بعد مرور عام كامل على الأحداث في سوريا لا بد للعاقل أن يقف و يتأمل و يحلل ما وصل إليه حال البلد ولا بد من سؤال أن يخطر بذهن الجميع لماذا يقتل السوريون بعضهم البعض ..؟
هل هي حالة عداء بين السوريين ..... ؟ و الكل يعرف أنه ليس هناك شيء من هذا القبيل فالجميع يعيش كأسرة واحدة ضمن الوطن يحترم معتقدات و عادات و سلوكيات الآخر و هذا ما سجله التاريخ منذ أكثر من ألف عام فقد كان تعايش السوريين النابع من موروث الشعب الاجتماعي و الديني و الأخلاقي مثلاً للتعايش الإنساني و هذا التوازن الداخلي أعطى مثالاً اقليمياً و حتى عالمياً و عندما بدأ هذا التوازن يضطرب داخلياً أصبحت انعكاساته الخارجية واضحة و جلية فنحن في هذا البلد لا بد أن نحافظ على هذا التوازن شئنا أم أبينا فلا يمكن لطائفة أن تلغي طائفة أخرى و لا حزب أن يلغي حزب آخر و خاصة أن التنوع الديموغرافي الذي نشأ عن هذا التعايش أفرز قرى و مدن متداخلة يصعب بها التمييز بين أفراد الشعب
من هنا تكمن خطورة ما يجري في سوريا فعندما بدأت أحداث امتدادات الربيع العربي خرج الناس للمطالبة بالتغيير حيث أن الظروف الداخلية السياسية في هذا البلد كما كل البلدان العربية متشابهة تقريباً و مهيأة للتغيير
إن خصوصية الوضع السوري و أماكن الاحتجاجات اعطتها تفسيراً
خاطئاً نجم عنه معالجة خاطئة و مع طول مدة الأزمة بدأت تعقيداتها تظهر و تتفاقم بشكل سريع ساهم فيها الإعلام بشكل سلبي جداً و قسم الشارع افتراضياً بين مؤيد و معارض و إذا كنا لا نعتب على الإعلام الخارجي الذي يبحث عن مادة إعلامية فإن الإعلام الداخلي انتهج تطرفاً فاقم المشكلة و خون بالمطلق الطرف الآخر مما ساهم بالتطرف و الابتعاد عن الواقعية و أخطر ما في هذه المشكلة و التي تهدد و جود الوطن بداية ظهور شرخ طائفي و تقاطع المصالح الخارجية بين الشرق و الغرب و الحرب الباردة و تضارب المصالح الإقتصادية حتى أصبح الشعب السوري سلعة لتصفية حسابات المنظومة العالمية و تراكماتها من هنا لزاماً علينا جميعاً نحن أبناء هذا الوطن و بعد أن عايشنا التجربة المريرة بكل قساوتها و سلبياتها و مع ايماننا أن التعايش السلمي بين أفراد الشعب حتمياً لابد منه شئنا أم أبينا و لا تتعامل بطريقة الغالب و المغلوب لأن هذه الطريقة لا تبني وطن يحترم أبناءه لأن الوطن يجب أن يكون للجميع و بالتساوي.

إن الأمن و الأمان لا يمكن تحقيقه إلا بإرادة شعبية حقيقية و إن سلب هذه الإرادة من أي فئة ستخل بالتوازن و الاستقرار و رب قائل يقول أن هذا التوصيف معروف إذًاً فهل نكتفي أن نعرف فقط...؟ أما آن الأوان للإنتقال إلى مرحلة العمل ....؟ و من يقوم بهذا العمل غير العقلاء و الحكماء و أصحاب العقول النيرة و المنفتحة و الغيورة أيضاً على مستقبل و مصلحة و استقرار الوطن معافى لأن الوطن أصبح بخطر شديد يتهدد الهوية و الوجود فكلما طالت الأزمة زادت تعقيداتها و ارتفع عدد الضحايا فكل نقطة دم تراق ورائها أم سورية تبكي . لذلك و حرصاً منا على تبني الأفكار من قبل الشريحة الواسعة من هذا البلد و ترجمتها إلى واقع ملموس يخفف من الإحتقان و التماس الأعذار للغير و يكون المدخل المنطقي إظهار النوايا الحسنة و الصادقة و نحن يقينا منا أنها موجودة و لكنها لا تجد طريقها للظهور فطبيعة شعبنا و أخلاقه يمكن أن تعالج أكبر الأزمات فأكبر المشاكل تبدو صغيرة أمام حسن النوايا فهذه المحنة يجب أن تزيدنا إصراراً و تعمق فينا
روح الوحدة الوطنية و التسامح و التصالح من أجل بناء وطناً تسوده العدالة الإجتماعية يتحمل فيه الجميع مسؤلياته الوطنية و تحفظ حقوق الجميع و نسف السلبيات القديمة كلها التي أدت إلى ما وصلنا إليه فهل نجد لهذه الصرخة آذان صاغية ؟؟؟ نرجوا التفاعل ....؟
والد شهيد من تلبيسة - حمص
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية