أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

أمــة علــى ما يبــدو... كريم الدين فاضل فطوم

على ما يبدو أننا أمة لم تتعلم ولن تتعلم ولن تفهم ولن يدخل الوعي إلى عقولها ولربما حالتها تدخل اليأس والاأمل وأرجو أن أكون بحكمي هذا منطلقاً من الواقع القديم والمعاصرلأمة انتميت لها ككل أبنائها الذين ارتضوا العبودية والذل عبر قرون , أمة ارتضت الحياة بسوط الحاكم ( المطلق ) طمعاً بالبقاء وابتسمت بل قهقهت لنزواته متفاخرة ًبجبروته وساديته , راضخةً مرغمةً أوبطواعية لشخصه الفريد الأوحد حتى العبادة , هي غايتها بطونها ودرء غضبه بل غضب أزلامه وخدمه وكلابه وشيمتها الانحناء والتبجيل والتصفيق لجلالته ( المقدسة ) .
كنت قد رفضت الكتابة عن أندية الكرة بالذات في زمن كان الهوس بها ينخر عقولنا ويجمدها بل يكبلها ويبعدها عن الواقع وحينما كنا نرى عشرات الاّلاف من البشر ينحشرون على جدار صحن ٍمن الإسمنت لمشاهدة الكرة العملاقة التي تتقاذفها أقدام الصناديد ,حينها كنا نقول : هذه جزء من خطة الحاكم ..والتاجر والممول والمراهن لاستمرار التعفن والخنوع , والإلهاء والتضليل وحرف البوصلة عن مسارات الحدث الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للمستضعفين من أجيال الشباب خاصةً ولبقية البشر المضهدين عامةً , والمستغرب حينها أن هذه الجموع الهائلة من البشر لم تكن تصرخ إلا في الملاعب وصراخها من الترف والصخب ولطلب الرضا من الجلاد ,فحتى كأس الربح هو للحاكم ولفضله . وفي نفس الوقت كنا المعارضة هي من يدفع ضريبة الصراخ على الظلم والاستبداد والفقر وتكميم الأفواه والأكثر غرابة من ذالك كنا نسمع السباب والشتائم والشماتة لوقوفنا ضد الحاكم والحاشية وكم من نزيل لمعتقلات الطغاة .......دمرت وفقرت وسحقت عائلته وشرد أبنائه, بينما كان مايسمى بالجماهير تصفق وتصرخ لرياضي أدخل الكرة في مرمى الخصم .
تحضرني هذه الصور اليوم وذالك لموت العشرات وجرح المئات في مصر أم الدنيا بسبب مباراة لكرة القدم , والذي يثير القلق أنها وقعت بعد الإطاحة بالحاكم وبعد الثورة كما يقولون ؟
كيف يستقيم الموت لمدافعٍ ومناضلٍ من أجل الكرامة والحرية والوطن والمواطنة وإقامة دولة القانون ؟ ولموت من أجل تشجيع لا عبي الكرة ؟ أي عدل في الموت هذا ؟
كيف لأمة أن تصفق للكرة وبذات الوقت تسيل أنهاراً من دماء أبنائها طالبي الحرية ؟ أماكان من الروعة والامتنان لوخرجت هذه الجموع بمظاهرات مساندة ودعم للشعوب المقهورة ولوقف القتل المجاني لطالبي الحرية ؟ وحتى هذه اللحظة لم نرى العواصم والمدن العربية تخرج منتفضة دعماً للمنتفضين ضد الذل والخنوع والفساد وتقديس الحاكم بينما تمتليء مدرجات الملاعب عن بكرة أبيها من الجماهير طلباً للانتصار لكرة الأرجل !
ياسادة أبناء أم الدنيا ..على مايبدو بل من المؤكد والأكيد يلزمنا زمناً كبيراً للمعرفة والرقي والإنسانية لنفهم الحرية والثورة , بمقدار مامر على هذه الأمة من العبودية والجهل والتخلف والقمع وثقافة القتل وإلغاء الاّخر , وعلى مايبدو أن جوعنا للحرية والكرامة لا يقل عن جوعنا للثقافة والسياسة والقانون والدولة والوطن وللإنسان .

(94)    هل أعجبتك المقالة (99)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي