أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

ومضى عام على ثورة الشعب السوري! هل نقوم بجديد ومختلف في أسلوب الثورة للإسراع في النصر؟... المهندس سعد الله جبري

‏ بعد مرور اثني عشر شهرا كاملة من عمر ثورة الشعب العربي السوري، لنراجع أمور وتساؤلات الثورة:‏

‏1.‏ هل حققت الثورة الشعبية انتصارا كافيا لتحقيق هدفها الأساسي وهو إسقاط النظام؟
‏2.‏ هل قصّر العرب، والقوى الدولية في دعمهم لثورة الشعب السوري، رغم أعلانهم جميعا تأييدها؟
‏3.‏ ما هو الأسلوب الفعال حقيقة لتحقيق النصر السريع، ولم تُمارسه وتعمل له حتى الآن جماهير الشعب ‏ولا الجيش الحر، متعففين عنه؟

أولا: أقول – ما هو معروفٌ للجميع - أن ثورة الشعب العربي السوري قد حققت الكثير على المستويات الوطنية ‏والعربية والدولية، ولكنها للأسف لم تحقق بعدُ النصر النهائي المرغوب من أكثرية الشعب السوري الساحقة، ‏ألا وهو إسقاط النظام ورئيسه والعصابة الحاكمة، وذلك رغم أنها قدمت أكثر من عشرة آلاف شهيد حتى الآن، ‏إضافة لما يزيد عن سبعين ألف جريح، ومثلهم من المعتقلين، الخاضعين لأشد العذاب المُفضي إلى الموت!!‏

هل قصّر الشعب السوري؟ أبدا، بل إن استمرار الثورة لسنة كاملة رغم التفاوت الهائل بين قوى وتسليح ‏الشعب، ونوعية أسلحة القوة بيد السلطة، التي تحكم جميع قوى الأمن والجيش بكامل تسليحهم من دبابات ‏ومدرعات وطائرات وصواريخ، اشتراها الشعب بماله طيلة خمسين سنة وذلك بغرض الدفاع عنه ضد العدوان ‏الخارجي وخاصة الإسرائيلي، ولتحرير الجولان وما وراءه من أراضي سورية، باعها بيعا، وسلّمها تسليما ‏نظام حافظ وبشار الأسد بخيانة معروفة محليا وعربيا ودوليا! إلا أن بشار الأسد زاد في خيانة وطنه باستعماله ‏أسلحة الشعب وتوجيهها جميعا ضد الشعب السوري الذي اشتراها بماله، "وليس بأموال عائلة الأسد قطعا"! ‏في حين أنه لم يُطلق طلقة واحدة على العدو الإسرائيلي لتحرير الجزء المُحتل من سورية، وهو الجولان، ولا ‏لتحرير فلسطين التي هي أيضا جزء من دولة بلاد الشام التي أقطعها وعد بلفور إلى اليهود لإنشاء دولة ‏إسرائيل عليها! ومن المعلوم أن لا سلطة سورية اعترفت بإسرائيل، ولا بمشروعية وعد بلفور إلا بشار الأسد ‏وذلك في إعلان قبوله بالإعتراف والتطبيع مع إسرائيل والتعامل معها كأي "دولة" أخرى، والذي كان في ‏منتصف عام 2008 !!‏

ثانيا: 1. لم يُقصّر الشعب السوري قطعاً، فلقد بذل أهالي حمص ودرعا وحماة، ودير الزور والقامشلي، وحلب ‏ودمشق أخيراً، ومدن أخرى كثيرة جهودا، مُشرّفة وتضحيات كبيرة جدا لإنجاح ثورة الشعب، وإنقاذ سورية ‏من براثن حكم عصابة خائنة عدوة لسورية وشعبها!‏

‏2. لم تقصّر الدول العربية شعوبا وحكومات، وخاصة السعودية وقطر وتونس وليبيا وفلسطين والمغرب ‏في دعم ثورة الشعب السوري، وإن كان دعمها لا زال في حدود الدعم السياسي دون العسكري – حتى ‏الآن- وهو الذي مهما كانت قيمته عالية، إلاّ أنه في التعامل مع النظام الأسدي بالذات ونوعية سياساته ‏وأخلاقياته، لم، ولن يُشكل الدعم الكافي بقوّة فاعلة وجدية لإنجاح ثورة شعبٍ تجابهه السلطة القائمة عليه ‏بالدبابات والمدفعية والصواريخ والطائرات، بل وبالإستهتار الكامل لواقع أن السلطة سخرت جيش الوطن ‏والشعب لقتال الشعب بدل قتال العدو! ولعل هذا أعظم خيانة تُدين بشار الأسد وعصابته المتسلطة على حكم ‏سورية!‏

‏4.‏ أما الجهات الدولية فقد تباينت درجة دعمها للثورة السورية، ويمكن تلخيص نوعية الدعم الدولي ‏بالتالي: ‏

a‏.‏ دعم سياسي محض، وهو ما قامت به أغلب حكومات العالم بما فيها الحكومات الأوربية التي اتخذت ‏موقفا مختلفا في دعمها لثورة الشعب الليبي!‏
b‏.‏ دعم سياسي أمريكي لفظي فاشل ومعيب وانتهازي متردد بدعم ثورة الشعب السوري، والإكتفاء ‏بأقوال تافهة، ومثاله قول الرئيس أوباما، ووزيرة خارجيته كلينتون:" على بشار الأسد أن يتنحى ‏‏!!" مكررين هذا القول عديدا من المرّات ومكتفين به بشكل تهريجي مُضحك! ظانّين بذكاء فاضح ‏أنهما أتمّا فريضة دعم ثورة شعب يُذبح يوميا طيلة سنة كاملة، بينما مستوى الدعم الأمريكي ‏يقصر ويتراجع عن التزام أدنى المبادئ والأهداف التي تدعيها وتتاجر بها حكومة الولايات ‏المتحدة، وخاصة الأوبامية الحالية التي صرعت العرب والعالم بها، فلم نرى منها إلاّ إنبطاحا كاملا ‏لإسرائيل في مؤتمر الإيباك اليهودي، وخرسٌ بشع عن أي دعم جدي فاعل لثورة الشعب السوري. ‏ولعل هذا مُكمّل لذاك، فما بشار الأسد – وأبيه من قبله – إلاّ عميلان مُؤكدان لإسرائيل بالذات، ‏والبراهين على ذلك أكثر من أن تُعدّ وتُحصى، وهكذا اختارت حكومة الولايات المتحدة الأوبامية ‏دعم ثورة الشعب السوري ببضع تصريحات تافهة، بينما دعمت الأسد عميل إسرائيل – عملياً - ‏بامتناعها عن أي فعل – ولو سياسي – مُؤثر على النظام الأسدي القاتل لشعبه!‏

c‏.‏ عداء مكشوف من الصين، وروسيا خاصة، ولدرجة أن الشعب العربي السوري بل وجميع شعوب ‏العرب لتعتبر الآن أن روسيا قد انتقلت من فئة الدول الصديقة للعرب، إلى دول عدوّة معادية مثلها ‏مثل إسرائيل فعلا! وهذا ما سيترك بصمات كثيرة على العلاقات المستقبلية بين سورية خاصة ‏والعرب عامة، بعد نجاح الثورة غصبا عن بوتين وحكومته، وبين دولة روسيا التي قامرت فعلا ‏على الجواد الخاسر بقصر نظر بيّن وغير بريء إطلاقا من حيث ارتباطاته بإسرائيل واليهود ‏الروس!‏

ثالثا: ما هو الأسلوب الفعال حقيقة لتحقيق النصر، والذي لم يُمارس ويُعمل به حتى الآن ؟

بداية، علينا أن لا نيأس، نتيجة لتقصيرات وظروف شعبية سورية ثانوية هنا وهنالك، وقصور الدعم العربي ‏والدولي لنصر الثورة لإسقاط نظام الأسد كلية - كما حصلت عليه الثورة الليبية لإسقاط القذافي - ولكن لا زال ‏هناك الكثير مما لم يستخدمه الشعب العربي السوري في ثورته لتحقيق النصر على دولة الفساد والخيانة ‏والتقتيل الأسدية! وهذا الباقي هو فعلا وأكيدا ما سيحقق النصر الأكيد بإذن الله، ويسحق قيادة النظام ‏وسقوطها، وسريعا!‏

قبل أن أتكلم عن الأسلوب، سأتذاكر شيئا تاريخيا هاما، وهو أن جميع السلطات البشرية عبر التاريخ كانت تٌعاقب ‏المجرم القاتل أو الخائن بقطع الرأس! لماذا الرأس بالذات؟ لأن الرأس هو مركز التفكير والتقرير الذي قد يقود ‏صاحبه إلى الخيانة والفساد والإجرام! أو إلى عكسه!‏
وما هو رأس النظام الواجب قطعه لإسقاطه ونجاح ثورة الشعب؟
هو السلطة برئيسها وحكومتها وقيادات أمنها ورموزها، فهؤلاء هم رأس كلّ دولة، وهم بالذات رأس نظام ‏الفساد والتخريب والخيانة في سورية!‏
والحل التاريخي الأكيد المتوارث منذ آلاف السنين، وطبقته بنجاح جميع الثورات العالمية، والثورة الفرنسية ‏خاصة وغيرها، هو قطع رأس رئيس أو ملك النظام، ومن ثم أعوانه وتابعيه!‏

كيف نقطع رأس النظام؟ هو على محورين:‏
‏1.‏ قيام الجيش الحر بالعديد من مهام يومية لبعض عناصره للقيام باغتيال مسؤول مُعيّن بذاته من ‏مسؤولي السلطة السورية الحالية، من أعلاها في القصر الجمهوري إلى أدناها من وزراء وأذناب ‏النظام وشركائه! وذلك بعد إجراء الرقابة اللازمة تمهيدا لاصطياده شخصيا بإطلاق النار! ولا يجوز ‏الإغتيال بالتفجيرات في الشوارع والساحات لاحتمال إصابتها لمواطنين أبرياء، وهو ما لا ترضاه ‏الثورة، ولا المسؤولية الأخلاقية، فضلا عن ما سيتسبب بنتائج عكسية في رضا الجماهير على الثورة ‏وأسلوب التفجير!‏

‏2.‏ أيضا قيام كل مواطن مؤمن شريف قادر يدعم الثورة ويتطوّع بجهده لإنقاذ واستقلال وطنه وشعبه من ‏الإحتلال الإسرائيلي الذي تُمثله سلطة بشار الأسد بتخريبها وخيانتها وسرقتها لأموال الشعب والخزينة، ‏والتسبب بجميع المآسي التي يُعانيها الشعب السوري من بطالة فظيعة، وفقر وغلاء متزايدين، وإهانات ‏واعتقالات أمنية ضد عشرات ألوف الأبرياء، والتي غالبا ما تنتهي بالقتل أو التعذيب! وذلك بالقيام بذات ‏المهمة المذكورة لأفراد الجيش الحر، وهي عمليات اغتيال ذكية مدروسة!‏

أقول أن سلسلة إغتيالات متواصلة يوميا من النمط المذكور في دمشق العاصمة خاصة، وفي باقي المدن ‏والمحافظات أيضا، لتدكّ معنويات رموز النظام دكّاً، وتضطر كلاّ منهم إلى مباشرة التفكير بشكل متزايد – كلما ‏حدث اغتيال جديد – للتفكير بالهرب من البلاد كليّة، وإلى حيث أودعوا ما نهبوه من أموال الخزينة والشعب، ‏في البنوك الأجنبية، "ليعيشوا "وعائلاتهم بقية حياتهم آمنين من الإغتيال، وهذا هو تفكير الفاسد اللص ‏الخائن، الذي لا يهمه لا وطن ولا شعب، ولا قضية ولا مبدأ، ولكن تهمه حياته، والتنعم بما نهبه حصرا، ودون ‏أي شيء آخر!‏

لنقل بعد شهور قصيرة، وبعد أن تكون قيادة النظام قد أُنهكت، وتزايد عدد الهاربين منها، فليكن أسلوب ‏العصيان المدني الشامل خاتمة الإجراءات، مع استمرار عمليات الإغتيال بالطبع، وذلك لتوجيه الضربة القاضية ‏النهائية لإسقاط النظام ومن ثم اعتقال من يبقى منهم وتقديمهم لمحاكم الشعب لينالوا جزاء خياناتهم الوطن ‏والشعب!‏

بقيت نقطة أخيرة، وهي كراهية الشعب السوري لمبدأ القتل والإغتيال، وهو في ذلك على حق ومثالية أخلاقية ‏صحيحة ومحمودة، ولكن الجواب على ذلك هو في النقاط التالية:‏

‏1.‏ أليس النظام يستخدم أسلوب القتل الظالم ضد المواطنين الأبرياء، وحتى تجاوز قتلاه عشرة آلاف ‏مواطن بريء حتى الآن؟ إذن، أوَ ليس من العدل الشرعي والدستوري والقانوني مقابلة القتل بالقتل، ‏لتتوازن المعادلة، وتحقق أغراضها الخيّرة لصالح الشعب والوطن؟ بدل تحقيقها لصالح النظام الفاسد ‏وضد مصلحة الشعب والوطن؟ وهل من الحقّ والعدل أن تذهب أرواح شهداء الشعب هدرا، دون ‏محاسبة وانتقام، والله تعالى يفرض فرضاً: {النفس بالنفس}. وهو ما تنص عليه جميع قوانين العقوبات ‏في العالم

‏2.‏ وهل الشعب يعيش في ثورته الحالية إلاّ حربٌ حقيقية، وفي الحرب يتبادل الطرفان المتحاربان القتل، ‏وحتى انتصار أحدهما! وهذه سنة الكون والبشرية منذ خلق الله تعالى آدم إلى يومنا هذا، فهل نرضى ‏بقيام السلطة بتقتيلنا في حربها علينا، ونحن نمتنع – كالخراف - عن ذات الفعل بحق رموزها وقياداتها؟

‏3.‏ وهل كان – أساساً- من حقّ السلطة دستوريا وقانونيا أن تقتل ولو مواطن واحد، إلاّ عن طرق حكم ‏قضائي عادل لجريمة محددة ارتكبها خلافا للقانون؟؟ لا بالتأكيد، ولكن السلطة قتلت آلاف المواطنين ‏دون أيّ جريمة ارتكبها أحدهم، ودون حكم قضائي يُدينهم، بل لمجرد تظاهرهم السلمي المشروع في ‏ذات الدستور السوري! وبالتالي فقد ارتكبت السلطة جرائم قتل بالآلاف مخالفة الدستور والقانون ‏والأعراف، إضافة للشرائع السماوية جميعا! فهل جرائم السلطة الحقيقية معفاة من العقوبة، والمعاملة ‏بالمثل؟

‏4.‏ ألسنا نريد إنهاء الثورة وإيصالها لتحقيق أغراضها بأسرع ما يُمكن، والعودة إلى الحياة الطبيعية ‏البنّاءة المثمرة والعادلة التي حرم النظامُ الفاسد الشعبَ منها عقودا طويلة؟ فهذا هو الدواء – وكل ‏إنسان يكره الدواء – الذي سيُنهي النظام الفاسد، ويحقق انتصار الشعب وثورته وقضيته، وبالتالي ‏تحقيق أهدافه المشروعة التي حرمه النظام الفاسد والظالم منها جميعا عقودا طويلة!‏

إن السلطة الأسدية بجميع أفرادها، لم، ولا تحكم سورية لخدمة الشعب والوطن، ولا لخدمة مبدأ أو عقيدة ‏سياسية ( البعث مثلا)، أو لتحرير البلاد، وإنما لممارسة الفساد ونهب خزينة الدولة وذلك بعقود الفساد ‏المشهورة طيلة العهد، وفي نفس الوقت نهب أموال الشعب الخاصة عن طريق عمليات تخفيض سعر العملة ‏تكرارا ومرارا حتى نهبوا ثلثا ثروات كلِّ مواطن أو راتبه، وابقوا له – حتى الآن الثلث فقط ! وهو ما حدث فعلا ‏طيلة العهد الحالي، وقام جميعهم بتهريب ما نهبوه من آلاف المليارات للخارج وإيداعه البنوك الأجنبية، فتسببوا ‏بإيقاف التنمية نهائيا، وفاقموا البطالة إلى أعلى نسبها تاريخيا، وخلقوا الفقر والغلاء والحرمان لأكثرية الشعب!‏

وهذه النوعية من البشر اللصوص تخاف الموت، وتعمل على الهروب منه، وخاصة منهم من نهبوا المليارات ‏التي تنتظرهم في الخارج، ومن هذا المنطلق فكلّ منهم جميعا، يأمل بالهروب ومغادرة البلاد عندما يتأكد أن ‏سيف الإغتيال سيرديه قتيلا ، وذلك للنجاة بروحه وعائلته! فإذا ما حصل ذلك، فقد انهار النظام الأسدي الفاسد، ‏بهروب تدريجي لرموزه يتزايد يوميا، حتى يجد الأسد الجبان المُختلّ عقلياً أنه بقي وحيدا مع بضع قليل من ‏أعوانه، فيطبق عليهم الشعب سوقا إلى محاكمات عادلة بجرائم الخيانة العظمى وتقتيل الشعب خلافا للقانون! ‏هذا إذا لم يكن الأسد أول الهاربين من البلاد!‏‎ ‎

المهندس سعد الله جبري
http://www.facebook.com/?sk=nf#!/permalink.php?story_fbid=272001866212203&id=100002071760622‎

(112)    هل أعجبتك المقالة (106)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي