" تحتفل جماهير الأمة بمولد بعثها، وعبرت الجماهير عن ولاءها وحبها للقائد الأبدي حافظ الأسد"... هكذا كان تلفزيون سوريا يستهل الكذبة الكبرى كل عام... دونما تعريف لجماهير الأمة تلك التي تحتفي وتعلن ولاءها... وهكذا على مدار سنوات ظل السوري والعربي أسيرا لطغمة فاسدة تظن أن "الأمة" مختزلة في بعثيي سوريا وموريتانيا وبعثيي الأردن ( جناح البعث السوري)...
في خضم الثورة السورية، ذهب البعثي الجديد، الوريث لأبيه لكل المناصب والمقالب التاريخية في إضافة علنية ووقحة، وقاحة تغريم قائد مذبحة كفر قاسم بأغورة واحدة، بارتكاب مذابح ومجازر تفوق دير ياسين وقانا بحق الشعب السوري ومكافئات ببيوت وسيارات ونهب وأراض... تماما على النهج الصهيوني الذي يدعي هذا "البعثي الجديد" محاربته لها...
الوقاحة المرتكبة إعلاميا، أن يخصص "التلفزيون العربي السوري" يوم السبت 7 أبريل/ نيسان شاشته للاحتفاء ببعث الأمة والعرب الذين لم يبقى واحد من هؤلاء المحتفين بدءا من اليوسف في الجامعة العربية ومرورا ببشار الجعفري ومحللي الفضائيات المتآمرة وحتى أصغر شبيح في ساحة السبع بحرات وسط دمشق المباحة فقط للشبيحة.
لما أسميها وقاحة واستخفاف بالعقول؟
لم يمض وقت طويل حتى تناسى هؤلاء "دستورهم" الذي عدلوه... وصوتت عليه "الجماهير" التي أربكت مذيعي القنوات السورية وهم "يتبلكمون بالتأتأة" حين لم يعرفوا بماذا يجيبون عن سؤال: هل قرأت الدستور الجديد؟ وما الذي لفت انتباهك؟... فتم شطب المادة 8 منه ولكن كما العادة على الورق للضحك على البشر والذات.... فلم يعد حزب البعث قائد الدولة والمجتمع، لكنه بقي رغم أنف "العصابات المسلحة"!
إن زمن "حزمة الإصلاحات" الذي يترافق مع تدمير منهجي لحمص وريفها وحماة وريفها وريف دمشق وحلب وإدلب هو زمن آخر غير الزمن الذي يظن قدري جميل وأمثاله من كتاب وأدعياء معارضة " من شيوعيين رأسماليين إلى مستكتبين بالكلمات وأصحاب لحى التلفيق والشالات الحمراء"...
في السابق كانت الملايين تُنزل إلى الشوارع على امتداد سوريا لتصفق وتبتهج على الطريقة الكورية الشمالية، مثلما اتشحت بالسواد والبكاء واللطم والنفاق والتملق يوم مات "القائد الخالد"...
اليوم تبدو الوقاحة واضحة وضوح الثورة السورية التي لم تدع كلمة في قاموسها إلا واستخرجته لتصف هذا البعث وذاك "القائد الرمز" وابنه بما يليق بقتلة ومصاصي دماء من عصابات لا يمكن مقارنة تدميرها للبيوت والمدن وارتكاب المجازر بما قامت به قوات الاحتلال حتى في الجولان المحتل... تلك الوقاحة هي في اتضاح شعارات المرحلة البعثية الجديدة في سوريا: شبيحة للأبد لعيونك يا أسد!
بمعنى من المعاني أصبح الهتاف المدني والعسكري النظامي يستند إلى شرعنة للتشبيح على ألسنة "الجماهير والعسكر"... ليس في ساحة السبع بحرات وحدها يعلن هؤلاء عن ولادة حزب "شبيحة للأبد لعيونك يا أسد" بل في قمة هرم النظام العسكري والأمني... وحتى في العالم الإلكتروني الافتراضي....
يمكن سؤال أهالي سوريا المنكوبة مدنهم عن هذا "الحزب الجديد"... حزب يمتلك الدبابات والمدفعية والطائرات ويؤمم كل مقدرات البلد لمصلحة المذبحة المتنقلة بكل "فخر وإعتزاز" ( كما ينقل أحد قادة الحرس الجمهوري لجنوده في بابا عمرو)...
في السابق كنا نسمع عن جبهة "وطنية تقدمية" تقوم أحزابها بتقديم التهاني لرفاقهم البعثيين... تقام مهرجانات شيوعية واشتراكية وقومية من "المعارضة" احتفالات بهذه "الذكرى القومية"....
اليوم تختزل المسألة في بعثرة ووضوح "التقدمية" بالسواطير والسيوف والعصي الكهربائية لموظفي "الجبهة" وموظفي "البعث" و حزب النهب لصاحبه رامي مخلوف للاحتفال بهذه الذكرى "الطيبة"... لا يستثنى من هؤلاء جناح "القوميين السوريين" في القطر وفي "القطر اللبناني الشقيق" في التعبير عن "الولاء لقائد المسيرة والأمة"... قائد المسيرة هذا لم يكن سوى في سن 34 سنة حين تم توريثه كل الألقاب...
إننا اليوم أمام حالة من الكوميديا السوداء.... مجازر وهتافات احتفالية وتشبيح إعلامي يصف اللاجئون إلى لبنان بإرهابيين... ويدخل لبنان في سجال يعبر عن حالة سيئة من مرحلة جديدة في ولادة حزب "الشبيحة"... ترى هل يتذكر الرفاق في لبنان كم عدد اللاجئين في العالم الهاربين حتى من جحيم "الحرب الأهلية"... ومنهم من كان عضوا في أحزاب لوردات الحرب والتصنيف الإرهابي لهؤلاء؟ وكم لبنانيا استقبلهم الشعب السوري؟
" أمة عربية واحدة" تم استبدالها ببساطة : لا عرب ولا عربان فلتحيا إيران!
ومن بغداد إلى الضاحية مرورا بعمان،التي باتت تعد أنفاس الباحثين عم ملجأ آمن عند "النشامى"، تتسع رقعة التعريف بالحزب الجديد... مع قليل من بهارات "التخويف والقلق" والحرص على سوريا "النظام طبعا"!
"وحدة ... حرية ... اشتراكية" يُستعاض عنها بتفكيك النسيج المجتمعي السوري وتسلط عصابات المافيا العابرة للحدود السورية... وتقسيم المدن والأحياء بالدبابات والحواجز وبالتطهير شعارا وتنفيذا... والحرية تصير ملازمة لحزب "شبيحة للأبد لعيونك يا أسد" باستعاضة بأخرى " الأسد أو نحرق البلد... الأسد أو لا أحد"!
بكل وقاحة قام "التلفزيون العربي السوري" بنقل حالة "ابتهاج جماهير الأمة" بمنجزات حزب الشبيحة في "ساحات المحافظات!"... بذات الوقت الذي لم يتذكر المبتهجون مجزرة "اللطامنة" ودير بعلبة وتفتناز واللجاة وغيرها من المذابح... لم تكن الكاميرا موجودة لتنقل لجماهير "الأمة" صبرا وشاتيلا مصغرة في دير بعلبة والجثث تتكوم بذات الطريقة مع طلقات على الجدار الخلفي ممن أطلق النار ليعدم هؤلاء بحجة: الأسد أو لا أحد!
سيقولون "هؤلاء مجرد ارهابيون" يستحقون القتل بمن فيهم ابنة العشرة أشهر ( وهكذا قالت شتيرن وايرغون وعصابات تل ابيب حتى هذا اليوم)... فمبروك للأسد وشبيحته تلاقيهم مع الإرشادات الصهيونية للفعل والتعريف!
هنيئا للأسد بشبيحته وحزبه الجديد الذي لم يعد يخفي المنسبون إليه بأنهم شبيحة للأبد... هنيئا لنصر الله وتوابعه من الأبواق... تحولهم إلى أعضاء في "جبهة الشبيحة".... وهنيئا لأصحاب الفتاوى بتجهيز جيش "الحسين" دفاعا عن زعيم الشبيحة!
إذا وداعا أيها البعث العربي الاشتراكي... ويا هلا بحزب "شبيحة للأبد... لعيونك يا أسد"...
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية