أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

تلج ... تلج... محمد محمود التميمي


ينزل الثلج بوقار شديد، فهو ينزل على أرض الشهداء، يلتقي ارواح شهداء حمص يتصاعدون الى السماء في عجل ففي انتظارهم جنة عرضها السموات والارض اعدت لهم. يتمهل بنزوله ويراقبهم فيغار من نقائهم وبياض أرواحهم، يقترب منهم لعله ينال من عطرهم بعض الرائحة ويصبح ماء ورد بل اجمل فهو معطر بدماء الشهداء، يخاطبونه: "لا تستعجل على عطر الشهداء ففي الارض بعض منا لا يزال على قيد الحياة وله عطران النصر والشهادة".
ينزل الثلج بهدوء ودون اي ضجيج يقترب من الارض، هو أبيض نقي طاهر، يزاحم في سماء بابا عمرو القذائف المتساقطة المستعجلة لتدك بيوت الناس الذين لم يعودوا آمنين. يترافع الثلج ان يلمس اي قذيفة لكي لا يتدنس، فهو قد جاء من عند الرحمن بمهام محددة:
الاولى: ان يغسل بنفسه وبالماء والبرد باباعمرو وينقيها من الشبيحة والمنحبكية كما ينقى الثوب الابيض من الدنس، ثم ينتهي على الارض مختلطا بدماء الشهداء ويمر بحواري حمص يقبل هذه الارض التي ضمت خالد بن الوليد وولدت آلاف الابطال السائرين على نهجه.
والثانية: ان يتهادى في أوعية العطشى وأكفهم المتضرعة لله وفي الافواه التي جفت وما جفت حناجرها من الهتاف: الله ... سورية ... حرية وبس. وينزل على قلوب حرقها تقاعس الاقربين قبل ظلم الاخسرين ويبردها بوعد من الله بنصر قريب.
ينزل الثلج وأهل حمص لا يجدون ما يتدفؤون به سوى بعضهم البعض، وبواقي سرير كان قبل سقوط القذيفة سرير "حمزة"، اما الآن فلا حاجة لاصلاحه بعد ان اخذت القذيفة "حمزة" وبعض ألعابه. ينزل الثلج امامهم جميعا، قسرا عليهم مراقبة هطوله وتهاديه على الارض، فقد صنع لهم الصاروخ اطلالة بحجم نصف البيت. تحت نصف سقف ينكمش الصغار بجانب بعضهم، يغفون على رائحة مسك تفوح من الغطاء الذي يحتضنهم، فقد احتضن قبل ساعات جسد "حمزة" وشيعه لمقبرة الشهداء وعاد وحده.
اما الكبار فيقترعوا فيما بينهم، من سيحمل اللافتات ومن سيهتف الليلة في المظاهرة ليمارسوا معا عشق الحرية الممنوع!
في مكان آخر ليس ببعيد عن باباعمرو، ينزل الثلج على البيوت الدافئة، يخرج الصبية ليلعبوا به ويصنعوا منه رجلا شديد البياض لكنه بارد، يعودوا لمنازلهم، يتناولوا الحساء الدافئ ثم يقترعون فيما بينهم من سينظف الثلج عن "الستلايت" فقد حان موعد مسلسل "العشق الممنوع"!
يا أهل الارض من عرب وعجم، ستسألون يومئذ عن النعيم، وستسألون عما قدمتم لحمص وباباعمرو وحماة وسوريا، هل ستكتفون فقط بالبكاء كإجابة؟ هل ستكتفون بالسباب على الاسد كإجابة؟ كما ان الدعاء فاعل فالتبرعات كذلك، لا تكتفوا بالدعاء، على ما فيه من قوة، واملؤا صحائفكم بالتبرعات والمعونات والمظاهرات لنصرة أخوانكم في سوريا.
الله الله في أهل سوريا الابطال ... الله الله في أهل سوريا الابطال ... الله الله في أهل سوريا الابطال.

(113)    هل أعجبتك المقالة (104)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي