.
ثانيا: الشعب: إفقاره، تجويعه، إفساده، وحرمانه من حقّ العمل!
تعرض الشعب السوري خلال حكم بشار الأسد إلى أسوأ وأفشل وأخون حكمٍ حكم سورية، أو حكمٍ يحكم أي دولة في العالم، ويُمكن تذكر ذلك بإيجاز شديد في النقاط التالية:
فبالإضافة إلى مسلسل الخيانات الوطنية المذكورة في أولا، في الإمتناع عن تحرير الجولان قصدا وخيانة وتواطئا مع إسرائيل، فلقد قام بشار الأسد بتجاوزات دستورية وتخريب إقتصادي ومعيشي واسع النطاق، شكّلَ مسلسلا فظيعا في ارتكابات نهب وفساد هائل وخيانة نهبت مُعظم خزينة الدولة خلال عهد بشار الأسد، وأكثر من 70% من الأموال الخاصة لجميع المواطنين، وتخفيضا حقيقيا لرواتب وأجور المواطنين السوريين من موظفين وعمّال ومتقاعدين! وذلك عن طريق عقود فساد قذرة هائلة القيمة تم التعاقد من خلالها مع الأقرباء وشركائهم، وبعض الموالين القذرين من بعض أصحاب رؤوس الأموال! ونوجز فيما يلي النتائج الفعلية لخيانات الفساد المذكورة:
1) لم يبني بشار الأسد أي مشروع استثماري أو خدماتي على الإطلاق طيلة عهده! وأتساءل كيف كان مجلس الشعب يُصادق سنويا على قطع الموازنة وإقرار تنفيذها – خلال أقلّ من ساعة - رغم أنها كانت تتضمن أساسا في قانونها مبالغ هائلة مُتزايدة سنويا على مشاريع تنموية وخدمية لم يُنفذ منه شيء إطلاقا! إطلاقا! ولقد تسبب ذلك في السلبيات التالية التي فرضت أحد أسباب ثورة الشعب السوري الحالية:
a. تسبب عدم السير في بناء مشاريع إستثمارية وخدماتية، إلى التراجع التنموي والإنتاجي الوطني، مما تسبب بتزايد الإستيراد وتراجع التصدير الذين تُعاني منهما البلاد واقتصادها، ومما ساهم في ضعف وتراجع قيمة الليرة السورية بشكل متواصل، وبالتالي تزايد تلقائي في الغلاء، الذي أصبح يتزايد بشكل شبه يومي، وتُعانيه الأكثرية الساحقة من الشعب: فقراء وأغنياء، عمالا وموظفين ومتقاعدين!
b. خلقُ بطالة تفاقمت سنويا، وحيث وصلت نسبتها إلى 48% من كامل قوة العمالة السورية في عامي 2007 / 2008 وفقا لتقرير الأمم المتحدة! ولا بد أنها تجاوزت الآن نسبة 60% إلى 70% نتيجة استمرار انعدام وجود مشاريع تشغيل إطلاقا، مع التزايد الطبيعي لأعداد المواطنين الخريجين، والبالغين سن العمل من جميع المستويات والإختصاصات في سورية في ذات الوقت!
2) تسبب حجم النهب الهائل من خلال دفع استحقاقات عقود الفساد الفظيعة في مبالغها، ونتائجها المعدومة على الوطن والشعب، في اضطرار الحكومة إلى سلسلة "طبع" مليارات الليرات السورية بدون غطاء ذهبي أصولي وقانوني يُغطي قيمتها المُفترضة، وكانت أول عمليات "الطبع" المكشوف وغير المشروع في عام 2004 وآخرها قبل أسابيع! ولقد تسبب هذا بالطبع في النتائج السلبية المعروفة عالميا نتيجة ارتكاب جرائم طباعة ورق النقد بدون غطاء، والخطيرة جدا على الإقتصاد والثروة الوطنية وبالتالي على مستوى معيشة الشعب المتراجعة باستمرار ودون توقف:
a. انخفاض متتال لسعر الليرة السورية نسبة إلى سعر الذهب، وأذكر بهذا الخصوص:
i. أن سعر غرام الذهب الذي ارتفع حالياً إلى 3081 ليرة سورية، كان سعره 5.75 ليرة سورية في عام 2007 أي أن قيمة الليرة السورية انخفضت حتى الآن لأقلّ من 2 بالألف من قيمتها 2007! وذلك بسياسات الفساد ونهب رموز الفساد من الأقرباء وشركاهم لخزينة الدولة ! بل وأموال المواطنين الخاصة!!
ii. كان متوسط سعر غرام الذهب في عام 2000 / سنة التنصيب الأول لبشارالأسد حوالي 600 ليرة سورية! أي أن نسبة قيمة الليرة على عهد "الفاشل أو الفاسد أو الخائن" بشار الأسد انخفض ووصل إلى 19% من قيمتها عام 2000!
b. مُسلسل غلاء سريع ومتزايد لأسعار جميع المواد، تفوق نسبته نسبة التخفيض! ذلك أنه حين تلجأ السلطة إلى ارتكاب جريمة "سرقة" تخفيض العملة بنسبة 25% مثلا، فإن الأسعار ترتفع تلقائيا إلى ما يزيد عن 30% فما فوق!
c. سرقة حقيقية من مالية كل مواطن بنسبة ما جرى تخفيضه من سعر العملة، فمثلا من كان يملك مئة ألف ليرة في عام 2006، أصبح الآن مالكا لمبلغ لا يزيد عن 19,000 ليرة فقط لاغير في قوتها وقدرتها الشرائية!!
3) ارتكاب جريمة اقتصادية ومعاشية جدُّ خطيرة في منتصف عام 2008 وذلك بقيام الحكومة على عهد العميل الأمريكي الدردري بإلغاء دعم الوقود التي كان سائدا بنجاح في سورية منذ عقود، مما تسبب في السلبيات والخسائر التالية:
a. توقف أكثر مزارعي القمح عن القيام بزراعته بسبب ارتفاع أسعار الوقود نتيجة إلغاء الدعم، فأصبحت تكلفة إنتاج القمح السوري أكثر من ثمن شرائه من الدولة! وحيث اضطرت الحكومة لاستيراد القمح لتغذية الشعب، بدل ما كان من تلبية الناتج الوطني لحاجة الإستهلاك المحلي، إضافة لتصدير أكثر من مليون طن سنويا إلى الخارج!
b. إفلاس وتوقف أكثر من 2500 مصنع سوري كان قائما وناجحا ومُنتجا، وهذا ما تسبب بالضرورة، في لجوء الدولة والتجار إلى استيراد بدائل الإنتاج السوري الذي كان يُغطي الإستهلاك المحلي، بل ويفيض للتصدير!
وبمناسبة ذكر مأساة إنتاج القمح السوري، واضطرار الحكومة لاستيراد حاجة غذاء الشعب منه بعد هبوط الإنتاج السنوي إلى دون حاجة غذاء الشعب بكثير بسبب القرار المجنون بإلغاء الدعم، فلقد ارتكب رموز الفساد الأسدية أكبر جريمة يُمكن ارتكابها بهذا الشأن، وهو قيام الحكومة في الشهر الثامن من عام 2008 باستيراد مليون طن من القمح الروسي المخصص رسميا لاستهلاك الحيوانات حصرا، ليس من الشركة الروسية مباشرة وإنما من شركة فساد مصرية معروفة! وبأسعار تزيد عن ضعفي السعر العالمي للقمح الجيد! وفعلا فقد وصلت كميات القمح الروسي المخصص رسميا للحيوانات، وبدأت السلطة بإطعام محافظتي الرقة ثم إدلب، وكانت النتائج مُريعة في إصابة مئات المواطنين بالتقيؤ والمرض، حتى اضطرت الحكومة لإيقاف تغذية المحافظتين المذكورتين بالقمح الروسي المُستورد المخصص للحيوانات! وقد علم أمير دولة الإمارات آنئذٍ بالأمر فتبرع بنصف مليون طن من القمح الجيد السليم لتغذية الشعب السوري!
من الإطلاع وفهم الأرقام والنسب المذكورة، نُدرك حجم النهب والفساد والفشل الإقتصادي والإنتاجي والإنمائي الذي انعكس على البلاد عامّة، وعلى معيشة الشعب وإفقاره بشدة قاسية جدا، بل والتمادي لنهب أمواله من العملة السورية، حيث نهب رموز الفساد والتسلط الأسدي جميع فروقات سعر العملة بواسطة عقود فساد أدانتها آنئذٍ حتى الصحف الموالية للحكومة مثل "شام برس" وغيرها! كما انعكس تخفيضا حقيقيا مُتكررا على رواتب جميع العاملين بأجر من موظفين وعمال ومتقاعدين!
ولو كان ذلك في سبيل تنمية البلاد وتشغيل العمالة الوطنية، لهان الأمر نسبيا – رغم أنه محضُ سرقة حقيقية من المواطنين - ولكن أن يكون جميع ذلك في سبيل نهب بشار الأسد وأقرباؤه وشركاهم لخزينة الدولة، بل ولأموال المواطنين الخاصة، فهي جريمة تاريخية لا يُمكن غفرانها، وتستحق أقوى العقوبات عليها!
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية