أولاً : أبدأ بتساؤل أساسي في تنظيم الدولة – كلّ دولة في العالم – وهو : أليس المفترض أن قيادة الدولة – وهي ما يُسمى في سوريا بالنظام – هي تمثيل الشعب بأكثريته؟
وأستكمل هل يُمثل النظام الأسدي – الأب سابقا والإبن حاليا – أكثرية الشعب السوري؟
وأسمح لنفسي بالإجابة بالقول: أليس في استمرار ثورة الشعب السوري طيلة ثلاثة عشر شهرا متواصلة، إلاّ تعبير عن موقفه الرافض للنظام الأسدي المتسلط، وحيث جابه الأسد شعبه بمحاربته حربا حقيقية مستمرة لأكثر من سنة، دون أن يتمكن من قهر وهزيمة الشعب، ودون أن يتمكن من فرض سلطته قهرا على الشعب - رغم استعماله جميع قواته الأمنية والعسكرية ضد الشعب – وأن هذا برهان كافٍ على أن النظام لا يُمثل الشعب؟ باستثناء أقلية تافهة من رموز الفساد المستفيدين دون أكثرية الشعب من النظام وفساده الشامل!
وأُتبعه بتساؤل ثاني بالقول إذا كان زعم النظام بأنه يُمثل الشعب، فلماذا لم يقم خلال ثلاثة عشر شهرا متواصلة باستفتاء دستوري للشعب، فيما إذا كان الشعب يريد إسقاط النظام أو استمراره في الحكم، وفي هذا الحكم الفيصل – السلمي والدستوري – في معالجة الأزمة؟ (للأسف لم يتجه كوفي عنان بهذا الإتجاه حتى الآن، رغم أنه الحل الديموقراطي الدستوري الوحيد لمعالجة الأزمة السورية!)
إن امتناع النظام عن القيام باستفتاء يعلم سلفا نتيجته، واتّبع بدلا منه عكس ذلك، وهو القيام بقتال شعبه قتالا مريرا تدميريا تقتيليا لفرض استمرار سلطته غير الدستورية فرضا، هو أمرٌ مخالف لطبيعة كل نظام في العالم – عدا النظام السوري الأسدي بالطبع - وهو البرهان على عدم مشروعيته كنظام حاكم، وعدم مشروعية سياساته جميعا تجاه الشعب وإرادته، وهو بالذات ما أدى لنشوب ثورة الشعب الرافضة لتسلط النظام الأسدي على سوريا وشعبها!
وأُتبعه بتساؤل ثالث، هل يحق لأي نظام في العالم، وبالتالي النظام السوري، أن يقوم بقتل المتظاهرين سلميا طيلة عدة أشهر لمجرد إبداء الرأي والمُطالبة الدستورية، مما اضطر الشعب السوري بعد أشهرٍ من التقتيل الإجرامي إلى التسلح للدفاع عن نفسه، بل وحتى اضطر قسم من الجيش للإنشقاق عن النظام ليقوم بالدفاع عن الشعب ضد إجرام النظام بتقتيل الشعب وتهديم أبنيته ومدنه؟
وأتبعه بتساؤل رابع وهو : أليس مهمة قيادة كل دولة في العالم العمل على خدمة شعبها سياسيا وإقتصاديا وإنمائيا ومعيشيا، والدفاع عنه وعن أرضه، واسترجاع ما هو محتل من أراضيه؟
فهل فعل النظام الأسدي أيّ شيءٍ مما ذُكر من واجبات دستورية إطلاقاً؟ أم أنه فعلا فعل عكس ذلك 100% ، وهذا ما أفقده كلّ مشروعية للإستمرار في الحكم؟؟
ولنراجع ما فعله النظام في خدمة شعبه – وأقتصرُ على النظام في عهده الحالي اختصارا:
1. سياسيا: إن مهمة كل نظام حكم في العالم هي إتاحة الحريات الدستورية للشعب لممارسة النشاط السياسي، تهيئة لانتخاب قيادة الدولة دوريا كل بضعة سنوات، فهل فعل النظام الأسدي شيئا من ذلك، أو فعل العكس تماما، وذلك بقيامه باعتقال كلّ من تجرأ على مجرد التعبير عن رأيه بما يُخالف تسلط الحكم الأسدي على البلاد وشعبها! أما اضطرار الشعب للقيام بالتظاهرات الدستورية، فقد قابله بالقتل الفردي والجماعي للمواطنين، وحتى تجاوز عدد ضحايا التقتيل الأسدي الأحد عشر ألف مواطن شهيد حتى الآن، وكل ذنبهم حصرا هي المشاركة في مظاهرات دستورية سلمية للتعبير عن الرأي، وعن رفض استمرار النظام وفساده وإجرامه وتقتيله وخياناته!
2. ارتكابات الفساد الهائل: شكّلت ارتكابات رموز النظام – وأقربائه وشركاهم - لأفظع فساد مالي في تاريخ العالم تجلّى بنهب مُعظم خزينة الدولة طيلة العهد الحالي من خلال عقود فساد فظيعة وشبه وهمية استنزفت خزينة الدولة طيلة العهد الحالي وحتى عجزت الحكومة حتى عن دفع الرواتب والنفقات الثابتة، مما اضطرها للقيام بسلسلة طباعات أوراق نقدية بلا غطاء قانوني ورصيد ذهبي مُعادل، وهو ما أدى لانخفاض سعر الليرة إلى أقلّ من 30% من سعرها قبل العهد، وهو ما تسبب بنتائج كارثية إقتصادية ومعيشية تجلت في غلاء فاحش متتالٍ، وانخفاض الدخل والرواتب والأجور جميعا إلى أقل من 30% مما كانت عليه قبل العهد الحالي! فضلا عن كونه بذاته سرقة من مالية كل مواطن إطلاقا بنسب 70% من أمواله الخاصة، نهبها جميعا بشار الأسد وأقربائه!
3. إنمائيا: بالنظر لفراغ خزينة الدولة سنويا طيلة العهد نتيجة نهبها من خلال عقود الفساد شبه الوهمية، فلقد عجز النظام عن القيام بأي مشروع إنمائي أو خدماتي إطلاقا طيلة العهد رغم أن هناك في جميع الموازنات السنوية، فصل خاص للموازنة الإنمائية التي ينفذ منها أي شيء إطلاقا طيلة سنوات العهد!
ومن جهة أُخرى فلقد تسببت محاولات تسلط رموز الفساد من سياسيين وعسكريين، على بعضِ رجال الأعمال والصناعة الشرفاء، الذين وثقوا بالنظام في سنواته الأولى وحاولوا العمل لبناء مصانع جديدة في سورية، فجوبهوا بطلبات بعض رموز الفساد لتسجيل نسبة تتراوح بين 25% إلى 50% من المصنع بإسم – صاحب الدور من المسؤولين المذكورين - مقابل قيامه بتسهيل الترخيص القانوني للمشروع، وإلا فلا ترخيص ولا مشروع ولا مصنع جديد، وهكذا تراجع رجال الأعمال، وخاصة منهم المغتربين من أصحاب رؤوس الأموال الذي كانوا يرغبون ببناء تنمية صناعية في وطنهم، فعادوا إلى الإستمرار في التنمية والبناء في البلاد الأجنبية التي هربوا إليها على عهد الأسد الأب ونظامه الإجرامي اللصوصي الفاسد!
4. اقتصاديا ومعيشيا: تسبب توقف التنمية الكامل بتراجع إقتصادي شامل تجلى في تراجع التصدير، وتضخم الإستيراد، وهو ما ساهم تدريجيا في تخفيض قيمة العملة السورية – إضافة إلى عمليات الطبع غير القانونية لأوراق العملة بدون غطاء- كما تسبب بأزمتين معيشيتين فظيعتين :
a. خلق البطالة، وتضخمها السنوي المتواصل، وذلك لعدم وجود مشاريع تنموية وخدماتية تستوعب الأجيال التي بلغت سن العمل، دون أن يجده إلاّ أقلية قليلة هي غالبا من المدعومين من أزلام النظام!
b. تفاقم الغلاء دون توقف – مترافقا بشكلٍ طبيعي وتلقائي مع انخفاض قيمة والقوة الشرائية للعملة السورية – وهذا ما تسبب في انخفاض مستوى معيشة الشعب، حتى انخفضت قدرات أكثرية الشعب دون مستوى المعيشة الطبيعي للمواطنين السوريين!
ولعل كثيرٌ من المتظاهرين المُطالبين بإسقاط النظام، كان من جيوش المواطنين العاطلين عن العمل دون توفّر أمل لأي منهم في أي انفراج للأزمة المذكورة!
ثانيا: من العرف المتعارف عليه دوليا، والذي صيغ بقوانين في سورية وجميع بلاد العالم أن:
• من يسرق فهو مجرم!
• ومن يقتل إنسانا واحداً – أو أكثر - فهو مجرم!
• ومن يتعامل مع عدو بلاده فهو مجرم خائن!
ولقد سرق بشار الأسد، وأتاح لأقاربه السرقة فسرقوا معظم خزينة الدولة إضافة ل 70% من أموال مواطنيه، فهو بالتالي مجرم سارق!
ولقد أوقف بشار الأسد التنمية في بلاده، فخلق وفاقم البطالة والغلاء إلى حدودٍ لم تعرفها سورية وشعبها ! وهذا أفظع أنواع جرائم التخريب الوطني!!
ولقد قتل بشار الأسد مواطنيه، حتى تجاوز عدد قتلاه الأحد عشر ألف مواطن بريء! فهو بالتالي مجرم قاتل للآلاف من مواطنيه ظلما وعدوانا وإجراما بحتاً!
إن الدستور الذي يحكم بموجبه بشار الأسد لا يُتيح له - ولا لأي حاكم في العالم - قتل ولو مواطن واحد، إلاّ بموجب حكمٍ قضائي جزاء لجريمة ثابتة، وأحكام وإجراءات قضائية معروفة! إلاّ إن بشار الأسد قتل وأعوانه أكثر من أحد عشر ألف مواطن بريء دون حكمٍ قضائي إطلاقا، وبالتالي فبشار الأسد هو مجرد مجرم قاتل! لا يجوز له الإستمرار في منصبه مهما كانت الظروف، بل يجب دستوريا محاكمته وتنفيذ عقوبة حكم القتل به، والمعروفة في سورية، والعالم أجمع!
ولقد خان بشار الأسد وطنه، فامتنع عن تحرير جزء محتل من بلاده وهو الجولان، بل أعلن صراحة استعداده للإعتراف والتطبيع مع إسرائيل والتعامل معها كأي دولة في العالم!
فكيف للشعب العربي السوري أن يقبل أن يكون رئيسه مجرمٌ، سارقٌ، فاسدٌ، قاتلٌ لمواطنيه، خائنٌ لوطنه وعروبته؟ بل هو مجرمٌ متعدد الإجرام !
ولنتساءل بشار الأسد – وأعوانه - تساؤلات أساسية بعد إدراك أبعاد سياساته وتصرفاته وارتكاباته الإجرامية بحق الوطن والشعب:
من أنت يا بشار الأسد؟
من الذي حكّمك – وأبيه الخائن من قبلك – على سورية وشعبها؟
هل هو حكمٌ إلهي نزل في أحد كتب الله، يحكم بتنصيبكم رؤساء على سورية مدى الحياة؟ ونحن لا نعرفه؟
أم هو نتيجة انتخاب ديموقراطي شعبي مشروع: نزيه وأمين، قام به الشعب بحرية، بناء على وعود دستورية قمت بتنفيذها جميعا، فأثبت بها شرعية استمرار حكمك وتسلطك؟
أم هو – في الحقيقة - إرادة إسرائيلية نصّبت أبيك من قبلك حاكما مدى الحياة على سورية بعدما سلّمها الجولان دون أي قتال عام 1967 - ثم سلمها إياه ثانية في عام 1973 بعدما حررها الجيش السوري بقيادة العميد عمر الأبرش؟ - فحقق لها أبوك أمنها وسلامتها، وخرّب لها أحد أهم أعدائها : سياسيا واقتصاديا ومعيشيا وأخلاقيا، وهذا كله لحساب إسرائيل، دون أي دولة أُخرى في العالم!
وهل أنت إلاّ امتداد لسلطة أبيك العاملة في خدمة إسرائيل وأمنها ..؟ وتخريب سورية واقتصادها ومعيشة وحرية شعبها لحساب إسرائيل بالذات، دون أيّ دولةٍ أُخرى؟
وهل كان لأبيك المشروعية للتسلط على الحكم في سورية لولا الدعم الإسرائيلي الواضح الفاضح الذي تتمتع به أنت الآن، وأبيك من قبلك منذ عام 1970؟ والذي أرغمت إسرائيل جميع دول العالم العظمى – وبالتالي الأصغر – على الإعتراف بسلطته رغم أنها نتيجة مجرد انقلاب عسكري غير مشروع؟
ألم تحقق أنت – وأبيك من قبلك – لإسرائيل أعظم ما ترجوه دولة لدولةٍ عدوّة لها، من تخريب تنميتها واقتصادها وصناعتها وزراعتها ومعيشة شعبها لدرجة إفقاره أفظع الإفقار، ونشر البطالة والغلاء والفساد في أرجائه؟ ولنتفكر في هذه النقطة: هل يفعل ذلك إلا عميل خائن لدولة هي ضد وطنه وشعبه؟
ولنتفكر بما فعلته أنت وأبيك في سورية من زرع وخلق وتنمية طائفية لم تعرفها سوريا وشعبها في تاريخها، وذلك عن طريق التمييز الفاضح في الوظائف الأمنية والقيادية العسكرية، وحصرها بطائفته دون طوائف الشعب عامة؟
بشار الأسد:
أقول لك، إستقل وارحل فورا قبل أن يلتف حبل المشنقة حول رقبتك، وهو ما أراه واضحا أكيدا لا شك في حصوله، مهما فعلت وجاهدت للهروب من مصير حتمي ينتظرك قريبا جدا!
الشعب العربي السوري والنظام الأسدي المُتسلط
المهندس سعد الله جبري
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية