ظهر مصطفى الخاني في مسلسل باب الحارة بدور النمس كأفضل الأدوار التي يؤديها أو تؤديه بحسب قصة حياته الفنية والشخصية، فمن الطبيعي أن يأخذ أيّ دور في أحد الأعمال الفنية جزءاً من شخصية من سيؤديه كعامل أساسي لنجاحه، ولكن ماذا إذا كان الدور يمثل الحياة شخصية لمن سيلعبه؟ لا شك بأنه سيضيف له الكثير من الاتقان والبراعة.
بالتأكيد فإنّ الحديث هنا عن مصطفى الخاني الذي كان أحد أسباب نجاح مسلسل باب الحارة بعد ما قدمه من شخصية مضحكة من الخارج، وتعبّر عن أخلاق منحطة من الداخل وللتذكير بالدور فقد كان "النمس" شخص غير لائق أخلاقياً اعتاد التسلق على أهله وناسه إلى أن وصل إلى مرتبة تفوق حتر مكانة من مدّ إليه يد المساعدة في يوم من الأيام.
والفكرة من الدور أكملها الخاني حتى بعد انتهاء المسلسل ليجسدها في حياته اليومية بعد اندلاع الثورة السورية منذ أكثر من ثلاثة عشر شهراً، لتحوم الشكوك حول شخصية "النمس" فهل هي الشخصية الحقيقة للخاني أم أنّها مجرد شكوك لأناس لا ترى إلا بعين واحدة، فماذا
عن حياته الشخصية ودوره في المسلسل.

كان الممثل الذي ولد في محافظة حماة عام 1969 يظهر ويختفي فجأة وقد يجلس معك لساعات أو يختفي عنك لأسابيع، فهو من عائلة الخاني المرفّهة مادياً، واعتاد على التردّد لمزرعته في ريف حماة وركوب الخيول العربية، ليكمل الشاب حياته كما بدأها متقلباً بحسب أهوائه مطيعاً لأسياده، فأعميت عيونه أمام ما يراه كل يوم من جرائم وانتهاكات لحقوق الإنسان التي يرتكبها النظام السوري، بينما تجده في أماكن أخرى ذلك الإنسان المتواضع الخجول الذي يزور جرحى القوى الأمنية والجيش ويؤكد تجديد البيعة مراراً وتكراراً لنظام قتل من أهله ما يزيد عن أربعين ألف شهيد في الثمانينات.
وقد يسأل سائل ما العيب في أن يزور أحد الممثلين جرحى قوى الأمن والجيش وأن يعبر عن رأيه بحريّة وديمقراطية وهو نفس السؤال الذي طرحته على أحد أبناء الحي الذي كان يقطن فيه "النمس"، فأجاب بغضب هستيري وما المعيب في أن يزور قبور أصدقائه في الحي قبل أن يصبح نجماً؟ ما المعيب في أن يتكلم بكلمة طيبة عن أهله وناسه الذين يقصفون كل يوم؟ وما المعيب أن يقف مع العدل وفي أن يزور أهالي الشهداء والجرحى الذي أصابتهم العصابات المسلحة بحسب ما يقوله هو؟. هذا الإنسان بريء من حماة إلى يوم الدين وعليه الاعتذار من كل متضررة جرح مشاعرها بكلماته القاسية ومن كل طفل يتيمٍ كان يحبّه وحاول إتقان دوره في الطرقات والشوارع.
وهنا نترك الحكم للقارئ فالخاني الذي تربى في مدينة حماة الجريحة ظهر في باب الحارة خائنا لشخصيات أبو النار وأبو جودت ومأمون بيك وهي ثلاث شخصيات متناقضة الأهواء والطموحات، وبالتالي قد نجده "نمساً" في الفترة القادمة إذا ما انتصرت الثورة، ليثبت بذلك أنّ مشكلته ليست بالمؤامرة التي تحاك على بشار الأسد، وإنما بالاسم الذي سيحاول التسلق عليه ليصل إلى مبتغاه وأهوائه التي يتطلع لتحقيقها.
وأخيراً فإن ظهور الخاني على الشاشات بعد الثورة لم يكن مرة واحدة فقط لنقل بأنّها كانت ذلّة لسان، وإنما ظهر مراراً وتكراراً حتى أنّه كان في موقف المُتهم على تلفزيون الدنيا عندما سألته المذيعة عن سبب تأخره في زيارة جرحى الجيش لأكثر من شهرين تقريباً، أما آخر ظهور مقزز له فكان عندما بصم بدمه الفاسد أخلاقياً ليؤكّد استمرار دعمه لبشار الأسد بحسب وصف أحد أبناء حيه السابق.
وبذلك ليس بوسع المتابعين والقراء إلا انتظار الخاني في أحد أدواره القادمة التي من الممكن أن تنبأ عن قراراته الشخصية فيما يتعلّق بالثورة السورية، أو قد نجده مكتشفاً فجأة لما كان يحدث في سوريا بالفترة الماضية, وهو ما ينتظره البعض ممن ما زالوا يتأملون خيراً به، إلا أنّ غالبية أهله وجيرانه قد لا يبررّوا له عودته لأصله بعد نجاح الثورة ومن المرجح أن يعتبروا ذلك إكمالاً لشخصية النمس في باب الحارة الجزء السادس إذا تم إنتاجه.
جورج الحر - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية