أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

حول مسألة العودة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة... سمير الشيشكلي



كثرت الإشارة إلى موضوع اللجوء إلى الجمعية العامة من جانب "ممثلي" المعارضة السورية على صفحات الجرائد والفيسبوك وعلى القنوات المؤيدة، وكأن اللجوء إلى الجمعية العامة أصبح هو الخطوة الطبيعية التالية بعد الفيتو المزدوج. وقد اكتسبت دعوة هؤلاء بعض المصداقية عندما ذكرت بعض وسائل الإعلام أمس أن المملكة العربية السعودية قدمت مشروع قرار إلى الجمعية.

ومع احترامي الشديد للدبلوماسية السعودية وللكثيرين من ممثلي المعارضة فإني أود أن أطرح هذا الرأي المتواضع حول هذه المسألة الشائكة: الدعوة إلى الذهاب إلى الجمعية العامة تفترض أن لدينا فرصة كبرى للنجاح في انتزاع قرار منها يشكل تقدماً خطيراً بالمقارنة بقرارها السابق، وهو افتراض لا أجده مبرراً كل التبرير للأسباب التالية:

(‌أ) سبق للجمعية العامة أن اتخذت قراراً في كانون الأول 2011 أدانت فيه النظام السوري في مواضيع حقوق الإنسان تحديداً. وقد مثل هذا القرار أقصى توافق يمكن أن تصل إليه الجمعية ولا يوجد ما يدل على أن أي قرار ستتخذه سيكون أقوى أو أفضل من القرار السابق نظراً لوجود انقسامات كبيرة في الجمعية حول سوريا: هناك عدد من الدول الإسلامية يصوت تقليدياً مع إيران؛ كما أن كثيراً من دول آسيا الوسطى والقوقاز لا تزال تصوت مع الاتحاد الروسي؛ إلى جانب ذلك هناك دول في أمريكا اللاتينية متأثرة بالتحالفات اليسارية الجديدة المعادية للغرب وهي مع النظام السوري؛ فوق هذا كله، هناك بعض الدول العربية التي لا تزال بعيدة عن التصويت معنا. فالقرار، إن صدر، فإنه سيصدر بأغلبية غير ساحقة ولا تعطيه مصداقية حقيقية.

(‌ب) هناك من يدعو إلى استصدار قرار من الجمعية العامة على غرار قرارها المعنون "الاتحاد من أجل السلام" (وهو القرار 377 الذي صدر في تشرين الثاني 1950 في سياق الأزمة الكورية). على أن المقارنة بهذا القرار غير موفقة إطلاقاً لأنها تفترض أن هناك قوى عظمي مستعدة للذهاب للحرب فور اعتماد قرار كهذا وهو افتراض، بحدود علمي، غير مبرر. هذا التشبيه ينسى الفروق الأساسية في البيئة الدولية بين فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية والعقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، وينسى سياق تطور القانون الدولي خلال أكثر من ستة عقود، كما يتناسى أيضاً النتائج الكارثية التي أنتجها ذلك القرار وهي نتائج ما زال العالم يعاني منها حتى اليوم وهي آخر ما نرجوه كحل للقضية السورية. وكحاشية صغيرة لهذه النقطة، أذكـّر أن القرار 377 اتخذته الجمعية العامة بأغلبية 90 في المائة من الأصوات وهو أمر لا يمكن أن نتوقعه في الوقت الحاضر نظراً للتحالفات الناشئة التي لن تصوت لصالح الشعب السوري.

(‌ج) قرارات الجمعية العامة غير ملزمة بطبيعتها ولن يكون لأي قرار جديد تتخذه أية أسنان، فما بالك بقرار لا يتمتع بأغلبية ساحقة أو مصداقية حقيقية.

الجمعية العامة لن تقدم ولن تؤخر وإن بدت قولاً معسولاً كوعود تسكينية لبعض قوى الشارع السوري. هناك أمامنا خيارات أخرى شديدة الأهمية والخطورة بدأت دول متحالفة معنا بالدعوة إليها (أصدقاء سوريا/فريق الاتصال) وهي لا تشير إلى الجمعية العامة إلا فيما يتعلق بالمساعدة الإنسانية. هذه الخيارات الجديدة هي بادرة تبشر بالخير ومن الممكن أن تخلق مسارات جديدة لا حدود لها للتعامل مع القضية السورية بما يفضي إلى تمكين أبناء الثورة أنفسهم من إنجاحها.

الحلول الحقيقية للقضية السورية لن تأتي من الأمم المتحدة، وعلينا أن نركز دولياً على تعزيز التحالف الدولي الناشئ خارج المنظمة الدولية لصالح قضيتنا، وأن نركز داخلياً على مواصلة دعم ثورة الحرية والكرامة وتدعيم قوى المقاومة والجيش السوري الحر بجميع الوسائل الممكنة.
أما الأمم المتحدة وجمعيتها العامة فبوسعهما التركيز على تقديم المساعدة الإنسانية لشعبنا.


مدونة: http://samirshishakli.blogspot.com/2012/02/blog-post.html

سمير الشيشكلي
(123)    هل أعجبتك المقالة (105)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي