بالرغم من مخالفة الكثيرين لتوجهات ميشيل كيلو في الثورة، ولكني أرى في قراءاته أنها الأقرب إلى الواقع والعلمية، كل ما أفعله إني أخضع كلامه لمقولة الإمام مالك الشهيرة :"كل منا يؤخذ منه ويرد عليه إلا صاحب هذا القبر" وأشار إلى قبر الرسول صلى الله عليه وسلم، ولعلي لم أعارض ميشيل كيلو العلم في المعارضة، في شيء من تحليلاته إلا موضوع العسكرة الذي رددت عليه فيه في مقالتين مفصلتين حتى وصلني من صديقة مشتركة مقربة أن ميشيل كيلو في المجالس الخاصة يخالف رأيه العلني.
البارحة قرأت لميشيل كيلو مقالاً بعنوان "معارضة ضائعة!" وقد أجاد كعادته في تحليل الوضع ولكن استغربت هجومه الحاد على الاسلاميين على العموم، وعدم تخصيصه لفصيل حزبي منهم أو تيار معين، وختم مقاله بعبارة "هنيئاً للنظام السوري معارضته عامة والإسلاميين خاصة". فلا يسعني إلا أن أكرر نعم هنيئاً للنظام بمعارضته وأنت منهم.
لعل كلامي حتى الآن غير مقنع وخصوصاً لغير الاسلاميين، ولكن الرجاء الاطلاع على رسالة ميشيل كيلو إلى حسن نصر الله بعنوان "رسالة إلى السيد حسن نصر الله" واللتي نشرتها جريدة السفير التي تكاد تكون متخصصة في نشر وجهة نظر ميشيل كيلو وتياره "فايز سارة - ريما فليحان" ، لم استطع تبرير أسلوب الخطاب فيها لشخص من المعارضة إلا بأنها أسلوبه وديدنه في خطاب أي كان كنوع من اللباقة الشديدة والدبلوماسية الزائدة، وعند قراءة المقال الأخير يبدو أن هذه اللباقة والدبلوماسية قد ظهر ما هو أهم منها ألا وهو"نفوذ الإسلاميين".

اعتبر هذه المقالة تحولاً نوعياً لمناكفات الشباب (الإسلامية - الليبرالية) والصراع الخفي الدائر ونقلة من الخفاء للعلن ومن نخب الشباب إلى نخب السياسة والإعلام. واعتقد أن شدة الهجوم نابعة من حقيقة يقر بها ميشيل كيلو وهي النفوذ المفاجئ لكل الإسلاميين بمختلف تياراتهم على أرض المعركة، نفوذ فكري ومالي ولوجستي والأهم بشري، أما التهم التي حشي المقال بها حشواً ،فتصدق فيها مقولة "رمتني بدائها وانسلت""، فميشيل كيلو يتهم الاسلاميين بالسعي للسلطة والتحالف مع قوى عالمية وبالتصلب حول مواقف يرونها مبادئ والأنكى والأدهى يتهمهم باستغلال جوع الشعب لشراء تأييدهم، ويحملهم لواء العسكرة الذي دأب على انتقاده وفرض أن العسكرة هي خيار الإسلاميين بكافة أطيافهم والإسلاميين فقط، وهذه المقالة الأخيرة دوناً عن أنها لتخوف من نفوذ الاسلاميين المتاعد فهي تصب في تيار ميشيل كيلو الرافض للعسكرة التي لا يألو جهداً لشيطنتها وتحميلها كل أخطاء الحراك في كل مناسبة.
الأمراض والتهم السابقة بالإمكان رمي غير الإسلاميين بها، فهم (الهيئة والمستقلين) يسعون للسلطة وهم يسعون للتحالف مع قوى عالمية وهم المتصلبون على أفكارهم الوضعية، إلا تهمة استغلال جوع الشعب باعتبار أن أعداء الاسلاميين في المعارضة لا رصيد لديهم في الشعب الجائع بزعمهم إلا من يعاني الإسلاموفوبيا فيصح أن نتهمهم باستغلال خوف الشعب، والحقيقة إني كإسلامي أقول : لإيلاف قريش، إيلافهم رحلة الشتاء والصيف، فليعبدو رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف. أنا اتخذت هذا التوجه ليس لجوع وليس لخوف إنما هو عبادة لله في المقام الأول ، رب العالمين الخالق الواحد الذي أمرنا أن نعبده في كل حين، لا في المسجد والمنزل فقط كما تريد العلمانية والليبرالية، إنما في كل حركة وسكنة وفكرة وكلمة.
والإسلامي لا يسعى للسلطة ولكن يسعى لعبادة الله ومرضاته وإقامة العدل في السلطة وفي كل موقع وكل حين، هذا هو ديننا وهذا هو فكرنا وفلسفتنا.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية