قد تكون الوقاحة مفردة غير كافية لوصف الحالة الوظيفية للنظام الفاشي في دمشق، نظام يقتل شعبه باسم "الممانعة" أولا وباسم فلسطين ثانيا... وهو الذي لم تتردد أبواقه ووسائل إعلامه منذ اليوم الأول لتفجر الثورة السورية في درعا وعلى لسان بثينة شعبان وخالد العبود وغيرهما في الذهاب نحو اتهام الفلسطينيين بأنهم يقفون "وراء أعمال الشغب"... وقد أدلى خالد العبود بشهادة مضحكة لقناة بي بي سي اللندنية "ملثمون فلسطينيون في درعا يطلقون النار على الجانبين وهم يركبون درجات نارية"... لم تنشغل مذيعة بي بي سي قبل عام بسؤال العبود: وكيف عرفتهم إذا كانوا ملثمين؟ ألا يوجد غير الفلسطيني ليتلثم في حوران؟ ( طبعا لو صدقنا الكذبة المستمرة في رواية المؤامرة الكونية)..
مؤخرا برز نوع من العهر السياسي الواضح على لسان أبواق فلسطينية وساسة سوريين:
في الوقت الذي قصفت فيه طائرات الاحتلال الصهيوني قطاع غزة على مدى أيام فسقط 18 شهيدا وعشرات الجرحى، راح هؤلاء يتباكون على أهل غزة وفلسطين... متناسيا هؤلاء ذلك الانحطاط الذي وصلوا إليه في طقوس الذبح المتنقل في حمص... سكب المازوت والبنزين وحرق البشر... جز الحناجر... إغتصاب نساء وفتيات وخطف أخريات... تدمير منهجي ومنسق لأحياء السوريين... في سوريا يجري الأمر بالدبابات والمدفعية لدك البيوت... وفي غزة بالطائرات...
في يوم واحد 113 شهيدا سوريا بينهم من قتل في مجزرة مروعة لم يستطع كل أبواق النظام سوى القول: من فعلها عصابات مسلحة "إرهابية" في كرم الزيتون... لا أحد يعبئ بالروايات التي يقدمها الناجون من المذبحة ولا يظهر الإعلام السوري سوى ما يؤكد رواية سخيفة ورديئة جدا تستهبل العقل البشري...
يجلس بعض أبواق النظام السوري الفاشي في دمشق ليقولوا: من قتل في حمص هم من الإرهابيين...وكم من السخف أن يذهب بعضهم إلى حد القول: من جرى ذبحهم هم من الأحياء المؤيدة!!
لم يعترف هؤلاء أن تلك المذبحة شهدت ذبح عائلة فلسطينية كاملة... وبالضد من كل الوقائع التي تقول أن حمص شهدت ذبح عوائل ومدنيين وتعذيب حتى الموت لمعتقلين فلسطينيين أسوة بإخوتهم السوريين المستهدفين ما يزال هؤلاء ينكرون أن شيئا من هذا قد حدث... بما فيها قصة أحد رجالات ووجهاء مخيم حمص..
في مخيم الرمل الفلسطيني باللاذقية الذي تم قصفه وتهجير وقتل بعض ساكينه من السوريين والفلسطينيين تم أيضا إنكار الأمر تماما...
في درعا يعرف السكان هناك قصة مسجد الكرك وما جرى فوق سقفه بحق لاجئون فلسطينيون كانوا بصدد تهريب أغذية لحظة الحصار والقصف، مذبحة بحق شبان يتفاخر جنود الأسد بفعلها ويرمون على الجثث المفجرة أدمغتها ما يمكن أن يشير إلى أنهم كانوا مسلحين ببنادق!
في غوطة دمشق تم اعتقال العشرات من الشباب الفلسطيني... أي خارج المخيمات... تم التنكيل بهم وبعضهم لا يعرف مصيره إلى يومنا هذا... وتم إعدام ميداني لشاب فلسطيني في منطقة الميدان بطلقتين في الرأس بعد مشاركته في تشييع الطفل ابراهيم شيبان...
في مخيمات دمشق يجري النظام ومافيا كاملة متحالفة مع مافيا رامي مخلوف عملية مقايضة بسيطة مع حثالة من الجنائيين المطلوبين للعدالة:
تشغيل هؤلاء كشبيحة وعسس على الفلسطينيين مع خط ساخن للتبليغ عن أي تحرك مثلا في مخيم اليرموك وفلسطين قرب العاصمة دمشق... واللعبة ليست بعيدة عن مافيوزي بوزن ياسر قشلق المتباكي على حصار غزة بينما تستضيفه قناة الدنيا ليمارس الشتبيح على أصوله وليست بعيدة عن رجال أحمد جبريل والثلاثي المرح "رجا" كتابة وتطبيلا وعسسا بالتنسيق مع ابن جبريل خالد المسمى "أبو العمرين"... وتلعب ما تسمى "إذاعة القدس" المفترض أن همها ما يجري في القدس دورا مقرفا في التطبيل لنظريات النظام وتجاهلا جبانا لتلك الممارسات الموصوفة بالعهر السياسي والإعلامي...
أكثر من 110 شهداء فلسطينيين في الثورة السورية أضف إليهم عائلة زهرة التي تم ذبحها في مجزرة كرم الزيتون في حمص... أي أكثر مما قدمته بعض المحافظات السورية من شهداء مضاف إليهم المطارد والمطلوب والمعتقل وفق لوائح الصاعقة والقيادة العامة ومشغليهم من الاستخبارات السورية بكل أذرعها... وبالرغم من ذلك لم ينتبه المطبلون لهذا النظام الفاشي بأن الوقائع وأهالي الشهداء لا يمكن تكذيبهم والتوثيق لا يتم اعتباطا على طريقة شريف شحادة الذي يوجد مثله في الطرف الفلسطيني العشرات من أمثاله...
ما الذي أراده النظام الأسدي؟
أراد من الفلسطينيين في سوريا وقواهم الوطنية التحول إلى مرددين لروايته وأبواق وشبيحة... بيانات مؤيدة وشبيحة... فهو "الممانع والمقاوم الأول" والتجارة بالقضية الفلسطينية مربحة جدا.... بدليل ما قاله رامي مخلوف في العام الماضي ومسرحية الجولان وجنوب لبنان...
أرسل النظام شبيحته من الموظفين في الدولة والبلديات لقمع الشعب، بينهم موظفون فلسطينيون... اكتشف بعضهم كذبة النظام في دوما وحرستا وغيرها من ريف دمشق...
لم يحصل النظام على ما أراده منذ البداية... ببساطة لم يفرق بين سوري وفلسطيني في قتله وقمعه... القصة واضحة... لنحيد الفلسطينيين إذا... كيف؟
بالاعتقال والتشبيح والقتل واستخدام الأبواق لبث حالة من الهلع وإبعاد هذا الخزان البشري المتمرس عن الشارع السوري...
خطة بائسة وفاشلة وغبية... فلم يرتدع هؤلاء فزاد النظام من وتيرة استهداف هؤلاء ومحاولة الإيقاع بينهم من خلال مجموعات لا تعرف في الحقيقة من الواقع سوى الارتهان لأجهزة استخبارات وجنائيين يمنحون صلاحية ملاحقة النشطاء في المخيمات... محاصرة المساجد والجنائز وبيوت العزاء وأي تجمع شبابي بسيط..
وقام النظام باغتيال كلا من :
- الشهيد العميد الركن احمد ابو خميس قائد قوات حطين التابعة للفرقة السابعة من الجيش الاسدي
- الشهيد العقيد الركن عبد الناصر مقاري قائد كتيبة 982صاعقة في قوات اجاندين التابعة للفرقة السابعة في الجيش الاسدي
- الشهيد العقيد رضا الخضر رئيس اركان قوات حطين التابعة للفرقة السابعة من الجيش الاسدي
و قاموا منذ يومين بمحاولة اغتيال فاشلة للعقيد اركان طارق ابو سرور قائد كتيبة 980 صاعقة من قوات اجاندين
الأسماء أعلاه لم تسترعي أي احتجاج فلسطيني رسمي، ولا حتى فصائلي... فمن استهدفهم في عرف التشبيح وأبواق النظام صغارا وكبارا هم "العصابات الإرهابية"...
وهكذا اختزل علينا "كاتب فلسطيني" يسمى زياد أبو شاويش ( وبعد المراجعة وجدنا أن الرجل مطرود من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وبتوقيع الشهيد أبو علي مصطفى على خلفية قضية أخلاقية متعلقة بما كان يفعله خارج "أوقات النضال" في منطقة الزاهرة القريبة من دمشق) لتصبح الرواية في مقالة منشورة في صحيفة "الوطن" السورية بأن من قتل هؤلاء هم عصابات ليس إلا!
لم يخبرنا "الكاتب" كيف ومن أين استقى معلوماته "التحقيقية"؟ وقد ابتلع لسانه ليحدثنا عن العصابات التي قتلت كل هؤلاء الفلسطينيين واعتقالهم ومطاردتهم في المخيمات وخارجها؟ هل تملك مثلا العصابات المسلحة سجونا وفرق إعدام؟
بعد السؤال هنا في فلسطين ممن يعرف هذا "الكاتب" أذهلتنا النرجسية التي يتمتع بها هذا البوق... وما أذلنا أكثر أن رمى بعضهم لنا بكتابات سابقة لهذا "الكاتب" عن الشيخة موزة زوجة أمير قطر... يمتدحها أيما مدح... لكن قبل أن يكتشف مع النظام الفاشي " قصة مؤامرة قطر"... كذا الأمر مع الملك السعودي مدح على طريقة "ارمي له كيسا من الدراهم"... وما صعقنا مدح الديكتاتور المخلوع علي عبد الله صالح... وفذلكات عن قضية فلسطين لا تعرف لها مبتدأ ولا خبر...
هذه النماذج تساهم مساهمة المتملقين والانتهازيين في تصوير المجزرة تصويرا يحمل من العهر ما لا يمكن تحمله، فكل المذابح التي تحدث في سوريا ينخرط هؤلاء الأبواق ليرددوا خلف علي الشعيبي ( أبو فلاشة) منذ عام بأنها من فعل "العصابات التي تروع الآمنين" وفي واقع الأمر يساهم هؤلاء في قلب الحقائق والزج باسم الفلسطينيين بطريقة مشينة فيما يرفض الأغلبية الساحقة من الشعب الفلسطيني هنا في فلسطين هذه المتاجرة باسم قضيتهم والتباكي عليهم من قبل نظام يقتل شعبه ويدير ظهره لعدو يحتل أرضه بالقرب من حوران التي يتم قتل شعبها...
ربما لم يقرأ هؤلاء ما كتبه المتوكل طه في بداية الثورة السورية من رام الله، وعليهم أن يقرؤوا جيدا أن هذا العهر الذي يمارسه الإعلام السوري واستخدام رموزنا الثقافية كمحمود درويش مرفوضة ومقرفة لشعبنا.
على كل الأحوال، إن ظن هذا النظام وأبواقه بأن التبجح والمتاجرة بدماء الفلسطينيين ليست مرصودة وموثقة فهم مخطئون تماما، وستكشف الأيام القادمة أي إفلاس وصل إليه هؤلاء بخطفهم لاسم فلسطين ودماء الضحايا من أجل تبرير أفعال شائنة ومخزية بحق نساء ورجال وأطفال شعب سوريا الذي احتضن الشعب الفلسطيني قبل ولادة قبلتهم بشار الأسد.
البيان التالي يوضح من قتل ضباط جيش التحرير الفلسطيني، بعيدا عن كتاب " الدراهم"، وهو بيان لا يفهم الشبيحة من الفلسطينيين حقيقة ما يهدف إليه النظام الفاشي القائم على استهداف كل من ليس مخبرا وعسسا عدا عن استهداف الأطفال والنساء في "انتصارات" غزاة الديار المشينة:
"الجيش السوري الحر / الجناح الالكتروني :: بسبب كثرة الانشقاقات في الجيش الاسدي لجأت اجهزة النظام الامنية الى الطلب بتدخل جيش التحرير الفلسطيني المتمركز في بعض المحافظات الجنوبية من اجل المشاركة في العمليات العسكرية ضد الثوار .. و عندما رفض 40 ضابطا من الفلسطينين الاحرار المشاركة في نزيف الدم السوري لجأت الاجهزة الامنية الى ترهبيهم و تهديهم و عندما فشلت كل محاولاتهم لجأوا الى تصفيتهم و اغتيالهم"
استهداف النظام السوري للفلسطينيين في الثورة السورية! التباكي على غزة وذبح النساء والأطفال في حمص
الياس س الياس/ الناصرة
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية