تقرير: المخابرات تستمتع بتعذيب المعتقلين على الاسرة الحديدية المكهربة

لا يعرف ان كان الدعم الروسي 'الكامل' لمهمة عنان سيغير من الوضع على الارض في ظل رفض المعارضة لبنودها، وفي ظل مواصلة الجيش السوري عملياته في مناطق التوتر الساخنة وفي المناطق التي استعادها من سيطرة المقاتلين في حمص وحماة وادلب. فبعد عام من المأساة السورية لا يلوح اي حل في الافق بسبب التعقيدات المحلية والدولية التي اعطت الاسد مساحة للمناورة ومواصلة البقاء في السلطة. ومع ذلك فان التطور المهم هو الاتفاق الامريكي ـ التركي على دعم المقاومة المسلحة باسلحة غير قاتلة.
وقد تتطور هذه المساعدات كما حدث في ليبيا الى توفير اجهزة وارسال خبراء يعملون على الارض من مناطق الحدود مع سورية لتوفير الخبرة والمساعدات للمقاتلين السوريين الذين قال تقرير الاسبوع الماضي قد نفدت خزينتهم من الذخائر والرصاص ويعانون من تشتت قيادي على الرغم من اعلان جيش سورية الحر بقيادة العقيد رياض الاسعد عن توحيد قيادة المقاومة السورية ضد الاسد.
وكانت المقاومة في الاشهر الاولى قد اقتربت من توفير الظروف لانهيار النظام عندما عززت سيطرتها على مناطق في حمص وحماة وادلب ولكن استعادة النظام لها وعدم توفير الدعم الدولي لهم ادى الى خسارتهم لمناطقهم، وجاءت العقوبات يوم الجمعة على عائلة الاسد وزوجته لتشير الى ان الحلول الاوروبية للازمة قد نفدت ولم يعد لدى دول الاتحاد الاوروبي ما تقدمه في محاولاتها اسقاط النظام عبر الحلول الدبلوماسية.
ومن هنا يقل المحللون من فرص نجاح المهمة الدولية التي يقوم بها عنان ومن اهمية الدعم الروسي على الرغم من تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير ميدفيدف بانها 'الفرصة الاخيرة' لحل الازمة. وعلق الباحث ايميل هوكايم من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن على الموقف الروسي بانه 'مسرحي' يحاول شراء وقت للنظام السوري، وقال ان ' الروس وان لم يتدخلوا بشكل مباشر الا انهم فعلوا كل الاشياء لدعم الاسد'.

دروع بشرية

وفي هذا الوقت يقوم الجيش السوري بعمليات واسعة وقالت تقارير انه استخدم في اخرها سكان قرية كدروع بشرية. ونقلت صحيفة 'اندبندنت' عن ناشط اسمه غالب من قرية، الجندية من قرى مدينة ادلب، حيث قال انه راقب من مكبره الدبابات السورية وهي تتقدم كي تعيد السيطرة على قرية كان يسيطر عليها الجيش الحر.
ووصف كيف انه شاهد 20 رجلا وامرأة واطفالا تبلغ اعمارهم سبعة اعوام، يسيرون على الشارع ووراءهم كان يمشي جنود مصوبين اسلحتهم، وحيث كانت تلحق بهم دبابات وعربات نقل عسكرية. واخبر غالب الصحيفة قائلا 'لقد استخدموا الاهالي كجدار' مضيفا ان 'هناك بضعة بيوت تحيط بالقرية، حيث قامت القوات النظامية باخراج الرجال والنساء والاطفال وامروهم بالسير في مقدمة القافلة العسكرية التي كانت تتحرك باتجاه القرية. وتضيف شهادة غالب الى شهادات قدمتها منظمة 'هيومن رايتس ووتش' التي تحدثت عن اسلوب يستخدمه الجيش من اجل اعادة السيطرة على المدن الثائرة. فقد اخبر احمد احد سكان قرية كفرنبل، المنظمة انه اجبر على السير امام مصفحة لنقل الجنود كان افرادها يفتشون على المقاتلين، واضاف انه كان يمشي معه 8 اطفال، و'كان الجنود يوجهون لنا الشتائم طوال الوقت'.
ولان النظام لا يسمح للصحافيين الاجانب بدخول المناطق الثائرة او تغطية الاحداث من العاصمة فانه من الصعب التأكد من روايات ناشط او ناشطين، لكن اشرطة فيديو، ظهرت على 'يوتيوب' تشير الى ان الجيش يستخدم هذا الاسلوب. وعلق احد الباحثين الذي ساعد في اعداد تقرير هيومان رايتس ووتش على الممارسات بانها تعتبر 'خرقا واضحا للقانون الدولي'.

السرير الحديدي

واضافة الى استخدام الاهالي كدروع بشرية فقد تحدث ناشطون عن ممارسات المحققين في سجن ادلب التي اجبر الجيش السوري، افراد الجيش الحر على الانسحاب منها قبل اسبوعين. ومن الاساليب الفظيعة التي يستخدمها المحققون مع المعتقلين، اسلوب التعذيب على 'السرير الحديدي' ويقوم كما وصفه عامل في شركة تلفونات اسمه شادي على ربط المعتقل بأحزمة مثبتة على كل طرف من اطرافه لربط المعتقل من كل اطرافه وشريط جلدي اخر لتثبيت الرأس، ويعرض السجين الممدد على وجهه لتيار كهربائي يسري في كل انحاء جسده، ذلك ان السرير مربوط بمولد كهربائي، ويقول شادي ان كل جلسة تستمر لمدة تتراوح ما بين ثلاث الى اربع ساعات. وتحدث شادي لصحيفة 'تايمز' انه تمنى لو قتله المحققون كما قتلوا والده بدلا من تعريضه لهذا الاسلوب من التعذيب.
ويضيف ان المحقق يأمر مساعده بتشغيل المولد وصعق السجين في كل مرة لا تعجبه اجابته. ويتحدث عن الالم الذي لا يمكن تحمله حيث تستمر الصعقة احيانا نصف دقيقة. واضاف شادي الذي استطاع الفرار الى تركيا انه كان يشعر بان عينيه ستخرجان من محجريهما، وانه كان يشعر وكأن السرير سينقلب رأسا على عقب. وفي مرة كان الاسلوب يستخدم، هذا كان المحققون يضحكون حيث كانوا يستمتعون باستخدامه. وتقول الصحيفة ان شهادة شادي الذي قضى 46 يوما في سجن شمال ادلب هي واحدة من عدد من الشهادات التي جمعتها من ناجين من التعذيب هربوا الى تركيا وتلقي ضوءا على التعذيب المنظم القائم على اساليب مفرطة يهدف لاحداث اكبر قدر من الالم للمعتقلين واهانتهم. ويصف المعتقلون السابقون نظام تعذيب ممأسس في سجون المخابرات يقوم به محققون تابعون لكل الاجهزة الامنية من الاستخبارات العسكرية الى مديرية المخابرات العامة التي يترأسها عبدالفتاح قدسية. ويقول ناجون ان بعض السجناء يتم لي ظهورهم للخلف، وبعضهم تعرضوا لقرص على وجوههم باستخدام زردية، وكل من التقت بهم الصحيفة مروا بتجربة 'الشبح' من ايديهم ولساعات والتي كانت ترافق بضرب بجلد بالعصي والانابيب البلاستيكية.
وقدم الشهود وصفا مفصلا للمعتقلين الذين ماتوا في الزنازين بسبب التعذيب المفرط. ونقلت عن معتقل سابق اسمه ماجد في دائرة المخابرات العسكرية وصفه للزنازين المزدحمة وموت محمد الحسن الذي مات بعد ان ادخل المحققون في مؤخرته انبوب ضغط هواء. ويقول ماجد ان محمد اشتكى اليه من التعذيب مرتين وفي المرة الثالثة احضروه فاقدا للوعي، حيث مات بعدها. ويضيف ماهر علوش وهو سجين اخر، ان التعذيب كان روتينيا ومستمرا ليلا ونهارا، حيث قال 'كنا نسمع الصراخ مدة 20 ساعة ونحن ننتظر في زنازين مكتظة دورنا'، ويقول انه كان يوجد في الزنزانة الواحدة ما بين 300 ـ 400 سجين، ولم يقل ما هو حجم الزنزانة التي تتسع لهذا العدد الكبير. وعندما كان يأتي الدور على واحد منهم كان يطلب منه ان يواجه الجدار حيث توضع على وجهه عصابة ويقيد من يديه ورجليه ويجر الى غرفة التعذيب، ويقوم الجلادون بتعليقه من يديه المقيدتين من السقف وبعدها تبدأ حفلة التعذيب. كل هذه القصص والتعذيب مستمر في السجون على الرغم من موافقة النظام السوري على خطة عنان التي تقضي بالافراج عن المعتقلين السياسيين، وانهاء المظاهر المسلحة من الشوارع والبدء باصلاحات سياسية وحوار مع المعارضة.
وجاء الدعم الروسي ليعجل من المحاولات لكن النظام المعروف بتراجعه عن وعوده قد لا يتوقف عن عملياته، التعذيب والقصف. وكانت امنستي انترناشونال قد دعت الجمعة الى محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات والتعذيب المنظم والتي تصل الى جرائم حرب، وحتى الان لم تتلق المنظمة الدولية ردا من الامم المتحدة التي رفضت حتى الآن تحويل ملف التعذيب في سورية لمحكمة جرائم الحرب الدولية.
وتشير الصحيفة الى ان التعذيب في سجون سورية لا يهدف الى الحصول على المعلومات اكثر مما يهدف الى كسر ارادة المعتقلين ومعاقبتهم واهانتهم والاسوأ من كل هذا ان المحققين يستمتعون به.

القدس العربي
(109)    هل أعجبتك المقالة (103)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي