كبش العيد
لاشئ يوحي أن هنالك عيد ، شوارع خالية ، متاجر مقفلة ، ولفحات برد قارس تلسع الوجوه وتخترق العظام .
نزلت من القطار قادما من قريتي المسكينة ، هاربا من جوها البارد وحديثها الذي لايتنهي عن الغلاء . لأرى حمص على غير عادتها أيام العيد، يبدو أن الناس قررت البقاء في المنازل ، فلاشئ مبشر ، حتى كبش العيد أصبح بعيد المنال ، وربما حالفه الحظ هذا العيد ليكسب عمرا جديدا ، بعد قشعريرة الخوف التي لازمته طيلة أيام العيد ، الكبش المسكين يعيش روتين قاتل يأكل ويشرب وينام فقط ،ولا يعلم في أي لحظة يساق فيها إلى الجزار ، وما أدراك ما الجزار ؟
أما ملك الكباش - هكذا يقول أهل المغرب عن الكبش المكتنز والأكثر اكتمالا- فقد ارتفع سعره كثيرا ، لكنه الأكثر تعاسة ، فالأغنياء لايترددون أبدا في التضحية به وإقامة الولائم على شرفه ، بعيدا عن الفقراء وأجواء النكد والتعاسة .
قالت العرب يوما : نحن ( قوم كبعر الكبش ) لأن بعر الكبش لايقع إلا متفرقا.
بين سانا وفانا ضاعت لحانا !!
قلت لنفسي لا بد أن العزيز مرهف نسي أمر ما عندما كتب عن الصورة التي التقطتها عدسة سانا وفازت لأجلها في مسابقة نظمها اتحاد وكالات الأنباء العربية فانا ، نعم لقد نسي الإشارة إلى عنوان الصورة وهذا أهم ما فيها .
سانا كعادتها متبعة أسلوب التبرير عنونت صورتها الفائزة بعنوان ( العلم والعمل ) ، لتعطي انطباعا غير الذي نتلقاه نحن عند مشاهدتنا الصورة على طبيعتها ، في محاولة لتزييف الواقع وتحريف الحقائق وتبرير ما لايبرر .
من المعروف أن فن الصورة لا يحتاج إلى تعليق أو تفسير إلا إذا دعت الضرورة القصوى لتوضيح بعض اللقطات ، فالصورة لغة بصرية عالمية مفهومة للجميع لاتحتاج للترجمة أو ( الفهمنة ) ، وكل منا شاهد هذا المنظر على أرصفة شوارعنا التعيسة ، فتلك الطفلة التي في الصورة تشكل ظاهرة كبيرة في مجتمعنا ، ظاهرة عمادها الفقر والجهل والتشرد .
يبدو أن اتحاد الوكالات العربية متفق على تشويه الواقع العربي المظلم والمساهمة في التعتيم على أبسط مشاكله ، رغم أن الطفولة خط أحمر لا يجوز تهميشها ، كان الأحرى بهذه الوكالات أن تفضح وتعري هذا الواقع ، وتساهم في استصدار قوانين وتشريعات تحمي الطفولة الهشة وتمنعها من العمل ، وتعاقب الأهل على السماح لأطفالهم بالعمل .
وكل عام وأنتم بخير
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية