أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

قدري جميل وخطاب التضليل دفاعاً عن الفيتو الروسي...د. علي هاشم أبو هاشم*

يجهد قدري جميل، أمين حزب الارادة الشعبية ( قاسيون) ومن خلال إطلالاته الاعلامية ، وعلى صفحات جريدة الحزب ( قاسيون ) إلى تبرير الموقف الروسي بما فيه استخدام الفيتو في مجلس الأمن ، بالقول أن الموقف الروسي " يسعى إلى تغير ميزان القوى العالمية لغير مصلحة الامبريالية والصهيونية " وأن الموقف الروسي قطع الطريق على التدخل الخارجي المدمر ، وأنهم ( حزب الارادة الشعبية) يرفضون ويدينون عسكرة وتسليح المعارضة ، ويطالبون النظام بتأمين مناخات الحوار ، وإطلاق سراح المعتقلين ( ممن لم تتلوث أيديهم بدماء الشعب)، دون أن ينسى الحزب وأمينه قدري جميل ، أن يرمي اللوم على الجهات المتطرفة في النظام ، ومثلها قوى الفساد التي تقع عليها مسؤولية ما وصلت إليه سوريا ، إن هذا الكلام رغم ما فيه من بساطة وسهولة فهم، فهو يحتوي على قدر هائل من التضليل وإخفاء الحقائق ، والتي نحاول تبيانها فيما يلي :
صحيح أن الموقف الروسي والصيني يسعى إلى تغيير ميزان القوى العالمية ...أما أنه ( ليس لمصلحة الامبريالية والصهيونية) فالعبارة هنا ناقصة ويجب أن تصحح بإضافة كلمة الامريكية لتصبح ليس لمصلحة الامبريالية الامريكية ، ذلك أن الروس الان يتصرفون بدافع امبريالي بحت ، لا يهمهم سوى نفوذهم الامبريالي وتسجيل النقاط في الصراع ضد الامبريالية الامريكية ، وهذا ما يجب ألا تمنعنا ذكريات الغرام السوفييتي عن الاقرار به ، وهذا ما تعترف به أدبيات حزب الارادة الشعبية بالحديث عن ( المعركة على سوريا ...) ، أما تكملة العبارة ( والصهيونية ) فلا أراها قوية المصداقية بعد جلسة التنسيق للسفير الروسي مع أصدقائه الاسرائليين بخصوص الشأن السوري ، أي أن العبارة تصبح أكثر دقة لو كانت ( ليس لمصلحة الامبريالية الامريكية ... وتحذف كلمة الصهيونية)
أما دعوة روسيا والصين لحل الأزمة سياسياً ، فهي من جهة دعوة كاذبة ، لأن الدول التي تستطيع أن تغير توازن القوى العالمي لا تدعو بل تعمل وهي حقاً تملك أدوات العمل لو أرادت، ولم لم تكن تتصرف من منطلق امبريالي بحت ، وهي من جهة ثانية دعوة مضللة تستبطن تفكيراً إقصائياً من خلال استخدام عبارة المعارضة الحقيقية التي في حقيقتها تستثني كل المعارضة إلا (جبهة التحرير والتغيير) وربما يضاف إليها ( محمد سلمان) مثلاً ، وهي ايضاً دعوة خيالية لأنها لا تستند إلى مقومات واقعية كونها بالأصل لم تطلق لتنفذ ( رغم قدرة الروس أولاً والصينيين ثانياًعلى التنفيذ) إنما أطلقت لذر الرماد في العيون – وللاختباء بخيال الأصبع – كما يقال ...

(عسكرة المعارضة) شئ سئ وخطير على حاضر سوريا ومستقبلها ، لكن الحقيقة أن الامبريالية الروسية هي المساهمة الرئيسية في عسكرة الوضع السوري ، فهي لم تتصرف كصديق لسوريا الشعب والوطن ، من خلال الوقوف ضد التدخل الخارجي العسكري والسياسي وبالوقت نفسه ( وهذا الذي لم يطلبه قدري جميل أثناء زيارته لأصدقائه الروس ) الوقوف ضد تغول النظام وقمعه لشعبه ودفعة للزاوية الحرجة التي عليه أن يختار فيها بين الموت والموت ولا خيار ثالث ،والروس لا يهمهم من كل هذا،إلا أن حولوا سوريا إلى ساحة صراع مع الغرب ليبعدوا هذا الصراع عن حدودهم في جورجيا والشيشان .....الخ
الذي دفع الانتفاضة إلى العسكرة والتسلح إضافة إلى القوى التي لا تريد خيراً لسورية الوطن والشعب ، إضافة إلى هؤلاء كان النظام بما هو كيان سياسي ومنظومة موحدة ، وليس بعض القوى فيه ، هذا التمييز الذي أدخله حزب الارادة الشعبية وأمينه قدري جميل، على القاموس السياسي دون أي دليل أو منطق ، النظام هو الذي عمل جاهداً وبمساعدة قدري جميل وتغطيته السياسية والتنظيرية ، عمل على دفع الانتفاضة إلى العنف واستخدام السلاح ، وذلك كي يحاربها في الميدان الذي يتنقنه ويملك أدواته ، وقد تأتى له ذلك من خلال القمع الاجرامي الذي لم يشهد له التاريخ مثيلاً ( تحت سمع وبصر الرفاق الماركسيين ) وقد دفع المنتفضين وهيأهم نفسياً للانجرار وراء كل من يدعو للتدخل العسكري ولاستقبال أي سلاح يقدم لهم ، سلاح حدثت شواهد كثيرة تؤكد رفض المنتفضين له في بداية الانتفاضة ، لقد خيرهم النظام وقدري جميل غطى ذلك بين الموت السريع بسلاح النظام المقدم من الأصدقاء الروس بعد التنسيق العلني مع إسرائيل ، وبين الموت البطئ في مواجهات مسلحة بعد حمل السلاح ، وغريزة البشر دائماً أو غالباً ما تختار الموت البطئ ، وهذا ما استغلته الجهات الخارجية التي تريد أن تحقق أهدافها هي ( والخارجية تنطبق على الروس والامريكان وعلى حمد وحسن وعلى سعود ولارجاني بالسوية ذاتها )
الفيتو الروسي لم يجعل التدخل الخارجي يتراجع ، إنما غير شكل التدخل وفتح له الأبواب الخلفية ، ونقل المشكلة من مشكلة سورية داخلية إلى صراع دولي على سوريا تتقاطع فيه خيوط النووي الايراني مع الشرق الأوسط الجديد الامريكي مع الشيشان والعراق وحزب الله وفتح أبو مازن وحماس هنية .....الخ لقد تحول الأمر لصراع إرادات دولي بين دول آخر همها الشعب السوري وهم بذلك جميعاً يلتقون مع النظام
تكرر قاسيون عبارة ( مطلوب من النظام ...) ولكن ماذا لهم أن يطلبوا من النظام بعد إقرار الدستور الذي ساهموا في كتابته وروجوا للموافقة الشعبية عليه ( عفواً مع تظاهرهم ضد المادة الثالثة ! ) هذا الدستور الذي يكرس حكماً ديكتاتورياً في سوريا وبقوة الدستور حتى لو استقدمنا رئيساً من جنس الملائكة ، بعد هذا الدستور ماذا يطلبون؟! ، إنما هو الأسلوب القديم الجديد ، معارضة وموالاة بالوقت ذاته ، إنه أسلوب ( لعم ) المراوغ
يطالبون بإطلاق سراح المعتقلين ( ممن لم تتلوث أيديهم بدماء الشعب) بالله عليكم من أين استعرتم هذه العبارة في الأدب السياسي؟؟!! ، لا شك أنكم تعرفون! ، ثم من الذي يحدد ذلك ؟ القضاء المستقل؟ ام أجهزة الأمن الحيادية الحرفية ؟ أم مذيعو قناة الدنيا المهنيون؟ ربما أتينا بمذيعة المطر!! ثم ماذا عمن تباهوا بالدوس على رؤوس المواطنين وقتلهم على الشاشات ( ولم يزعجهم أحد بمجرد تحقيق شكلي؟!!)
أي حوار ذلك الذي يطلبونه من النظام، وقدري جميل بدى في إحدى المقابلات متشدداً أكثر من طالب ابراهيم في إقصاء ما سماها المعارضة غير الوطنية ، ورفض الحوار معها، لدرجة أن طالب ابراهيم صاريتوسط مع قدري جميل كي يخفف من درجة رفضه ، لكن قدري جميل راح بحركة استعراضية يهدد النظام بأنه سيرفض المشاركة في الحوار لو وافق النظام على إشراك هؤلاء، وفي مقابلة أخرى طالب المجلس الوطني بتغيير مواقفه حتى يرفع الفيتو عن مشاركتهم بالحوار ( كان ذلك بعد الفيتو الروسي ، ومع شيوع خبر ترشيحه لرئاسة الحكومة القادمة) ، أي حوار هذا الذي تحدد سقفه بالدستور على مافيه وما ليس فيه؟!

دكتور علوم سياسية*


(101)    هل أعجبتك المقالة (108)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي