
نزار الفرا.. زوج الست.. أبو وليد

يهتم كثيرون هذه الأيام بكل شخص وفق للخلفيات التي يرتبط بها، فالحديث عن أي معارض مثلاً، يعيدنا أولاً للخوض في تاريخه النضالي والسياسي، وهو أمر محمود طالما أنه يتم ضمن نطاق البحث عن الأفضل في سورية الجديدة.
إلا أن الأمر مختلف ولا شك، عندما نتحدث عن شخصيات غير سياسية. جامعية، ثقافية، إعلامية، وفي هذا المجال الأخير يصبح الكلام مؤلماً ومؤسفاً.
فالسلطة التي من المفترض أن تكون «رابعة»، حوّلها النظام ودجّنها منذ عقود لتكون «الفرع الثامن عشر»، والناطق باسم الأفرع الأمنية المنتشرة في طول البلاد وعرضها كسرطان خبيث، وهو أمر ليس بجديد، لكن التطوّر النوعي «سلبياً» الذي سجله الإعلام السوري الرسمي، وشبه الإعلام الرسمي (وليس الإعلام شبه الرسمي)، كان باتجاه التحريض والتطرف بوقاحة منقطعة النظير.

واحتلت قناة الدنيا المملوكة لأزلام العصابة، المرتبة الأولى في نهج التضليل الفعلي، لا ذلك التضليل المروّج له عبر ساعات بثها المسمومة، وبات واضحاً أن هذه المؤسسة الإعلامية حديثة العهد، بمثابة البوق الكبير، الذي يجمع كل أبواق النظام ولاعقي الأحذية، لكن ما لم يتوقعه أحد، هو الظهور العدائي لمذيعي القناة بشكل لا يمكن تفسيره بأنه «تحت الضغط».
وإذا كان للمتابع أن يُصدم بإعلامي في هذه القناة، فستكون الإجابة الأولى لدى الغالبية الساحقة: «نزار الفرا» !
فالإعلامي الشاب «ابن محافظة حمص» وابن الشاعر الشهير «عمر الفرا»، كان يمثل وجهاً غير مألوف عبر الشاشات السورية منذ ظهوره الأول قبل سنوات في التلفزيون السوري، ثم في انتقاله لقناة الدنيا ليصبح أحد أبرز وجوهها.
لكن إذا عُرف السبب بطل العجب، إذ أنه متزوج من زميلته في مشواره الإعلامي «هناء الصالح»، والحق يقال هنا، بأنها منافسته الأقوى في بث السموم والحقد على الهواء مباشرة، سواء في استفزاز الضيوف الأشاوس من طينة الشعيبي وقنديل، أو في تعابير الوجه التي تصلح لمحققي أقبية فرع فلسطين.
الفرا، تنكّر لمحبة أبناء حمص الذين طالما رحبوا به في مقاهي المدينة وشوارعها، ولم يستذكر من شعر أبيه الذي «كانت» له هو الآخر مكانة كبرى لدى كل السوريين، سوى ما قاله من مديح للأسد بمدينة الرقة منذ أشهر قليلة.
الولد سرّ أبيه على ما يبدو، ولعلّ من المفيد، أن نذكّرهما معاً، بالقصيدة التي نظمها الثاني وهو على فراش المرض قبل عامين ووصفها بأنه «وصيّة لابنه»، وكانت تحمل عنوان الوطن ومنها هذه الأبيات:
*الوطن عزة وكرامة وصحوة الوجدان…
*الوطن صبر وعزيمة وقوة الإيمان…
*الوطن يا ابني ما هو لفلان وابن فلان وقلب فلان…
*الوطن يا ابني ما هو طابع ولا هاتف ولا عنوان..
*الوطن ناموس للي يخجل…
*بنهايتها الوطن يا ابني… الوطن عرض البني آدم..
ترى ألا يستحي الأب وابنه من مواقفهم الآن، ألا يشعرون بالعار، أم أن ذاكرتهم أصابها خَرَف؟؟؟
ربما كان «الإعلامي الباسل» وفقاً لوصف «المنحبكجية»، أو «زوج الست» وفقاً للمعارضين، مقتنعاً بعدالة النظام وإصلاحاته الفريدة، لكن هل هو مقتنع بأن مدينته إرهابية وأهلها «أهله»، يستحقون القتل وإعادة التأهيل كما يتحاور مع ضيوفه بشكل شبه يومي ؟؟؟، ربما تجيبنا عن السؤال «مدام هناء»، ونستعين هنا من جديد بأبيات للأب ختاماً:
خسارة .. للي ما يدري بأي لحظه لزوم يثور
زلزلها .. تهز القاع .. دمّر كل حديد السور
تعلمنا بتواريخ البشر كلهم .. العصابة تنتهي بجولة
وعلى طول الشعب منصور
فكّر بيها ، خطّط واسرح، روح تأمل
حللها ، فكر على مهلك.. يا تقبلها – أو ما تقبل
قصتنا لازم ننهيها.. ولو تشلع قلبك ما نرحل
سوريا بدا حرية
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية