.
آليت على نفسي منذ مدة طويلة أن لا أتناول في مقالاتي كتابات الآخرين إيماناً مني بحرية الكلمة و التعبير , و لكني وجدت نفسي مرة أخرى مكرهاً و مضطراً للتعليق على كلمة رئيس تحرير القدس العربي عبد الباري عطوان التي حملت عنوان " الطائفية أولاً .. التفتيت ثانياً " , علماً بأني لست ممن يحبون قراءة مقالات عطوان , و لكن عدداً من الأصدقاء السوريين و غير السوريين طلبوا مني ذلك لأرى بنفسي إلى أي مدى وصل المستوى لدى من يعتقدون أن كلامهم يجب أن يسطر بماء الذهب رغم أن بعضهم ما يزال يرتكب أخطاء نحوية و قواعدية ترتعد لها عظام سيبويه في قبره .
لست أدري ما الذي دعا عطوان إلى الزج في بداية كلمته بسيرة المناضلة العظيمة جميلة بو حيرد و الثورة الجزائرية التي لا جدال في كونها من أعظم الثورات في العالم ؟ هل هي محاولة لكسب التعاطف و التأييد لما سيقوله لاحقاً ؟ أم ليرسم خط مقارنة لا مجال لها هنا بين ما يحدث من ثورات الآن و الثورة الجزائرية رغم إختلاف الطبيعة و الظروف السياسية ؟ هل نسي عطوان أن ما قام به الجزائريون الأيطال هو حرب تحرير بالمعنى الصحيح ضد محتل استيطاني و ليس ثورة ضد حكام ديكتاتوريين يدعون أنهم من أهل الوطن , بينما البلاد و العباد منهم براء ؟
لم بقل أحد أبداً إن الأردن أو مصر أو تونس أو السعودية أولاً ... و في سورية قلنا الله .. سورية ( و نعني بها الوطن ) ... حرية و بس بدلاً من بشار و بس . فلا تسىء الفهم يا عطوان و لا تحاول أن تفسر كما يحلو لك و للبعض بغرض النيل من ثوراتنا المجيدة و أهدافها .
ثورات العرب لم تدع إلى الطائفية و أنت تعرف هذا تماماً ً , أما الحكام الطغاة فهم من يستخدم الطائفية في سبيل تثبيت حكمهم و لو أدى ذلك إلى جر البلاد إلى الهاوية و أنت تعلم ذلك جبدا . أما الهويتان الإسلامية و العربية فلم تتراجعا كلياً , كما تقول , لمصلحة هويات مناطقية و طائفية و مذهبية فلا تحاول التباكي على سورية لتتخذ من ذلك حجة لتقول إن سورية الجديدة ربما تكون نموذجاً مشوهاً للعراق الجديد ... و لست أدري بأي أذن سمعت و " بصوت عال " عن هوية علوية متحالفة مع هويات درزية و إسماعيلية و مسيحية و شيعية .. هل نسيت أم أنك تتناسى أن الثورة السورية قديماً و حديثاً ضمت و تضم حميع أطياف هذه التنسيقة الرائعة للحمة الشعب السوري بجميع فئاته ؟
مرة أخرى تعود يا عطوان للخلط بين المواقف في ليبيا و سورية و العراق متهما إياها جميعاً بالسعي للتفتت و التمزق ... و بالنسبة للخليج العربي و دوله , أراك تزعم أنه " يشعر " أنه مهدد إيرانياً .. عجيب أمرك يا هذا !!! هل هو مجرد شعور لا مبرر له ؟ ألم تسمع و ترى ما تقوم به طهران جهراً و علانية من إستفزازات ؟ ألا تقرأ و أنت صحفي تصريحات كبار المسؤولين في إيران و نهديداتهم لدول الخليج و المنطقة ؟ هل نسيت مقولتهم التي تدعي أن إيران انتصرت في بابا عمرو ؟ ...
لم الاستغراب يا عطوان ؟ هل الثورات العربية هي التي ستقود إلى تحالف مع إسرائيل ؟ أم أن الأنظمة العربية المهترئة الفاسدة التي ثارت عليها شعوبها هي المتحالفة قلباً و قالباً مع الغرب و إسرائيل و حتى مع الشياطين ؟
أنت لا تريد أصدقاءً لسورية أو الجزائر أو السعودية أو مصر إلا على الطريقة التي تعجبك و تستهويك , و ربما تريد الصداقة فقط مع إبران و روسيا و الصين رغم أن هذه البلدان كانت أول من باع من زعمت أنهم دول صديقة من العرب و غير العرب بأبخس الأثمان .
كيف استطعت أن تسمع با عبد الباري ما يحلو لك من فتاوى و تجاهلت الفتاوى ضد الحاكم الظالم و الاستقواء بروسيا و الصين و إيران على الشعوب المغلوبة على أمرها ؟ هات يا عطوان فتواك أنت لإخراج الحل الثالث الذي تقترحه إلى حيز الوجود !!! ما هي آليات طروحاتك ؟ و ما هي طرق و سبل تنفيذها ؟ التنظير و ارتداء ثوب الواعظ الناصح الأمين لا يكفي ... و بدل أن تعدد عيوب البيت العربي ... تفضل يالنزول إلى الساحة لترينا همتك و أفعالك بدل أقوالك ... و على قول المثل : " بدل ما تقول لها كش ... قوم و اكسر رجلها "
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية