أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

خيارات الأسد البقاء أو دمار البلد ... مروان سليمان


إن النظام السوري بحد ذاته لا يمكن أن يكون جزءاً من الحل، لأنه جزءٌ من المشكلة، وأن استراتيجيته الوحيدة تتمثّل في البقاء في السلطة.

تتميز هذه المرحلة بالكثير من المراهنات الإستراتيجية المرتبطة بالتنافس الإقليمي والدولي والتمنيات السياسية
أن النظام السوري الذي يسير بعكس إتجاه السير في المراهنة على الحلول الأمنية قد حقّق فشلاً تلو الفشل في معظم محاولاته العسكرية لاحتواء الأزمة و وضع نهاية لها ، عندما أنكر وجود ثورة شعبية تطالب بالتغيير و الحرية و الكرامة الإنسانية المفقودة، واختار بدلاً من الحلول الجذرية السلمية في التعامل مع الأزمة بتسليح الشبيحة و عصاباته المسلحة المدعومة من النظام نفسه.

أن النظام الذي عمل بكل قوته العسكرية و الأمنية باتجاه إخماد الاحتجاجات السلمية ، متجاهلاً النداءات الدولية و منظمات حقوق الإنسان ،قد فشل تماماً و تبين بأنه كان غير مستعد للتداعيات المتوقعة خاصة على الصعيد الاقتصادي و التحضير للعقوبات على قطاعات هامة مثل النفط و الغاز ،. لقد أصبح انقطاع الكهرباء أمراًروتينياً ؛ وهناك نقص حاد في وقود التدفئة( المازوت) والغاز المنزلي؛ كما شهدت المواد الغذائية الأساسية ارتفاعاً حاداً في الأسعار. كما يحاول النظام ضخ العملة العالمية في السوق لدعم الليرة السورية، لكن من الصعوبة حل الأزمة عن طريق المسكنات و خاصة مع تعميق الأزمة السياسية في البلاد و سحب السفراء و المقاطعة الإقتصادية و إمتناع الدول الأوربية عن طباعة الأوراق النقدية لصالح النظام مما جعل النظام نفسه يقوم بطباعتها من دون رصيد، و هذا أدى إلى إنهيار قيمة الليرة السورية بالسرعة القصوى، و لذلك فأنه من دون الحلول السياسية للأزمة السورية فإن كل هذه الجهود ستثبت عدم نفعها في حماية النظام من الإنهيار الإقتصادي الحتمي ، مما سيزيد في تعميق الأزمة الاقتصادية الخانقة.

إن النظام الأسدي الذي أطلق العنان لعصاباته الأمنية ضد المحتجين السلميين واستأجر المجرمين من لبنان و إيران و العراق بالإضافة إلى عصابات الشبيحة للقيام بأعماله القذرة، و تغاضى عن تجريم قواته العسكرية النظامية – التي لجأ عناصرها إلى سرقة البيوت و المحلات التجارية ، وخطف النساء و عمليات الإغتصاب التي يندى لها جبين الإنسانية .

أن الخطة العسكرية التي إستخدمها النظام لقمع الاحتجاجات، معتمداً بشكل أساسي على أجهزة الأمن والشبيحة المتعاملين معها، والاستناد إلى الجيش في مهمات تدمير المدن و ترويع السكان المدنيين ووضع الحواجز ونقاط التفتيش أثبتت فشلها وخاصة مع تزايد الانشقاقات في الجيش، وقيام المدنيين بمساعدتهم للخروج الآمن أو إيوائهم، مما جعل مهمة أجهزة أمن النظام في غاية الصعوبة ، لأن وحشية هذه الأجهزة الأمنية و عملياته العسكرية أدت إلى ظهور رد فعل مسلح لدى العناصر المنشقة لحماية السكان المدنيين و حماية المظاهرات السلمية . فباتت الأجهزة الأمنية التابعة لميليشيات الأسد بحاجة لمساعدة الجنود الذين لم يكونوا مستعدين لهذه المهمة، والذين يشعرون على نحو تدريجي بابتعادهم عن أجهزة النظام القمعية وأكثر تعاطفاً مع المحتجين. والنتيجة المباشرة لهذا الوضع هو أن قوات الأمن لا تسيطر إلا على المكان التي تقف فيه الآليات العسكرية كما بدأت تفقد السيطرة بشكل متزايد في كثير من أنحاء البلاد حيث يقتصر عملها على عمليات محدودة تسارع بعدها إلى الانسحاب و لكن عمليات الثورة مستمرة مع المظاهرات السلمية التي تطالب بإسقاط النظام.

إن النظام أضاع الفرصة تلو الفرصة بعد أكثر من سنة لكي يحل الأزمة داخلياً و نتيجة لتعنته و تمسكه بكرسي الرئاسة و قمعه للشعب السوري المسالم بات اليوم أكثر من أي وقت مضى أمام تدخل أجنبي متصاعد،
ولمواجهة عنف السلطة الفاشية كان لا بد من ظهور طرف آخر يقوم بحماية نفسه و حماية المدنيين و يمتنع عن تنفيذ آوامر السلطة في قتل المتظاهرين العزل حتى بات النظام الآن يواجه وجود مسلّح مناوئ له في مساحات واسعة من محافظات إدلب وحماه وحمص و درعا ودير الزور و المتمثل بالجيش الحر الذي أبى أن يقتل الشعب من أجل بقاء آل الأسد في السلطة.

أن النظام السوري لن يتوانى عن إفراغ خزائن الدولة من المال و السلاح من أجل الاحتفاظ بالسلطة لأطول وقت ممكن، وأن العقوبات الاقتصادية التي تعاني منها سوريا و المطبقة من قبل الإتحاد الأوروبي و الولايات المتحدة الأمريكية و المترافقة مع تردي الأحوال الأمنية داخلياً، تؤدي إلى توقف النشاط الاقتصادي و الإنهيار السريع للإقتصاد و ضعف تمويل العمليات العسكرية في المدن و القرى بالإضافة إلى إنهماكها أمام صبر الشعب السوري و تضحياته الجسام.

أن النظام السوري غير مستعد للمساومة أبداً على حكم استولى عليه حافظ الأسد بالإنقلاب العسكري و بشار الأسد بالوراثة ، وأن خياراته الوحيدة تقوم على قاعدة بقاء النظام أو الدمار الجماعي للبلد و من فيه، وأنه بناء على هذه القاعدة العدمية يتم الضغط على المواطنين و خاصة التجار و أصحاب رؤوس الأموال للالتفاف حول العقد الاجتماعي – السياسي القديم، في حين يتوقع النظام من المجتمع الدولي أن يتراجع عن الضربات العسكرية أو العقوبات خوفاً من الفوضى التي قد تظهر ما لم يتم تحقيق هدفه في البقاء على رأس السلطة.


أن القمع الشديد و الظلم الجائر و الإعتقال التعسفي و التعذيب في السجون و المعتقلات الذي عاناه الكثير من السوريين و خاصة بعد قيام الثورة جعلهم يتجاوزون حواجز الخوف من القمع و التنكيل أصبح التدخل الخارجي مطلب الشعب السوري لحمايتهم من العصابات الأسدية الحاكمة.


أن النظام السوري المتورط في انتهاكات حقوق الإنسان و الممارسات المنافية للقانون التي تحدث دون خوف من العقاب، وخصوصاً جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، التي يجب أن تخضع للمساءلة القانونية أمام محكمة الجنايات الدولية.

أن المجتمع السوري بات اليوم أكثر استعداداً للتغيير مما كان في بداية الثورة و خاصة بعد إنحسار الإنقسامات في صفوف المعارضىة تحت ضغط الشارع الثائر كما أن الشباب أصبحوا اليوم أكثر إهتماماً و إلماماً بالسياسة و إنخراطاً في الصراع من خلال التنسيقيات و قيادة الثورة الموجودة على كامل التراب السوري و في جميع المناطق و بجميع أطيافهم.

25.03.2012







(100)    هل أعجبتك المقالة (93)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي