مضمون التساؤل هو: هل علينا أن نترك للمجرم الخائن الفرصة له ولعصابته، للإستمرار في تقتيله المواطنين الأبرياء إلى ما لا نهاية؟ أو أن علينا أن ننهي إجرام المجرم بأي ثمن ولو كان باغتياله وعصابته المجرمة؟
وهل من حقنا ترك المجرم الخائن وعصابته، يشربون كل يوم كأس انتصارهم على الشعب، ومزاودة بعضهم على بعض بمن قتل أكثر من المواطنين الأبرياء؟
إن الصراع بين النظام الأسدي، وبين أكثرية الشعب الساحقة قائم فعلا حالياً، وفي هذا الصراع علينا أن نقارن بين إمكانيات المجابهة القائمة بين النظام وبين الشعب!
قبل أن ندخل في تحليل الصراع وإمكانيات طرفيه، أرى من الواجب بيان وبرهان أن النظام الأسدي "الأب والإبن" هو نظامٌ خائن عميل لإسرائيل بالمطلق المؤكد من عشرات الوقائع أذكر فيما يلي أهمها:
• في عدوان وحرب إسرائيل على سورية في عام 1967 قام وزير الدفاع حافظ الأسد "آنئذٍ" بتسليم "الجولان السوري" تسليما، مانعا أي قتال بين الجيشين السوري والإسرائيلي لصدّ الهجوم الإسرائيلي، حيث أعلن سقوط الجولان قبل يومين كاملين من دخول أي جندي إسرائيلي واحد الأرض السورية، وحيث وجّه أوامره للجيش السوري بالإنسحاب "الكيفي" الفوري من الجولان، مانعا الجيش من الدفاع عن الوطن، وهي مهمته الأساسية! (في هذه النقصة قصة أرويها بنهاية المقال، أرجو الإطلاع عليها!)
• ثم كرر حافظ الأسد خيانته ذاتها، بالقيام في حرب 1973 بتوجيه "المرحوم" العميد عمر الأبرش الذي كان قائد تحرير الجولان، وفقا للإتفاق مع السادات آنئذٍ، للتراجع عن الأراضي التي حررها – وهي جميع منطقة الجولان حتى بحيرة طبرية، ومرتفعات جبل الشيخ، ولما رفض العميد الأبرش ذلك،، قام أحد أنصار الأسد بقتله زاعما انتحاره!!! ( وهل ينتحر من انتصر على عدوّ بلاده وحرر المحتل من أراضيها؟) وعاد بالجيش إلى حدود الإحتلال الحالية!
• امتنع الخائن بشار الأسد عن تحرير الجولان في مناسبتين ذهبيتين كانت كلّ منهما كافية لتحقق نصرا سريعا أكيداً وغير مكلف:
o في عام 2006، حين هزم حزب الله منفردا الجيش الإسرائيلي في عدوانه على لبنان، محققا الهزيمة الأولى للجيش الإسرائيلي، والتي انتهت بفقدانه معنوياته كاملة آنئذٍ، وفقا لتصريح واعتراف السلطات الإسرائيلية ذاتها! لم يقم الخائن بشار الأسد بتوجيه الجيش السوري – وقوته أعظم من قوة حزب الله بعشرات المرات – لتحرير الجولان الذي كان يُمكن أن يتم خلال يوم واحد، نتيجة هزيمة الجيش الإسرائيلي وفقدانه معنوياته القتالية! ومن المعروف أن جيشا فاقدٌ لمعنوياته لايستطيع القتال وتحقيق أي نصر ولو على كتيبة واحدة!!
o في نهاية عام 2008، قام جميع الجيش الإسرائيلي: العامل والمجند والإحتياطي، بمهاجمة غزة لإنهاء حماس، وحيث لم يكن هناك أية قوات إسرائيلية كافيه في الجولان لإيقاف أي هجوم سوري لتحرير الجولان، بل وما بعد الجولان! واكتفى الخائن بشار الأسد بدعوة الجامعة العربية لمناقشة العدوان الإسرائيلي على غزة، وهو ما استنزف شهرا كاملا، لم يخرج إلاّ عن إدانة الهجوم الإسرائيلي!!! ولم يتمكن الجيش الإسرائيلي من تحقيق النصر على حماس، وكان من الممكن تحقيق نصر للجيش السوري لتحرير الجولان حينئذٍ خلال ساعات فقط!
نعود إلى تحليل الصراع الحالي بين بشار الأسد وعصابته، وبين الشعب السوري والقوات المنشقة على نظام الخائن بشار الأسد
1. النظام
• تُسخّر قيادة النظام كامل الجيش العربي السوري، لقتال الشعب، بهدف تحقيق الإنتصار على الشعب، وإخماد ثورته، ولتحقيق استمرار تسلط قيادة النظام الأسدية على الحكم في سورية!
• الجيش السوري والمسخّر من قبل النظام ضد جماهير متظاهري الشعب بخيانة مُطلقة، يزيد تعداده عن نصف مليون عسكري مسلحين بالدبابات والمدافع والصواريخ وطائرات الهليوكوبتر، وهي الأسلحة التي تستخدمها قيادة النظام ضد جماهير المتظاهرين من الشعب الأعزل من أي سلاح إطلاقا!
2. الشعب عامة، ومتظاهريه خاصة في جميع انحاء سورية
إن المتظاهرين، وأفراد الشعب وعائلاتهم وأطفالهم المختبئين في بيوتهم، لا يملكون أي سلاح مما تملكه سلطة النظام، وهم جميعا لم يستخدموا أي سلاح ولا حتى السلاح الخفيف! وقد استمر هذا لعدّة شهور حتى بدأت إنشقاقات بعض قوى الجيش الشريفة المخلصة وطنيا وقوميا، الذين استشعروا مسؤوليتهم الوطنية مع شعبهم، واستشعروا إفراط النظام في تقتيله الإجرامي لمواطنيهم، بل ولجوء النظام لقصف المُدن والبيوت على رؤوس سكّانها الآمنين بما فيهم الأطفال والنساء والعجزة وكبار السن ممن لا تسمح لهم ظروفهم الحياتية بالمشاركة في أي تظاهرة دستورية شريفة، فانشقت القوى الوطنية الشريفة في الجيش عن السلطة الأسدية وانضمت للشعب لحماية المتظاهرين العزّل، والمواطنين المختبئين في بيوتهم، أو العاملين على الفرار من البلاد إلى بلاد مجاورة! وهؤلاء أيضا لا يملكون من السلاح إلاّ البنادق والمسدسات الفردية، وهذه لا يُمكن مقارنتها مع الأسلحة الثقيلة المذكورة التي يملكها جيش النظام، ويستخدمها ضد الشعب بلا أدنى شعور بالمسؤولية الإنسانية والوطنية والسياسية المفترضة على السلطة الرسمية وأفرادها!
ضمن المعادلة المذكورة للقدرات التسليحية لطرفي الصراع، ونتيجة للتباين الصارخ بين تسليح وقدرة كلٍّ من طرفيه، نتبين كيف أن قوات النظام تمكنت حتى الآن من قتل أكثر من أحد عشر ألف مواطن متظاهر بريء، وهدّمت نسبة كبيرة من مدينة حمص خاصة، فضلا عن احياء بكاملها من مدن سورية الأخرى، بينما لم تقتل قوات الجيش الحر إلا بضع مئات من أخوانهم في الجيش، مضطرّين اضطرارا للدفاع عن شعبهم ووطنهم، وهي المسؤولية الأساسية الأولى للجيش! كلّ جيشٍ في العالم!
وفي تقييم هذا الوضع نصل إلى النتائج التالية:
• إن ثورة الشعب هي ثورة حقّ كامل، وليست ثورة مزاجية، أو تصارع أحزاب مُعارضة ضد السلطة، وإنما هي نتيجة وصول أحوال الشعب السياسية والإقتصادية والمعيشية إلى طريق مسدود لا أمل فيه بأي إصلاح إطلاقا من سلطة لا ترى إلاّ مصالحها الفاسدة، وشهوة التسلط المُطلق على البلاد وشعبها!
• إن النظام تمادى، ولازال يتمادى في نهب خزينة الدولة بعقود فساد أصبحت حتى حديث الصحف والمواقع الموالية للنظام! ثم تمادى إلى سرقة ونهب أموال المواطنين الخاصة، عن طريق سلسلة تخفيضات سعر العملة السورية بالقيام بطبع المليارات منها دون غطاءٍ مكافىء من الذهب، مما انعكس سرقة حقيقية متواصلة لأموال جميع المواطنين، سواء كانت نقدا أو في البنوك، كما انعكس تخفيضا حقيقيا في رواتب وأجور جميع الموظفين والعمال في الدولة والقطاعين العام والخاص، وهو ما انعكس بالتالي وبالضرورة العلمية المالية، غلاء متصاعدا بديمومة متواصلة، وبما أصبح فوق القدرات المعيشية لأكثرية المواطنين ! وتسبب في انخفاض مستوى الدخل والمعيشة للأكثرية الساحقة من المواطنين، ولدرجة انحدر المستوى المعيشي للشعب السوري إلى أقل من 30% عما كانت قبل العهد الحالي!
• إن النظام يتمادى يوما بعد يوم في قتل المواطنين: متظاهرين، وآمنين في بيوتهم، وذلك بإطلاق مدفعية الدبابات والصواريخ على المدن وسكانها – حمص وحماة خاصة - وهذا آخر ما توصل إليه إجرام النظام في عدائه مع الشعب! وهو ما لا يسلكه أي نظام في العالم ضد شعبه، وحتى وصلت مدينة حمص خاصة إلى ما يُشبه مدينة خراب شامل!
لنتفكر في المعادلة المذكورة عبر التساؤلات التالية:
هل على الشعب أن يستمر في مظاهراته الدستورية، مقدّما يوميا مئات الضحايا؟ أو عليه أن ينكفئ ويتراجع أمام جبروت وسلاح النظام ضده، غير المُتكافئ على الإطلاق مع ما يملكه الشعب والجيش الشعبي الحر من سلاح؟
وإذا لم يتراجع الشعب، فهل يُمكنه تحقيق النصر بسلاحه البسيط والخفيف والقليل جدا، على السلطة المُسلحة بجميع الأسلحة الثقيلة؟
وهل إذا تراجع الشعب ستكون النتيجة عودة النظام عن فجوره، وخيانته الوطنية والقومية، وفساده، ولصوصيته، وتخريبه الشامل، وعدم قيامه بأي تنميةٍ تُساعد على امتصاص ولو جزء من البطالة التي تتفاقم كل يوم؟
أظن أن الجواب بالإجماع سيكون لا، بالطبع! لماذا؟ لأن النظام بعد تماديه في الفساد والتسلط والظلم طيلة أحد عشر عاما متواصلة، تمادى أكثر فأكثر إلى تقتيل الشعب، وبأعداد مُخيفة، وبالتالي فهوالآن في قمّة صراع مُسلح قائم مع الشعب منذ ما يزيد عن سنة كاملة وشهر حتى الآن! وإذا انتصر على الشعب، فسوف يكون الإنتقام الكبير من الشعب في جميع المدن السورية، بهدف تلقين جميع الشعب درسا كافيا كي لا يكرر أي ثورة أُخرى لعقود قادمة!
وعندما يتراجع الشعب منهزما، فستكون عاقبته المؤكدة هي عاقبة كل خصم تراجع وانهزم أمام خصمه، ألا وهو المزيد والمزيد من القتل والإرهاب والفساد والإستهتار بالدستور والقوانين والنهب لأموال الشعب وثروات الوطن! وهذا هو التاريخ يحدثنا بمآلات جميع القوى المهزومة أمام أعدائها! فكيف إذا تحقق للنظام الفاسد أصلاً النصر، وهو على ما هو عليه من فساد أخلاقي وإئتماني، وعدم شعور بالمسؤولية تجاه الشعب والوطن بالمُطلق، وتجاه مهامه الدستورية المفترضة، والتي وضعها تحت أقدامه بشكل متزايد طيلة حكمه الفاشل والفاسد والمُخرب والمعادي للشعب ومصالحه الحيوية!
طيّب، وبعد كل ماجرى، ما هو السبيل للخلاص من النظام، واستمرار حكمه وتسلطه وفساده وتقتيله الفاضح المُتزايد يوما بعد يوم ؟
في الحروب التي ابتدعها الإنسان هناك أسلوب صراع معروف عالميا وتاريخياً، ألا وهو أسلوب "اغتيال قيادات الخصم" وفي ظل عدم التكافئ الكبير جدا بين تسليح جيش الدولة، وبين تسليح بعض أفراد الشعب والجيش الحر، فربما كان هذا الأسلوب " العمل الجاد لاغتيال رموز النظام على أوسع قدر ومساحة ممكنة" هو الأسلوب الوحيد الذي يحقق النصر للشعب العربي السوري، للخلاص من النظام الفاسد وإجرامه الحالي، وإجرامه الأفظع المتوقع من الحالي في حال تراجع الثورة وسكونها واستسلامها، وتحقيق النظام الفاسد للنصر العسكري على الشعب وثورته! وانظروا إلى صورة قائد الحرس الجمهوري المبهور بإنجاز قواته بتدمير باب عمرو والذي قام – ولا يزال يقوم – بقصف مدينة حمص، وكيف يبدو متشفيا مسرورا مما ارتكبت يداه ونفسيته الحاقدة! http://all4syria.info/web/archives/59823
ميزات أسلوب الإغتيال عن المجابهة في حال تناقض وعدم مساواة طرفي الصراع، وهذا هو حال ثورة الشعب السوري الحالية!
1. يحقق اللجوء لأسلوب اغتيال رموز النظام فائدتين:
a. بعد فترة قصيرة من عمليات إغتيال ناجحة، يتعرض رموز النظام إلى حالة رعب متصاعدة يوميا، من احتمال إغتيال كلٍّ منهم بذاته! ولما كان كلأٌّ من مُعظمهم – أو جميعهم في الواقع – قد نهب الملايين والمليارات وأودعوها في بنوك أجنبية، ولما كان جميع رموز النظام والمتعاونين معهم إطلاقاً، لا يحكمون خدمة لوطنهم وشعبهم، وإنما للقيام بما قاموا به فعلا من نهب متواصل طية العهد الحالي، فستقف أمام كل واحد منهم معادلة جديدة و مناقشة بين أحد أمرين:
i. البقاء في البلاد والسلطة، مع احتمال الإغتيال في أي يوم أو حتى في أي ساعة!
ii. مغادرة البلاد، وعائلاتهم إلى حيث يُمكنهم الإعتماد على الأموال المنهوبة، للعيش برخاء وأمان وسلام بعيدا عن الإغتيال والموت الذي لآ أظنهم يحبونه إطلاقا!
b. إن النظام سيبدأ بالتفكك بعد هروب الأعداد الأولى من رموزه، وستتضخم حالات الرعب الدافع للهرب باستمرار كلّما فر أحدهم أو بعضهم، وهذا ما سيؤدي إلى سقوط النظام أخيراً، خاصة إذا تمكنت قوى الشعب المناضلة، وقوات الجيش الشعبي الحر، من إنزال ضربات إغتيال قوية كافية ومستمرة يوميا برموز النظام!
2. توفير حياة آلاف أُخرى – وربما عشرات أو مئات الآلاف- من المواطنين الأبرياء من القتل الأسدي المجرم. وصحيح ان النظام سيُجنّ نتيجة الإغتيالات، ولكنه لن يجد أمامه مظاهرات لإِعمال القتل في أفرادها، كما وأن استمرار النظام بقصف المدن، سيجعل وضعه العربي والدولي أكثر صعوبة بكثير من المرحلة السابقة! وينقله إلى حالة "سلوبودان ميلوشفتش" رئيس يوغوسلافيا السابق التي قامت القوات الدولية بإعتقاله ونقله إلى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي حيث انتحر، غير مأسوف عليه!
من لا يزال لا يصدق هذه النتيجة فلينظر في صورة بشار الأسد الحالية التي نشرتها "كلنا شركاء" يوم الإثنين 16/04/2002 تحت عنوان [بشار يصطحب اسماء وفق توصية لونا الشبل للمشاركة بتعبئة سلل غذائية] والتي يبدو فيها بوضوح خوفه بل رعبه الفظيع من أية عملية اغتيال محتملة تُطيح به وبحياته، ولننظر إلى تشتته، ونظره الزائع المُعبر عن الرعب الفاضح! http://all4syria.info/web/archives/61397
وذلك رغم أن مُعظم من يُحيطون به هم، من رجال الأمن والمخابرات المرتدين ألبسة مدنية، كالعادة !!
نتائج النقاش:
1. إن تناقض مستوى تسليح كل من الشعب والجيش الحر من جهة، والسلطة الأسدية المتحكمة في سلاح جميع الجيش العامل، والتي تُمارس القتل اليومي بدون أي شعور بالمسؤولية السياسة والوطنية، بل والمسؤولية الرسمية تجاه العالم أجمع، يدفع بالفريق الأضعف تسليحا، وهو الشعب، والجيش الوطني الحر، إلى البحث عن سلاح فعّال يُمكنه من تجنب الهزيمة، ومن ثم تحقيق النصر – نصر القوة الأضعف تسليحا وهي الشعب، على القوة الأقوى والأفعل تسليحا وهو النظام الأسدي!
2. إن اللجوء لأسلوب الإغتيال واسع النطاق ضد رموز النظام وأنصاره، يحقق انعكاس المعادلة القائمة حالياً، وإضعاف فعّال وسريع للنظام ورموزه يدفعهم إلى الخوف الحقيقي والهرب خارج البلاد! ويُشجعهم على ذلك، توفّر مبالغ مالية هائلة من أموال نهب خزينة الدولة في عقود الفساد المشهورة – بالملايين أو المليارات – لأكثرهم في البنوك الأجنبية!
3. إن النصر المطلوب للشعب، هو نصرٌ سامٍ شريف وحقٌّ مُؤكد للشعب على سلطة فاسدة متسلطة وخائنة لا تُمثل الشعب إطلاقا، ولا يريدها شعبها! وهو ما يستحق لتحقيقه اللجوء لأي وسيلة، وإن أهونها وأقلها خطرا على البلاد وشعبها، هو أسلوب إغتيال رموز النظام وأنصاره دون تردد، وبعمليات واسعة النطاق، تحقق النصر السريع المرغوب!
هل من حقنا أن نُطالب ونعمل على اغتيال رموز النظام الأسدي الخائن؟
المهندس سعد الله جبري
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية