أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

المعارضة تحت المنظار .... عبدالحميدالشدة

إنتقاد المعارضة السورية من قبل السوريين الرافضين للعصابة الأسدية هو حق طبيعي وهذا الحق في قول لا يدفع الشعب السوري ثمنه غالياً. وإني بملاحظاتي الناقدة لاأهدف إلى التحطيم وكذلك أحاول تجنب التمجيد للسياسيين.

 1. من المثير للغرابة تهافت هذا العدد الهائل على مؤتمر إستانبول والذي زاد على 400 "معارض". وبهذه المناسبة يحق الإشارة إلى أن المرشح للعمل السياسي يتقدم لمهمة حساسة تتطلب شروطاً ومعاييراً ليست بسيطة وهي مهنية وشخصية وأخلاقية وتمثيلية. والشروط المهنية تعني إلماماً ومعرفة ببعض العلوم مثل السياسة والإقتصاد والقانون أو خبرة في العمل التنظيمي والإداري أو النقابي، هذا إضافة إلى الإستعداد للعمل الجماعي أو القيادي. والمعايير الشخصية لها علاقة بجاهزية الشخص من ناحية الوقت والقدرة على التنقل لتكريسها لهذا النشاط. المعيار الأخلاقي يصعب حصره ولكن يمكن التنويه إلى نقطتين: الأولى هي الصدق والإخلاص بالعمل بعكس المصلحة الشخصية بالطموح بالمناصب أو المال أو غيرها. والثانية هي أن البعض يحاول تعويض فشل مهني أو غيره بواسطة الإنخراط بالعمل السياسي. ثورتنا اليوم يجب أن تكون خالصة لوجه الله وأي شائب في الأخلاق يجب إدانته. الأولوية المطلقة اليوم هي للمصلحة العامة. أما مسألة التمثيلية فهي تفرض على المقدم نفسه أن يتساءل من فوّضه لكي يتكلم بإسم الشعب السوري وفيما يعبره عن ضمير هذا الشعب. هناك الكثيرون ممن لايمثلون تجمعات أو أحزاب وهناك الكثير من الشخصيات والأحزاب التي ليس لها تمثيل أو تأييد على الأرض. هذا العدد الكبير من الذين عيّنوا أنفسهم أوصياءً على السوريين يضر بالثورة. اليوم وبسبب صعوبة تحديد وحصر درجة التمثيل والشرعية يمكننا الإستيحاء من مطالب الثوار والمقاومين ومن توجهاتهم ورغباتهم وهذه هي بوصلة الشرعية للممثل السياسي.
2. المعارضة ليست سوى جزء من المجتمع السوري بما يحتويه من ظواهر إجتماعية. من هذه الظواهر هناك حب الزعامة المفرط، التجزء الطائفي والمناطقي وضعف الثقافة السياسية والتسيّس. ولهذا نلاحظ عدم قبول شخصية وطنية مجمع عليها، ورغم مرور سنة على الثورة لم يتم الإلتفاف حول مرجعية سياسية. وحتى أنه لم تبرز جريدة مشهورة أو مرجعية إعلامية سورية محورية للثورة.
و حب الزعامة معروفة عن السوريين،( إنظر إلى مقولة شكري القوتلي لعبد الناصر) وفي هذه الظروف العصيبة يمكن أن يكون التهافت على المناصب سبباً في التجزئة ومؤخراً للنصر. في الغرب لايوجد رجل سياسة مهم يربط برنامج أمته أو مستقبلها بشخصه ويطبقون مبدأ: لايوجد شخص لايمكن الإستغناء عنه. نطالب كل متقدم للمعارضة السياسية السورية أن يتواضع. أما فيما يخص طلب الشهرة (والبَرْوَزَة) والنجومية في هذا الوقت التي تسيل فيه دماء السوريين وُتنتهك أعراضهم فإني أترك الحكم لله ولأصحاب الضمائر وللثوار.
التجزء الطائفي والمناطقي واقع إستغلّه البعث والنظام الأسدي بطريقة جهنمية وربما يكون هذا هو سر السيطرة الحديدية للنظام وتأخر سقوطه. وهذا الواقع للمجتمع السوري ينعكس حتى على المعارضة حيث أن المناطق والطوائف تبنّت ا لثورة بدرجات متفاوتة. والتضرر كان متفاوتاً أيضاً. ومع أن الأمر نسبي لكننا نلاحظ أن هذه الوضع لايمكن إلا أن يكون له تأثير على تركيبة المعارضة ومن ثم على مطالب مكوناتها المتعددة وأساليبها. فهناك مثلاً تياران في الإخوان (الحلبي والحموي). وأيضاً الولاءت ا لخارجية قد تختلف فمثلاً التدخل التركي قد يكون مقبولاً من جزء كبير من السنة العرب بينما قد يتحفظ عليه أكثر المسيحيين والأكراد.
ليست تجمعات المعارضة ومؤتمراتها هي الطريق الوحيد لمجابهة النظام وإسقاطه. هناك ساحات المقاومة في الداخل، وهناك العمل الإغاثي والطبي وهناك النشاطات المتعددة من خلال المجتمع المدني. والتعدي على العمل السياسي يخلق غوغائيةً تصعّب النصر. إنها أولاً مسألة صدق وأخلاق وضمير.
وأخيراً نأمل أن تكون هذه الثورة المباركة فرصة للسوريين لبلورة مفهوم الوطن الواحد ومفهوم المواطنة والشأن العام بالمعنى السامي.

 


عبدالحميدالشدة، حقوقي

(97)    هل أعجبتك المقالة (99)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي