أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

بعد عام تأملات ثورية سلسلة7فلننشر الحب كي يهرول النصر نحونا

لقد توالت علينا عقود طويلة وثقافة التباعد والبغضاء والكراهية والحسد تتغلغل في مدننا وقرانا ..بين الحواري والأزقة ، وبين ساكني العمائر الفارهة ؛ بين بيويات القرى ،وبين أبناء العشيرة في بواديهم ..حتى أحكم الكره خناقه على الجميع إلا من رحم ربي ...وصار الحب عبارات تطير في الأجواء ...فارغة من المعاني السامية ،فعملوا له عيدا أحمر كي ينشروه شهوانيا رخيصا وينزوي الحب الإنساني المثمر .
أما الأسباب فهي كثيرة جدا ومتشعبة تراكمت عبر السنين ، فمنها ماكان بسبب التطورالسلبي للحضارة ومنها ما كان مُتَعَمدا طِبَخ على نارٍ هادئة ...
إن الفساد الممنهج الذي لف البلاد كان له الدور البارز في تقويض الثقة والإلفة ،وإخماد روح الإيثار والتكافل الاجتماعي ..والذي قاد إلى التباعد والتدابر والحسد والكراهية ؛ فحين أرست دولة البعث دعائمها عبر القمع الذي كان أدواته أصحاب النفوس الضعيفة الذين شُرِيَت ذممهم سواء بعطاء مباشر أو بإطلاق أيديهم ليقتنصوا من المال العام أو من جيوب المواطنين عن طريق إبتزازهم والضغط عليهم لدفع الإيتاوات والرشاوي .وكذلك اعتمادها على هيكل ضخم جدا من المخبرين الذين لا يتورع أحدهم أن يرفع تقرييرا كيديا بجاره وصديقه و أخيه .
وكذلك تردي الحالة الإقتصادية وتدني الوضع المعيشي لشريحة كبيرة من المواطنين مع إغراق الأسواق بالكماليات وتوجيه ثقافة المجتمع للهث وراءها ولو كلفهم هذا استنزاف ثلثي يومهم بالعمل المضني ؛بالإضافة إلى تآكل الطبقة الوسطى ونشوء طبقة ثرية جدا مرتبطة غالبا برجال الحكم يصعب اتصالها اجتماعيا مع الطبقة الفقيرة التي كبر حجمها وتفاقم حالها في ظل حرب خفية ومعلنة لمؤسسات العمل الخيري .
وكذلك العمل على نشر التحلل الأخلاقي بحيث اضحى مفهوم الحرية مقتصرا على الحرية الشخصية المطلقة التي تجعل الأهل غير قادرين على ضبط سلوك أبنائهم حيث تغير مفهوم الحرية –الأخلاقي- السابق الذي كان مُؤَطراً ضمن منظومة اجتماعية تلجم عنان الحرية الشخصية حين تؤدي إلى ضرر الآخرين ، وهذاما قاد إلى التفكك الأسري والخيانات الزوجية وإلى مزيد من التصادم والتشاحن والتباغض.
إن هذه الأسباب التي ذُكرت مع كثير مما لم يذكر أدت إلى تفسخ المجتمع وتفكك روابطه وتفشي روح الأنانية والبغضاء حتى نخرت الفرقة لُحمَة العائلة الواحدة وصار تربص الدوائر والبحث عن السلبيات وتتبع العثرات هو السمة السائدة لكثير من العوائل ؛كما أدى استمرار الثورة واقتضاء الحاجة لتحديد موقفٍ واضحٍ منها إلى مزيد من التنافر .
واليوم بعد أن صقلت نار المحن معظم السوريين لأكثر من عام عاد لهم جزءا لا بأس به من تلاحمهم وتوادهم وترابطهم حتى في المدن الكبرى حلب ودمشق حيث احتضنوا أكثر من مليون نازح بالمأوى والمأكل والملبس رغم الضائقة المادية التي تعصف بالجميع،ومازلنا ننتظر المزيد.
وأما ما يفجر في النفس الأسى هو حال كثير من سوريي المغترب حيث لم تصقلهم نار المحن كما صقلت اهلهم بالداخل ودَسَ النظام بين صفوفهم بعض رجاله كي يشقوا الصفوف و يبثوا الشائعات ويزعزعوا الثقة ، فبدلا من أن توحد الثورة صفوفهم وقلوبهم وكلمتهم زادت فرقتهم ،وكثر الهمز واللمز والتخوين والتلاسن حتى ان بعضهم كانت تربطهم سابقا علاقات ودٍ وحب كان الأحرى بتلك العلاقات أن ترقى بهم لتقريب وجهات النظر بدلا من إساءة الفهم والظن .
إن العين لتدمع ، وإن الفؤاد ليتفطر ألماً لما نرى ونسمع ،نناشدكم الله أيها السوريون ...إنها فرصتنا للتغيير والثورة على النفس لنئد أسوء مافيها من خصال ونزكي أفضلها ..
دعونا نئد الأنانية ونسموا على مصالحنا الضيقة ،لِنُغَلب روح العمل الجماعي والمصلحة الجماعية ،ولنجعل من اختلافنا إثراءًلوجوه حل الأزمة و تنوعا يلون الوجه الواحد الذي ألفناه ....بعيدا عن الاتهامات والظنون والتخوين ،فهدفنا واحد ،وقضيتنا واحدة ،ومشوارنا طويل والدرب وعر ...
من اجل عيون أمنا الغالية سوريا ودماء الشهداء وأروحهم الطاهرة...
لنؤوب إلى واحة الإيمان حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه –متفق عليه-)فلن يكتمل رسوخ الإيمان في قلب الفرد حتى يكون حرصه على مصلحة الآخرين حرصه على مصلحته الشخصية وأن يعامل الآخرين كما يحب أن يعاملوه فيصبر على أذاهم ويتغاضى عن هفواتهم ويعفو عن زلاتهم وأن يبغض لهم ما يبغضه لنفسه حتى نغدو مجتمعا فاضلا متماسكا كا لجسد الواحد .
لننزع الشكوك ..ونقتلع الكراهية ..وننبذ التدابر وإنها لذنوب عظام سلط الله بها علينا طغاة لا يخافوه فينا ولا يرحمونا.
لنزرع الحب ونسقيه حُباً حتى يغدو شجرةً راسخة الجذور تشد خطى النصر عاجلة إلينا.

د . ميمونة جنيدات
(107)    هل أعجبتك المقالة (95)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي