أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

ثورة المفاجآت ... عبدالحميدالشدة

أول من تفاجأ بثورة الحرية كان الشعب السوري نفسه الذي رأى شبابه وأطفاله يحطّمون أصنام الذل والإستعباد ويكسّرون جدار الخوف الذي بنته عصابة الأسد خلال نصف قرن. وبعدها فاجأ الشعب السوري العالم بشجاعته وبطولاته وثباته التي ستسجل في التاريخ. سوريو المهجر تلاحموا مع أهلهم وفاجأوونا بمحاولتهم التنظم والإغاثة وهم الذين كانوا لايتجمعوا مع بعضهم حذراً ويأساً. وكانت ردة فعل البلاد العربية قمة في الخذلان حيث لعبت الجامعة العربية دوراً في تمديد عمر النظام من خلال المهل والمراقبين وخدمت جلّ خدمة من يريدون الحفاظ على الأسد. والشعوب العربية التي كان الشعب السوري دائماً في صفها لم تتحرك جدياً لنجدته. في التاريخ الحديث لم نرى إجماعاً في المجتمع الدولي على قضية سياسية مثل قضية إبقاء الأسد في الحكم، إن كان عن طريق مساعدته أو عن طريق منع مقاومته بشكل فعّال. ومن مفاجآت الثورة السورية أنها فضحت للعيان كذبة مقاومة وممانعة الأسد ونظامه لإسرائيل وعرّت النظام الإيراني وحزب الله وبعض الفصائل الفلسطينية والذين يستخدمون تحرير فلسطين كمطية للسيطرة والهيمنة على المنطقة. الثورة السورية قدمت للتاريخ تحليلاً صادقا لمسألة كان المؤرخون قد يعجزون عن تفسيرها. إن كانت الأمم المتحدة ليست سوى أداة للدول العظمى وتقاعسها لايفاجئ أحد، فإن مما يثير الملاحظة أن كل منظمات حقوق الإنسان الحكومية وغير الحكومية وخلال أكثر من سنة من القتل والتعذيب والجرائم ضد الإنسانية لم تقم أو لم تستطع القيام بإنقاذ سوري واحد أو حمايته من البطش. إننا لم نكن نتوقع أبداً أن العالم سيقبل بمحاصرة بلد كامل بدون صحفيين أو شهود مما حول الكثير من شبابنا إلى صحفيين ومراسلي حرب. وبقدر مافاجأنا هذا التضامن الرائع بين جزء كبير من السوريين بعد عقود من التفكك والفساد بقدر ماصدمنا بعض التكتل الطائفي حول العصابة الأسدية بطريقة تناقض كل مبادئ الوطنية والإنتماء إلى بلد واحد وهذا سيضع مسألة التعايش المشترك على محك صعب. الشئ الذي لم يعد مفاجأة هو السقوط الكامل للأسد وعصاباته المجرمة لأن كل الدلائل تؤكد هذه النهاية.

 حقوقي .

(127)    هل أعجبتك المقالة (98)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي