أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

طريق المجد يبدأ دائماً بإزالة الثلوج !! ... سوسن درويش

 

ليس هناك من حاجة ، لأن تتقهقر أو تتراجع ، حتى تكون في المؤخرة ، يكفيك أن تقف في مكانك ، فيما يهرول الجميع ، لتجد نفسك في المؤخرة . وترى الجميع قد سبقوك ، ولا تلبث أن تُصبح نكرة يتجاوزها ويبتعد عنها الجميع .
في بلاد أخرى ، يخضع رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزراء وكل مسؤول ، للمساءلة ،   للإستعداد للإجابة على أسئلة المدعي العام ، للمثول أمام المحكمة ، لتلقي العقاب ، في حال كان مذنباً .
في بلاد أخرى ، يجري تقييم البشر وتقدير الإنسان برجولته ومعنوياته وإنسانيته أكثر من أي معيار آخر . كالحسب والنسب، والمال والجاه والسلطة .
في بلاد أخرى . تقوم المدارس والجامعات ، بتلقين اضافة الى قيم الإنسانية واحترام الآخر والمسامحة ، تُلقن ، الاعتماد على النفس ، والطموح الدائم الى الأكمل ، مثل أساس للمستقبل الباهر الذي يتحتم السعي اليه على كل مواطن صالح .
أطفال المدارس في انكلترا ماذا يُنشدون  ويستظهرون :
not enjoiment,andnotsorrow
isour destined end or way
but to act,that each to-morrow
find us father than to-day
 
ما يعني أننا على الأرض ، لا نلهو ولا نشتكي ونبكي (على الماضي التليد ) ، ولكن لنعمل ناشطين ، بحيث يجدنا نهار الغد أفضل مما نحن عليه اليوم .
هذه شعوب ،  يتغنى أطفالها (مستقبلها) بمثل هذه الحكم ؛ غذاء للرجولة ، ومدارج للبطولة ، وبشائر النبوغ والمستقبل الباهر .
في بلادنا ، نعلم أطفالنا ، الإرتباط بالماضي ، والعيش في ذكراه ، ونواحه، ونحيبه ، ومآسيه . نُعلم أطفالنا أن الزمن قد توقف ، وأن زمن الرجولة والبطولة والكرامة والعنفوان والشهامة قد انقضى ، قد مضى ، مع الأبطال القدامى . ولم يبق عليهم اليوم الا استذكار تلك القيم ، وتمجيد ماقد مضى ورحل ، إن كان رجال أو مواقع؟
وما الإقبال الكبير الذي لاقاه مسلسل باب الحارة ، الا، دليل أكيد على تعلقنا بالماضي وبرجاله وبالقيم التي كانت سائدة منذ مائة سنة . نقف في ذلك الزمن ، ويتقدم الجميع ، وفجأة نُصبح في المؤخرة ، نبكي على الأطلال .
 
نقبل أن يكون صلاح الدين الأيوبي ، الكردي الأصل، السني المذهب ،  بطلاً عربياً ، نتغنى بأمجاده ، وبطولاته . ولكن لا نقبل أن يكون حسن نصرالله ، اللبناني العربي ، الشيعي المذهب . بطلاً عربياً ، رغم عروبته ، وحتى لا نقبله لبنانياً ، لأن طائفته الشيعة .
 ولوكان ابن طائفة سنية ، وحتى لو كان من خراسان ، فكنا نضعه على رأسنا  ونجعله بطلاً وقدوةً .
قي الميزان العسكري ، يستحق السيد حسن نصرالله ، أن تُقام له تماثيل ، أكبر وأعظم، من كل تماثيل الأبطال القدامى . فالبطل ، الذي بنى ، هذه النفوس الأبية ، والتي طالما اشتقنا اليها .  الشخص الذي هزم أعتى قوة عسكرية في هذا العصر .  البطل ، الذي ، صمد ، أطول مما صمدت جيوش كاملة ، وانتصر . يستحق أن يُتوج بطلاً عربياً صافياً .
في الأمس القريب ، استقبلت أمهات شهداء حزب الله جثث أبنائهن ، وقد يكون هذا المشهد الذي عاينته  ، هو الذي دفعني ، لكتابة هذا المقال ؛ مشهد الأمهات  الفرحات برؤية جثث أبنائهن ، لا يمكن أن نتخيل مدى قوة هذه الأمة ، التي تستقبل ،  الجثث بفرح العرس . هذه أمة ، لن تموت ، وحق للجميع أن يخاف منها .
 
حُكم على شاب بالأشغال الشاقة لمدة 15 سنة عقاباً له على جرائمه التي جعلت منه مبعث رعب لأهل المدينة ، فما أن سمع الحكم حتى انخرط في البكاء والعويل ----ثم مسح دموعه وقال بصوت متلجلج : (( أنا أغفر للقضاة  وأغفر لرجال الشرطة . لكن---لكن هنا إنسان بينكم لا أنا أغفر له ولا الله يسامحه !  هذا الرجل هو أبي لأنه رباني بدون خوف الله وبدون حب لوطني -----
المجرمون من هذا الطراز قليل! ولكن هناك من هم أكبر جناية يرتكبون جرائمهم في الخفية ، من حيث لا يعرف بهم إلا ضميرهم الذي يكويهم . هؤلاء هم قادتنا ، معلمينا، آباءنا ، رجال ديننا .  هم كل من يُسخر كل طاقاته من أجل تجميد المواطن  حيث هو  وبكافة الوسائل والطرق ، التي يمكن أن يستغلها من : قهر وجوع وفقر وسجن وتعذيب وارهاب وقمع وكراهية وتغييب للعقل وعيش في الماضي .
 
أيها الشباب المتحرق للبطولة والمتوثب للمنازلة في ميدان المجد ، للظفر بما أحرزه نصرالله من عظمة وخلود ! لا تنسوا أن طريق المجد يبدأ دائماً بإزالة الثلوج !! 

 
 

بونجور شام - دبي
(113)    هل أعجبتك المقالة (115)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي