدات المحاصرة في جميع أنحاء سوريا، وقد توجت هذه الجهود مؤخراً بتوحيد الشعارات التي ترفع في مظاهرات يوم الجمعة.
ومن أجل الحكم على المشاركة الكردية فإنه من الأهمية بمكان أن يتم التفريق بين مستويات المعارضة الشعبية (المظاهرات في الشوارع) وبين المعارضة المؤسساتية (الأحزاب وممثليهم في المهجر). نزل العديد من الحشود الكردية إلى الشوارع قبل أن تقوم الأحزاب الكردية باتخاذ موقف حاسم من الثورة (وبعض الأحزاب لم تحسم رأيها بعد). ولكن الكثير من الكُتاب والمعلقين الأجانب دائماً ما يركزون على الفئة الأخيرة دون اعتبار حقيقي لوجود حشد شعبي غير معبئ أو منظم حزبياً.
وقد صدرت دراستان عن السياسات الكردية الأخيرة- الأقلية الحاسمة عن جمعية هنري جاكسون Henry Jackson Society ومن هي المعارضة السورية الكردية؟ - كٍلا الدراستين تتجاهل أن تذكر بالاسم أكبر منظمة كردية تعمل في سوريا ألا وهي (حركة الشباب الكردي).
في شهر آذار/ مارس من العام الماضي وعندما كانت الثورة في بداياتها, أصدرت حركة الشباب الكردي بياناً واضحاً أكدت فيه على دعمها للاحتجاجات السلمية ضد النظام في جميع أنحاء سوريا. تحظى هذه المجموعة بدعم وتأثير لا بأس به على الأرض وهي حركة نشطة في الدعوة إلى تنظيم الاحتجاجات، والتي تعمل مع حركات شبابية أخرى تقوم على تنظيم اللجان والناشطين في أنحاء سوريا كما أن لديها تواصل مع العديد من الأوساط الثورية في سوريا.
إن مثل هذه المشاركة الشعبية الواسعة ليست بالضرورة مترافقة مع التزام موحد من طرف الأحزاب الكردية. ولكن ليس من الدقة بمكان عندما يقوم كُتاب باستقراء ضعف المشاركة للأحزاب الكردية التقليدية بالثورة لاستنتاج أن المشاركة الكردية بشكل عام هي محدودة جداً أو أنها غير موجودة.
إن مثل هكذا استنتاج ليس فقط إهانة لهؤلاء الذين قاموا بالمخاطرة (وبعضهم ضحى) بحياتهم من أجل المشاركة, ولكنها ستشكل ضرراً للأكراد، وذلك خلال مرحلة المفاوضات السياسية حالياً أو في مرحلة مستقبل ما بعد الثورة.
هل نستطيع أن نلوم الأكراد الذين لا زالوا صامتين، ونحن نرى أن المعلّقين الغربيين لم يعترفوا بهؤلاء الذين خرجوا عن صمتهم؟ إذا وجد الأكراد أنفسهم على هامش الثورة, وهناك وبدون أدنى شك من يقاتل من أجل موقف أكثر مركزية وذلك رداً على الفشل الأخير للمجلس الوطني السوري- الحركة المعارضة التي تحظى بالاعتراف الدولي- وذلك من أجل الإعتراف بالحقوق الوطنية الكردية، فإن مزاج المشاركة الكردية قد تغير باتجاه الطعن بالإقصاء الممارس عليهم والتأكيد على هويتهم الخاصة.
خرج السوريون الأكراد عن التقليد المتبع بخصوص التسمية الموحدة لمظاهرات يوم الجمعة في أنحاء سوريا، وذلك باختيار تسمياتهم الخاصة مثل: “جمعة الحقوق الكردية”, “جمعة الحقوق الكردية هي فوق أي مجلس” و “جمعة هنا كردستان”.
وعلى مستوى الشارع فإن الشباب السوري الكردي منخرط بشكل أكيد وفعّال في حركة الاحتجاجات، ولكن كي تبقى هذه المشاركة مستمرة، فإن هذا يعتمد إلى حد كبير على الاعتراف بها من قبل الطرف العربي بالمعارضة وأيضاً على المستوى الدولي.
مقال لـتوماس ماكجي عن guardian
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية