أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

هنا بابا عمرو... بقايا ضمير ووطن... نص عن تحدي شعب للفاشية ...

.
ليس وحده هذا الباب، وليس وحده الآخر، وليست هي وحدها ساحة الساعة... هنا الساعة... في فجرها جُرفت الجثث جرفا قبل سنة من زمان آخر لساحة عجت بحياة ملؤها حياة وملؤها حرية... هناك وقف السوري يسمع صوته لأول مرة كجماعة لا تخاف الاحتشاد ولا عسس مُتخيل... زميل مدرسة وعمل... أخ... أخت... صديق وصديقة... قريب وقريبة عن طرفي الوالدين... صراخ حرية يتجاوز التوجس ويهيل التراب على قبر الخوف في مشهد البدايات...
هل خافت حمص أن نزفت ساحتها دم وتكومت جثث حصدتها أوامر ديكتاتور مرتجف من صوت يصدح حرية؟

حمص لو خافت ما ابتلعت الشجاعة وتقيأت بؤس الجبن... شهيدا يلحق بشهيد... ولو خوفت لما غرق في دمها شبيحة ديكتاتور أعياهم تقليعة خلع العبودية ورمي الذل والمهانة في عاصٍ قهرَ ذاك الذي عرج أشباه رجاله شمالا ليجزوا عنق بلبل غرد التغريدة المليونية بكل اللغات واللهجات... وكالأبله يجيب: لا... لا أعرف القاشوش!

ويحك أيها الوقت الصانع من أبلهٍ "سيد وطن"... وأي وطن؟

ليس وطن الساروت /"يا وطن يا حبَيب"/... ولا وطن حوران التي تجردت من تفاخرها بتراب أحمر... ولا وطن دوما التي أدخلتنا في ارتباك الفرق بين كرامة مجبولة بطين الأرض وملحها وشبه كرامة تصنعها رقاب منتفخة من تكرش انقطاع نفس اللهاث خلف فتات مخلوف...

إنه وطن لم يبدع صبر وتأني أهله... من المسجد العمري جنوبا حتى كسب القبور الجماعية شمالا... سوى تسيد الثورات... لتصير البلاد أم الثورات وأم كل زهر الربيع العربي... فلا سيد ولا سقف لهذا الوطن سوى سقف تعلوه النجوم والطفل يتمدد على عشب يجرب حظه أن يحصي ما أمكن منها... فيفشل مع كل نجم ونجمة تودعها أنامل أم تحنو على شهيد وشهيدة... وقبلة على جبين وقدم للمرة الأخيرة...

أيها السادة، حمص ليست فقط مدينة تقع في وسط سوريا... تحتضن جسد خالد الذي أثخنته جراح ورثها أحفاده... وهي ليست مجرد مدينة تحملت كل حالات السخرية السورية منها وهي تستقبل وتودع أيامها بابتسامة على محياها وعلى شفاه السوريين والعرب... لكنها المدينة التي خادعت الجميع ممن ظن أن رستنها قد سجلها حافظ باسم طلاس المثقل بنياشين مجهولة السبب... سوى التوقيع على أحكام إعدام بشر كالجراد... فجاءت لتهدي طلاسا آخرا وآخر...

هل توقع منها فاشي بربطة عنق كل هذا؟
حمص التي يتفاخر شبيحة "الممانع" بنهب ما تيسر لهم من بيوتها ونبش قبورها وحرق بيوتها ما كان ينقصها لتتهكم بداية بــ"بوري صوبيا" ورشاش بامياء و مقذوفات باذنجان و بطاطا... أن تصير مقبرة مزدوجة للشهداء منها... المذبوحين منهم والمطعونين بعد رصاصات اختراق الجسد في مذابح الشريط الذي يتفاخر فيه "جند أتوا من بعيد... قالوا: إرحل!" لتُستكمل لعبة التهكم الأسود بأوامر "سيدهم وتاجهم" القابع فوق جبل قاسيون على جثث بشر يَبصق عليها أشباه بشر يرتدون لباسا عسكريا ملوثا لشرف عسكري ملوث في خدمة الديكتاتور المؤله...

حمص تلك... منها بابا عمرو الذي لم يجد سفاحا في التاريخ مثل ما فعل سفاح الشام بأهله... قتل فزيارة... كل يوم نكتشف معنى المذبحة... ولم ترمش عين واحد من أبواق السفاح حين يُسأل: أين هم بشر بابا عمرو؟ هل انتحروا جماعيا وتكومت جثثهم قبل أن يتصور بقربها مرضى نفسيين من رجال هذا الديكتاتور ورائحة الوضاعة تفوح لغة وركلا وصفعا لجثث مدماة؟
لا يسأل الواحد من هؤلاء نفسه سؤالا: من أين هذه الأدوات التي اشتريتها من شبيحة "سيد الوطن"؟ لمن كانت هذه الغسالة وتلك الثلاجة وهذا الحاسوب؟
ألا يسأل واحدهم: من تلك الصبية الصغيرة التي يمكن أن تكون بعمر ابنتي والدماء تسيل من بين فخذيها؟ أيكفي أن يشيح أشباه الرجال بنظرهم بعيدا... يأملون أن "لا تصرخ مغتصبة"؟...
تستأنف زوجة شبيح عائد للتو من رحلة قنص واستهزاء مصور لجثث البشر في الأحياء القريبة دورها: تخلع عنه سترته... تعد له كأسا ما... الحمام جاهز... يحضن أطفاله قبل النوم... ثم تتعطر له... لينفخ دخان لفافته...
وفي الصباح يستأنف رحلة صيد جديدة... طفل يصرخ ووجه مغطى بالدماء المتدفقة من شرايين قصيرية... لكن اين أبيه وأمه وأخوته؟.... هناك تحت الركام...

مرة من المرات... تمعنت بشريط جثة ممددة بمشفى حمص... ممرضة وطبيب في الحجرة... صفع من مسلح بمشاركة الجميع في التمثيل بالجثة... يا إلهي، من أين يأتي هؤلاء بكل هذه الوضاعة؟ كل هذا التجرد من الإنسانية؟ ما الذي يجعل الإنسان يصير وحشا مسيرا؟ أهو الخوف أم التخويف؟ أم أنهم حقا يظنون أن "سيدهم" إله يأمر فيطاع؟
في الصباح... قد تودع زوجة أو أم أو جدة ذاك الذي سيقول لأطفاله: افتخروا بأبيكم....!
قاتل أطفال ونساء وفتيات وشاهد على فعل الاغتصاب يظن أنه في "مهمة وطنية مقدسة" بقتل أبناء وطن كان لا يعرف عنه شيئا سوى هراء حافظ وابنه بشار... وفي التتمة ثمة استكمال يقوم إعلام يمتهن التحريض والتدجيل كممسحة لاي ضمير او بقايا ضمير!

هل "إكرام الميت بحرقه"؟ ... سؤال محير في مجتمع ليس من عاداته وثقافته حرق "الموتى" ولو أن ادوارد سعيد اختار نثره ... فهل "جند بشار" من ذات المجتمع السوري؟

هل فهمتم الآن لماذا المنطقة الوحيدة في العالم التي يمنع دخول وسائل إعلام وصليب أحمر إليها؟ وهل فهمتم لما سوريا تستهدف أي صحفي قتلا واعتقالا غير الببغاء المردد لروايات مذيعة المطر؟
يسأل مدافع عن الديكتاتور من مصر على قناة الجزيرة في برنامج الاتجاه المعاكس يوم 28 مارس: أين هي الاعتصامات والمظاهرات لنقول أنها ثورة؟
هكذا وبكل بساطة يعرف أبواق ونبيحة النظام الفاشي أن لا تجمع يسلم من هذا النظام وبطشه وقصفه ورغم ذلك يستحمرنا هؤلاء: لم يكن في سوريا سوى 30 ألف متظاهر!

يستطيع الديكتاتور أن يخرج على فقهاء السلطة من هزازي الرؤوس من كل الملل والنحل ليقول: بصفتي العسكرية فإن ما جرى في مسجد عثمان بن عفان في دير الزور لا يمكن أن تفعله قواتي... حينها ضربوا المئذنة واتهموا أهل الدير بتفخيخها... ويستطيع الآن أن يكرر عباراته السمجة: هذه أفعال فردية!
شاءت العباد أن تصدق فلتصدق أن تهجير البشر وحرق البيوت ورمي العجين في الشوارع واتخاذ سياسة العقاب الجماعي بحق مدن وقرى ثائرة مجرد " أخطاء فردية وليست منهجية"!

لكن، في أي مكان وأية ثقافة يمكن للكذب أن يكون بهذه الشمولية؟ كذب وتكذيب وإنكار وخيال يستند إلى هوس يجتاح مؤيد يرى في الطفل الصغير "عرعورا" يستحق السحق... وفعل الاغتصاب أمام الأهل مجرد "خدعة بصرية"... لا شيء مما يقال في الإعلام المحرض والمتآمر صحيحا... والصحيح الوحيد منذ عام وأكثر أن كل شيء على ما يرام... حتى عند "حقوقي" كهيثم مناع بات التباس الأمر يحتاج إلى تدقيق... فهل حقا أن غياث مطر ومازن درويش سلفيان يستحقان ما جرى لهما؟ وهل هذه هي التربية الثورية التي باعتنا بضاعة الثرثرة لتحقيق الحق... واستخفاف "معارضة" بعقولنا حين أحال صفة الدكترة منتحلة لديكتاتور سفاح يسمى تارة دودي وتارة بطة وتارة سام وتارة سوسو... فأي نمط من الصبيانية هو ذا الذي يريده البعض لشعب مسلط عليه سيف القتل؟

من سأل نفسه: من هؤلاء الذين يرفعون حذاء بشار على رؤوسهم: كيف تعود جثث المعتقلين بدون أحشاء وأعضاء؟... صار السؤال ليس عن كيفية قتلهم تحت التعذيب الهمجي والقروسطي، بل عن جثامين بلا أعضاء!

من يسأل نفسه من هؤلاء: كيف يمكن مطاردة عائلات حمصية في دمشق وريفها ( ومضيفيهم من سوريين وغير سوريين كما يجري في مخيمات اليرموك وفلسطين ) وغيرها من المدن؟ على افتراض أن "سيد الوطن" أرسل شبيحته لحماية الحماصنة وليس لذبحهم ومطاردتهم حتى قرب مقام السيدة زينب بريف دمشق... العار أيها السادة لا يلاحق إلا من يستدعي العار، وهؤلاء الصامتون على العار يتلبسهم العار.

في سؤال الثورة لا أحد من هؤلاء يجيب: بدءا من الظهور الأول في حوران "لأشاوس الأسد" لم نفهم كيف بنت فجأة لهؤلاء لحية ممنوعة في الجيش السوري؟ .... قد يفترض البعض أن في الأمر تلميحا لشيء ما؟ فليكن ... إذ لا محرمات أمام الدم من قتلة مأجورين وإعادة سرد موت جندي يافع بطلقة في مؤخرة الرأس ليشيعه مراسل الفضائية السورية وبدراما قناة الدنيا... شهيد "غدر العصابات"... دون عناء شرح عن ماهية هذه العصابات بعد عام على ظهور غزاة الديار في درعا...
أما المنشقون فهم لا يستحقون أن نستمع لروايتهم... فهم غير موجودون أصلا... أليس هذا ما قاله طالب وشريف وغيرهما؟ أليس الأسعد انشق عن الجيش بسبب "سيارة"؟

ستنتهي اللعبة... لعبة "انتصرنا" على شعبنا في بابا عمرو... لكن مهلا: ما الذي يجري؟ أهو تطبيق لشعار أطلقه سام: الأسد أو نحرق البلد؟
ليس لي إلا أن أؤكد بأن سياسة الحرق لن تصنع انتصارا على شعب ثائر... دليلي على ذلك بسيط جدا: لم يستطع حماة سوسو في تل أبيب أن ينتصروا ولا يقطعوا نسل الفلسطينيين... فهل يظن سوسو المتوحش أنه قادر على حرق البلد والذاكرة ويعود ليقول: يا شعبي العزيز انتصرت عليكم .. هيا انتخبوني واعبدوني؟

هل يظن البعض أن سوريا صارت حديقة خلفية لموسكو وتل أبيب وطهران؟
نعم، نظام يتمسك بالبقاء تحت شعار "السيادة" ترك سوريا تصير مجرد كرة مصالح تتقاذفها مخططات تلك القوى...

لكن الحكاية لن تنتهي ولن تخلص إلى ما ينتهي إليه التمني في خطاب زعيم حارة حريك ولا مالكي المنطقة الخضراء... فثمة ابواق كثيرة نسيت شيئا: من حذر من التدخل الخارجي قام باستدعائه بشكل مبتذل... ومن حذر من فوضى نصب خيامها منذ خطاب 30 مارس 2012 مؤكدا بما قالته بثينة شعبان وما ربطه رامي مخلوف ابن خالة بشار... ومن حذر من دمار لا يرى غير الدمار من الزبداني ودرعا حتى تفتناز مرورا بحمص التي يراد لها أن تصير "عاصمة" الدولة "الأسدية" لا عاصمة الثورة... وهنا يغيب البعض عقله وضميره ويتخندق متصديا طائفية الخلل الجيني في قبر الأمنيات: هل رأيتم المعلم كيف يتجول في بابا عمرو؟.... لكن أحد لم يسأل جاره: صحيح، أين هم سكان بابا عمرو الذين استبدلهم "المعلم" بحفنة من البشر الآتين لتمثيل الدور... لا جواب لأن شعلة السؤال ماتت منذ بدأ درس هستيريا " البلد يراد إسقاطه بعصابات مسلحة تروع الآمنين"... البلد هنا صفة أخرى لصفة المعلم والدولة صفة أخرى للنظام... علم عجائبي يقرأه علينا مشعوذون في قنوات "الدنيا" و"الإخبارية" ورهط من محللي علم "المؤامرة الكونية"...

ماذا يعني أن يصبح للفاشية منظرون؟
أن يصير هؤلاء مجرد قطيع يردد الأكاذيب ذاتها ولو بتغيير الألوان فقط... فلا يرف رمش حين ينعت من يقصفون بأنهم "خونة ومتآمرون".... جملة تعترض الضمير وترضي هوس اللامصدق لكل هذا الدمار من أجل بشار... لذا لا مشكلة أن ينعت أهل حوران بما نعتهم به بسام أبو عبد الله قبل أن تتوسع مداركه لتشمل معظم "المتخلفون والحثالات" من دوما والميدان والقابون... إلى بانياس وإدلب...

بتلك اللغة وغيرها يصير ضرب النسيج الوطني السوري "مؤامرة كونية"... فمن تحدث عن الطائفية ليس مفتي الديكتاتور ولا بثينة ولا بشار!
ومن يذهب إلى تبرير سلخ الوطنية عن شعب ثائر هي "المؤامرة الكونية"... ليس كذب شريف شحادة عن أنه لم يجري اعتقال أطفال في درعا... رغم أن معلمه رستم غزالي وحسونة قالوا: السيد الرئيس أمر بإطلاق سراح الأطفال!

ومن بشرنا بالتفجيرات التي مرت والآتي منها؟
لا ليس رفيق نصر الله ولا تسريبات الخلية الأمنية... إنه خيالنا المتآمر ...
ببساطة شديدة: يصحو شاب مسلم في الصباح الباكر ( ليس من هؤلاء الذين أطلق سراحهم الديكتاتور في الفترة الأخيرة ومنهم أبي مصعب) ويقرر أنه يحب اليوم أن يفجر سيارة في القصاع... ففي القصاع "نصارى كفار"! لم يكتشف أنه يحب قتلهم إلا في عام الثورة السورية... وهكذا يصبح كل تفجير له هدف في روايات إعلامية لقنوات الديكتاتور...

ما هو المطلوب؟

أن يقتنع العالم الخارجي برواية "العصابات المسلحة"؟.... فما فائدة هذه القناعة إذا كان المزاوي لم يقتنع بكذبة أحمد الحاج علي: ما جرى في المزة ليس شيئا كبيرا، لقد كانت مجموعة من القاعدة تآمرت مع البقال... إنهم سعوديون تم قتل اثنين منهم واعتقال ثالث! ( راجعوا تصريحه للجزيرة في واقعة المزة جبل)...
ما الفائدة من كل هذه العبثية التي يقوم بها نظام فاشي؟
لا شيء سوى وهم القضاء على ثورة من ثورات الربيع العربي بالتخويف من نماذج العراق! وتصوير التحولات القادمة إلى سوريا كقصص خيال العهد القديم... القيامة في سقوط طاغية الشام... وكأن السوريون سيصيرون إلى وحوش وأكلة لحوم بعضهم إذا استيقظت سوريا بدون هذه الوحوش الآدمية التي تنفذ الدمار والحرق لسوريا!
حاول الصهاينة: دروز، شركس، مسلمين، مسيحيين، بدو وأحمديين....إلخ...
فلما لا يحاول الفاشي ذات المحاولة:
العلويون والمرشديون يقتلون ويغتصبون ويحرقون ويهينون معتقداتكم ويدمرون مساجدكم.... هل نفهم لما كانت تسرب تلك الأفلام قبل أن تصير إلى تجارة للدلالة على انحطاط "الدولة الأسدية"... ولماذا كان التشديد على لكنة معينة ملحقة بسؤال استنكاري: بدكن حرية؟
السني لكم بالمرصاد ... العلوي إلى التابوت والمسيحي إلى بيروت... شعار يصر عليه نزار نيوف ومن هم على شاكلته في حضرة الفاشي للدلالة على وضوح انحدار المستوى الأخلاقي في ماكينة الكذب...
إذا، فالحرب الطائفية قادمة... وقودها أن الخطأ الفردي في ثورة شعب يصير منهجا عند مبرري الفاشية وأما منهجية الفاشية فتصير الممارسات المنحطة إلى "أفعال فردية وشاذة"... وهكذا تقلب الحقيقة فتمشي على رأسها دون سند...
حين يُنزل سكان مزة 86 بأسلحتهم فاعلم أن النظام الفاشي يجيد وبشكل مبتذل لعبة أرادها... وحين يتم قتل درزي فالقاعدة أن يثار الدروز، الذين قصفهم في عام 2000 ذات السفاح، لينزلوا ضد السنة... واعلم أيضا أن وادي النصارى سيصير "وادي السنة" في فعل خسيس ودنيء يقوم به نظام لم يوفر أن يلاحق ويقتل من قال "لا" غير خجولة بخجل قساوسة يسبحون بحمد يسوع آخر متجسد في بشار فيصير حامي "الأقليات"...
اعلم أيضا أن نازحي الجولان حين يتم استغلالهم في التشبيح ضد نازحين آخرين أن شيئا ما لعب عليه هذا النظام الفاشي...
من كل هذا نستنتج أن رسالة الديكتاتور الفاشي:
إذا ما سقط نظام حكمي فسوريا ستكون مثالا حيا لما تنبأ به "الجفر"... ستعم الفوضى والدمار... سيأكل السوريون بعضهم البعض بعد أن أظهرت لكم أني لم أقصفهم إلا لمنعهم من ذلك...

فالسوريون في نظرية حكم "آل الأسد" ليسوا سوى " وحوش" ينتظرون الفرصة السانحة! وهو يسعى للبقاء "للأبد" لمنعهم من استغلال تلك الفرصة!

قال مرة من المرات حين استقبل بعض الشباب السوري: أنا لست غاضبا ممن حطم صوري وتماثيل والدي، لكنني غاضب من هؤلاء الذين يصورون عبر هواتفهم ويبثونها!

المسألة كلها مختزلة في شيطنة المجتمع السوري بدون "آل الأسد"... لذا حين يتم التهكم من شعار "الحرية" باستنكارات طالب إبراهيم " أية حرية يريدون؟" و بسؤال الهستيريا الجماعية بعد كل تفجير على قناة الدنيا لمواطنين مفترضين يعبرون بالصدفة عن رأيهم بكامل الحرية: أهذه هي الحرية التي تريدون؟
بما سبق نختزل كم عانت الثورة السورية من حملات منظمة ومسيسة ومنهجية لجعلها هكذا بدون هدف ولا رؤية... راجعوا محللي النظام في كل مرة كان يراد استهداف منطقة ما كيف كانوا يقومون بالتحريض وتجهيز الرأي العام السوري...
الحقيقة الوحيدة المغيبة في ضمير وعقل من يؤيد هذا الفاشي وتخويفه للسوريين من بعضهم: في كل قرية ومدينة وشارع خرج سوريون يهتفون بإسقاط الفاشي متحدين شبيحته وقواته وعسسه... في كل خربة وحارة خرجت تتظاهر كان القتل ردا والدبابة والمدرعة موجودتين... كان السحل وامتهان الكرامة والحرق والاغتصاب... كان جز الأعناق وسرقة الأعضاء البشرية... حدث في دوما وحرستا... كما في حمص وحماة... وجسر الشغور وكل حوران ودير الزور وريف حلب... حدث حتى في ركن الدين وبرزة... المسألة ببساطة شديدة لا علاقة لها بهذا الاكتشاف المريع لسيطرة عصابات مسلحة ببنادق صيد وكلاشنكوف على دولة أمنية بامتياز لمدة تزيد عن عام كامل...

وبالرغم من ذلك ما يزال البعض يردد " مطرح ما بتدوس منركع نحنا ومنبوس"! و "الأسد أو لا أحد"... وما زالت اللغة السوقية تعليقا ونطقا تسيطر على عقل هؤلاء بحق كل إنسان يقول كلمة بعكس تيار الفاشية المتفشية بين أتباع يضعون أحذية الفاشيين على رؤوسهم برمزية العبودية التي حاربها سبارتكوس وعمر ابن الخطاب وعلي بن أبي طالب والحسين ابن علي...
لغة الأحذية والسباب والشتائم تبدو بسيطة أمام اكتشافات الأهالي في حمص وادلب وغيرهما من مذابح وحرق لجثث وأحياء... فاكتشاف مذهل لنوع الفاشية التي يتحلى بها نظام بشار الأسد الوريث لفاشية أبيه المقنعة بلقب "الدكتور" قبل أن يُكتشف أننا أمام مهووس تنصحه لونا وترشده شهرزاد وتتغزل بجسدها العاري هديل بعقل الهوس الذي تخاطبه احداهن: الأرانب لا تلعب بخصية الأسد...

فهل يظن أحد، غير نصر الله والمالكي ولافروف وتل أبيب، أن نظاما فاشيا يمكنه أن ينتصر فيحكم على أطلال مدن مدمرة؟
قطعا من يواجه شعبا كالشعب السوري الذي أذهل نفسه بقدرته الأسطورية على الصمود والتحدي لا يمكنه أن يستوعب استحالة أن يحكمه " خائن اللي بيقتل شعبه"!


صحيح أن المخاض ليس بسيطا وسيكون مكلفا وباهظا... وصحيح أيضا أن هذا الشعب الذي عرف ألاعيب الفاشية وتملصه من كل وعد وعهد وآخرها مع كوفي عنان والعرب جميعا... لكن الصحيح أيضا أن الدبابة والطائرة والدمار لم تنتصر في يوم من الأيام على إرادة شعب... وقد تدخل سوريا اليوم في نفق النظام الفاشي في ألاعيبه الطائفية- الأقلوية بتعبيره، لكنها ستتذوق طعم الانتصار وسيتحسر أصحاب نظرية "اللون الرمادي الحيادي" على تحولهم إلى جماهير فرجة لحظة تحول تلك الدبابات إلى مجرد كتل حديدية لا وزن لها ولا قيمة أمام شعب صمم على حريته... على هذه الفئة المخوفة بالفاشي ونظرياته أشعر بالشفقة... وبالاشمئزاز على خطابات البعض من بيروت لبغداد ممن يريدون ويتمنون فرض ما لا يريده الشعب السوري...




الياس س الياس
(105)    هل أعجبتك المقالة (116)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي