أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

لا صوت يعلو فوق صوت المجزرة... بدر الدين الحموي

لا صوتَ يعلو فوقَ صوتِ المجزرةْ
" قلبُ العروبةِ " صارَ مثل المقبرةْ
أطفالُ درعا هجَّأوا حـ..ـرَّ..يـ..ـةً
ضحكَ الرئيسُ و قالَ : تلكَ مؤامرِةْ
يا أيَّها الشَّعبُ الذي حـوَّلتهُ
يوماً لشعبٍ ليسَ يسمعُ أو يرى
أطفالكم كفروا فكيفَ لمؤمنٍ
بي أن يعودَ بدونِ إذني كافرا
أنا مالكُ الأعناقِ و الأرزاقِ لي
مَنَ كانَ منكم فوقَ أو تحتَ الثّرى
كيفَ استطعتم أن تروا أو تسمعوا
أو تقرؤوا أو تعرفوا ماذا جرى ؟
خدعتكم الأخبارُ ليس " مباركٌ "
مثلي و ليستْ شامكم كالقاهرةْ
إنَّ المطالبَ كلها مشروعةٌ
إلا بقائي فوقَ عرشي قيصرا
و بقاؤكم أسرى فلا منجى لكم
من سلطتي إلا ديارُ الآخرةْ
قررتُ أن أجتثَّ مِنْ آمالكم
ما كانَ في الأحداقِ أو في الحنجرةْ
و أمرتْ جيشي أنْ يحاورَ كلَّ مَنْ
في دولتي يأتي إليَّ مُحاورا
و أمرتهُ أنْ يستعيدَ زمامكم
و يعيدكم شعباً يباعُ و يشترى
فسياسةُ الإصلاحِ عندي لونُها
كدمائكم ما كانَ إلا أحمرا
----------
درعا وما درعا سألتُ فقال لي
شعري : الحميَّةُ و النفوسُ الثَّائرةْ
درعا صهيلُ الخيلِ في ساحاتها
يهتزُّ ما بينَ الثُّريا و الثرى
درعا الجّباهُ الشُّمُّ و الشَّمسُ التي
اشتعلتْ على الهاماتِ فجراً أسمرا
للمسجدِ العُمري قلبٌ نابضٌ
هل تسمعونَ دمَّ الشَّهيدِ مُكبِّرا ؟
هذا الدمُ القاني على أحجارهِ
سيصيرُ عندَ الفجرِ روضاً مزهراً
" أبناءُ درعا أهلنا " مَنْ قالها
لم يُبقِ فيها اليومَ غُصناً أخضرا
أنهى الجريمةَ ثمَّ أعلنَ نفسهُ
بعدَ الجريمةِ فاتحاً و مُحرراً
----------
ها هم " حماةُ ديارنا " في دارنا
يستأسدونَ على فتىً في العاشرةْ
صاحَ الفتى حـريَّةً...حـريَّةً
فأتوا بعشرِ بنادقٍ و مجنزرةْ
قتلوهُ و احتفلوا على أشلائهِ
سجِّلْ أيا تاريخُ هذي " المَفخرةْ "
في جبهةِ الجولانِ كانَ " حماتنا "
قططاً و في قتلِ الصغارِ كواسرا
لا تعجبوا يا ناسُ إنَّ حرابهم
لمّا تزلْ مغروزةً في الذَاكرةْ
بالأمسِ عاثتْ في حماةَ كلابهم
و اليوم في كلِّ المدائنِ و القُرى
لا تعجبوا من ذلكَ النَّصرِ الذي
صنعوهُ مِنْ أضلاعنا المتكسِّرةْ
فالنصرُ في زمنِ الهزائمِ إنَّما
يعتاشُ مِنْ سفكِ الدِّماءِ الطَّاهرةْ
----------
وطني الذي قتلوهُ أحملهُ معي
و أجوبهُ مثلَ الغريبِ مُسافرا
حيثُ التَّفتُ أرى بقايا حزنهِ
في التمتماتِ و في الوجوهِ العابرةْ
في كلِّ شبرٍ فيهِ طعنةٌ غادرٍ
تركتْ على جنبيهِ جُرحاً غائرا
في كلِّ زاويةٍ حريقٌ صامتٌ
قد ظلَّ مشتعلاً ليحكي ما جرى
حيثُ التفتُّ أرى جبيناً هـدَّهُ
تعبُ الحياةِ و بؤبؤاً مُتحجِّرا
حيثُ التفتُ أرى قيوداً أو يداً
مغلولةً أو ضابطاً أو مخفرا
وطني الذي قتلوهُ يبكي صبحهُ
و مساؤهُ دمعاً فيملأُ أبحُرا
حتى الحجارةُ فيه قد تبكي دماً
يجري على وجهِ الخريطةِ أنهرا
----------
يا حمصُ حينَ بكيتُ سالتْ أدمعي
حبراً فصرتُ لأجلِ عينكِ شاعرا
ماذا أقولُ و كلُّ حرفٍ إنَّما
هو طعنةٌ في القلبِ أو في الخاصرةْ
إنْ قلتُ : حمصَ بدتْ حروفي كلَّها
فوقَ السُّطورِ أسنَّةً و خناجرا
جمرٌ كلامي في فمي جمرٌ فمي
جمرٌ دمي فوقَ السُّطورِ تناثرا
في حمصَ راياتٌ علت وبيارقٌ
زفـَّت للعلياءِ جيلاً ثائرا
هم جذوةُ الحريِّةِ الحمراءِ في
أعماقهم نبضُ الإباءِ تفجَّرا
ناداهمُ النصرُ المبينُ فأقدموا
و إليهِ أحراراً مشوا و حرائرا
و بن الوليدِ على لوائهم و قد
لبَّى نداءَ الثائرينَ و كبَّرا
و رمى بحيَّ على الجهادِ فأشعلتْ
في ظلمةِ الأيامِ فجراً نيِّرا
----------
يا حمصُ يا تاجَاً يزيِّنُ جبهةَ
التَّاريخِ كوني للبطولةِ منبرا
غيّرتُ خارطةَ العذابِ فلم يعدْ
فوقَ الخريطةِ غير جُرحكِ ظاهرا
و شطبتُ أسماءَ المدائنِ كلِّها
مِنْ أطلسي و أتيتُ نحوكِ سائرا
أرجو ترابكِ أن يسامحني إذا
ما جئتُ قبلَ اليومِ إلا زائرا



(101)    هل أعجبتك المقالة (102)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي