ياسمين الشام تسقيها الدماء... وأبكيك مع وردة حرية لوليد البني...
طفلة تطلب إنقاذ أخيها... غير منشغلة بدم يسيل من ذراعها... طفلة تخاف وخز إبرة الطبيب، فتطلب حبة دواء بطعم الليمون... وعلقم الطعم في حلوقنا وفي جوفنا النار تنهش بعجزنا وكذبنا... على طفلة تسال عن أمها...
طبيب يستصرخ فينا اللاشيء... فنرد عليه بسؤال اللاشيء: كيف هي الأوضاع عندكم في بابا عمر... الصورة تنتقل من ثقب إلى كاميرا ترتجف من الموت حرقا... يا لها من فظاعة الحماقة... نسأل أسئلتنا الرتيبة باللون الأحمر لشخص أبله يقول "المخربون الإرهابيون يفخخون المنازل ويفجرونها"... هذا هو المشهد أيها السادة: لا صفير لقنبلة تطير في الجو من رامي مدفعية يحوط المدينة موتا... لا صوت للقصف... لا شيء سوى "إرهابيون ومخربون"....
الناس مجرد كائنات تكذب، يطل علينا ابله بلغة صماء: لا شيء في سوريا غير التحريض!
مجنون هو من يقتل شعبه! يردد قاتل يعرف أنه سفك من الدماء ما كان يكفي لتحرير أوطان لا وطن واحد من فاشيين... وببلاهة صماء ينظر في اللاشيء حين يُسائل قاتل عما إذا كان يشعر بالذنب... تلك طفلة.. وذاك طفل... يحدقون في وجهه وهو يجلس في قصره المرتفع: لما قتلتنا ونفيت أنك فعلت...
وردة تسقط... وأخرى تهرب... وثالثة تنتحب على فقدان قلب اصطاده قناص بارع...
لا أحد يسأل القاتل:
كيف تعود فتحتضن أطفالك في المساء؟
كيف ينتصب معك وتلج زوجك، والصور المعلقة لأطفال على جدران وطن مستباح؟
لا أحد من العرب يفهم معنى أن تسيل دماء سوريين باسم اللاشيء في شعارات الوراثة... جينات العهر متنقلة... من ثرثرة ممانعة ترتدي ثياب دين وسياسة... هلوسة مقاومة ترفع خنجرها المسموم لتصيب خاصرة المعتدى عليه...
لا أحد يجري مقارنة بين موت في فلسطين وموت في سوريا... ولا سؤال عن طفلة هنا وهناك...
أية الأسفار التي جمعت بين قاتل وقاتل؟
سفر القتل هو هنا في الشام أشد قبحا وفتكا من سفر القتل بدون إنكار...
تعيش تغريبتنا... تعيش خيانتنا... ولتحيا كل الأكاذيب التي نورثها... باسم الأخلاق... والوطن... والوطنية...
يا لعارنا الإنساني في خيانتنا... خيانة لاهث وراء جائزة ما لشعر ما على دم شعب يطلب بما كتبه مثقف جبان...
يا لعروبتنا التي تختفي كالعادة وراء شعاراتها الجبانة وبصاق يلعق على بلاط قرارات تنام في أدراج الجبن وخوف قادم متخيل في وهم يقود إليه عقل يرتجف من طعم حرية ياسمين مضرج بالدماء...
فلتعذرني لوحدي هذه الشام التي تحولت بقاعها إلى مدن يدكها عسكر لا هم لهم سوى أن يرددوا بغباء أن قتل البشر قمة الوطنية والتفاني... ليبقى قاتل في القصر وارثا... يرمي بوجه شعبه والتاريخ كلمات جوفاء عن دستور ريثما ينضج صغيره ليرثه...
يا ايها الناس... يا بشر... هذا الدم النازف ليس ماءا كالماء المقطوع عن جوف أطفال مدن يحاصرها سفاح...
طفلة ما زالت تنام نومتها الأخيرة وينتحب أبيها على سنواتها الخمسة حين إصطادها صمتكم وعاركم الذي تكرر ممتدا من فلسطين فالعراق وسوريا... ستنامون اليوم وتصحون على قصة أخرى من قصص موت تساهمون في فظاعته... فليهنأ من يخون طفلة تصرخ لشدة فرط حبها لأخيها... لأم تودع حبيبها بدمعة ودعوة... لشعب يحمل حريته على دمه وهو يصرخ بكم: كيف تنامون ونحن نذبح من الوريد إلى الوريد؟
أبكيك يا شام... كما أبكي العروبة... أبكيك كما أبكي فلسطين التي تجاور دمك مع دمها... امتزج من درعا جنوبا إلى حمص الوسط وحلب الشمال... فأنت الشام التي احتضن دفئ صدرك شعبي الذي نكبته أكاذيب الساسة...
أبكيك يا شام وأنا أحتار بين قاتل شعبي هنا وقاتل شعبك... أبكي جهل من فيك ومن مني... أبكي جدران العروبة تزيد من كذبها ومتاجرتها بدماء شعب لم يطلب سوى حرية...
كيف للبشر يا شام أن تراك نازفة فتلغى كل قوانين البشرية... حتى صليب وهلال أحمرين ممنوعين منك وعنك...
أعتذر لشهيد يصفعه طبيب وممرضة ويمثل بجثته أشباه بشر... أعتذر لك يا شام لعهر البشرية وهي تصير جماهير فرجة وثرثرة...
كل ما صدقته عن مقاومة وممانعة نسفه هذا الفاشي... لذا أعتذر لك باسمي هذا: الياس الفلسطيني... ريثما أتعرف على وجهك الحر... سأبقى أعتذر...
الياس س الياس
ياسمين الشام تسقيها الدماء... وأبكيك مع وردة حرية لوليد البني...الياس س الياس
الناصرة
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية