أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

سورية ومراقبي الجامعة العربية حلقة 4... ناجي حسين


لأول مرة في تاريخ الجامعة العربية يتخذ قرار صائب وهو سحب المراقبين العرب لكي لا يكونوا شهود زور لنظام الطاغية في دمشق فالوضع في سوريا لا تحتاج للمراقبين فالنظام الأسدي وآلته العسكرية والأمنية وشبيحته يقتلون الأطفال والنساء والشيوخ العزل وقصف وهدم المدن وقد زاد معدل القتل حتى الآن أكثر من سبعة آلاف من خيرة أبنائه، وربما يتضاعف هذا الرقم عدة مرات إذا ما أستمر عناد النظام والمضي قدما في حلوله الأمنية.
يوما بعد يوم تظهر التطورات على الساحة السورية أن كل مدينة وقرية ومنطقة وحي أضحت جزءاً من الثورة المطالبة بإسقاط النظام ورحيله، ولعل دخول حلب، ثاني أكبر المدن السورية بعد العاصمة دمشق، في مظاهرات حاشدة في الأيام الأخيرة، والإعلان عن سقوط عدد كبير من الضحايا فيها، يعني أن هذه المدنية خرجت نهائيا من مظلة النظام، والقصر الجمهوري نفسه لم يعد يحظى بالأمن الكامل، ومعها سقطت الحجة التي كثيراً ما روجت، والتي تقول بأن المدن الكبرى، خصوصا دمشق وحلب، ما زالت داعمة للنظام وإصلاحاته ، إذ تنفجران في وجه النظام، وها هم ثوار وطلاب جامعات حلب يتسلمون الراية من أطراف حلب وينقلونها إلى قلب العاصمة الأقتصادية، وبأنفجار العاصمتين السياسية والأقتصادية، يكون النظام وآلة القتل التابعة له قد دخل المنعطف الأخير في تراجعه المستمر أمام الثورة .
أن هذا الواقع المستجد خير دليل على التصدع الحقيقي الذي يعاني منه النظام في الداخل وإشارات واضحة على أقتراب بدء المعركة الفاصلة في العاصمة دمشق وحلب.
النظام السوري يروّج لرغبته في حوار داخلي، يستبعد هذا النظام من الحوار جميع الذين يناهضونه في الشارع، المعارضة السورية، خصوصا المجلس الوطني، تعلن إستعدادها للحوار بعد تنحي الرئيس، الذي يكرر الإعلان أنه جاء برغبة الشعب، وأنه باق للتصدي للمؤامرة.
وهذا هو جوهر الدعوة التي أطلقتها موسكو من أجل أستضافة هذا الحوار، فهي أعلنت جواباً إيجابياً على دعوتها من دمشق، لكنها لم توضح ماذا فهم النظام الإستبدادي السوري من الدعوة، ومع من سيتحاور.لا تكتسب الدعوة الروسية أيَّ معنى فعلي، ليس فقط لغموضها، وأنما أيضا لتوقيتها.
لقد أطلقت موسكو فكرة الحوار بعد وصول مبادرة الجامعة العربية إلى الأمم المتحدة، أي بعدما أنخرط مجلس الجامعة العربية في خريطة طريق تفضي إلى حل على الطريقة اليمنية، وهو الأمر الذي كثيراً ما طالبت به موسكو. وعندما تحقق هذا الأمر، عادت موسكو إلى مسألة الحوار الغامض من أجل إفشال الحل الجامعة العربية الذي كانت تطالب به.
إذا أستخدمت روسيا حق النقد الفيتو فهذا سيمهد للحرب الأهلية وسنرى من يفهم في السياسة أكثر السياسي الروسي غاتيلوف أم أنا المواطن، فأنا ومن خلال تتبع ما حصل في الدول العربية نجد أن تطبيق المثال التونسي والمصري و(اليمني) جنب البلاد الحرب الأهلية كون أنه تم تسليم السلطة بشكل شبه سلمي ولذلك فإن المبادرة العربية التي تنص على نقل السلطة بشكل سلمي ستحمي سوريا من الحرب الأهلية والتقسيم ولكن النظام لا يهمه هذا كله فلتذهب سوريا للجحيم والمهم أن يبقى في السلطة.
لقد أرتكب النظام السوري جريمة وحشيّة جديدة تضاف إلى قائمة جرائمه السابقة بقتله الأب باسيليوس نصّار كاهن كنيسة السيدة في بلدة كفربهم التابعة لمحافظة حماه. أن محاولات الطاغية بشّارالأسد جرّ البلاد إلى فتنة طائفية أصبحت مكشوفة وكان يُحذّر منها الكاهن المرحوم ويعمل بإخلاص لخدمة جميع السوريين.
أن كل الدلائل تشير إلى أن الحرب الأهلية والطائفية قادمة مثل تسونامي وتقسيمها إلى عدة دول حسب التكوين المذهبي والعصبوي لمناطقها، تشتد وطأتها وتفتيت وحدة القطر السوري تسير بخطوات سريعة، الأكراد السوريون يعقدون مؤتمرهم في مدينة أربيل في رحاب الأنفصاليين العملاء والخونة أكراد العراق بحثا عن حكم مستقل بهم في سورية، حيث يطالبون بالتدخل الأجنبي، هذا التلاعب بالألفاظ من قبل الأكراد لن ينفع بتغطية مآربهم الحقيقة. حقوقهم القومية تلك التي يتحدثون عنها هي فصل الحسكة والقامشلي والبوكمال وديرالزور وربما مناطق آخرى حسب خارطتهم ، عن سورية وضمها لقرودستان في شمال العراق المحتل. تخيلوا قيام كيان غريب آخر في الوطن العربي أسمه "دولة" قرودستان وإستنزاف سورية العراق أيران وتركيا من خلاله. عندها ستنتهي القضية الفلسطينية على طريقتهم.العنصرية الكردية مدمرة والقاتلة هدفهم سوريا الآن من أجل مصالح الصهيونية.هذا هو حال الأكراد دائما يلجأون إلى الأجنبي للتدخل في البلاد التي تأويهم وتحميهم ونسيان الخبز والملح! وقد فعلوها في العراق سابقاً واليوم يفعلونها مع سوريا. علماً ليس للأكراد أي تاريخ تذكر بل هم كانوا بدوا روسيا وتركيا والإيران وإستكردوا إلى الجبال ومدينة أربيل كانت عاصمة للسلاجقة ولم يكن فيه كرد إلا بعد 1930 نزحوا من الجبال ودخلوا إلى كركوك سنة 1946 وقاموا مع الحزب الشيوعي العراقي بمجزرة كركوك 1959.
بلا حكم ذاتي بلا كلام فاضي من يحب يعيش مثل أي عربي سوري عليه نفس الحقوق الواجبات فأهلا وسهلا به فالوطن للجميع . ومن هنا نحن نخاف على وحدة القطر العراق وعلى وحدة القطر السوري الشقيق.
هناك سيناريوهات متعددة تخيم على أرض سورية الحبيبة، سيناريو حصار الجائر بحق العراق دام 13 عاماً حتى الأضعاف ثم الضربة القاضية باحتلاله وبمباركة عربية، سيناريو ليبي مخيف وكارثي إذا كان حلف الناتو يملك أجندة خفية من وراء مبادرته لتنفيذ قرار مجلس الأمن وبمباركة مجلس الجامعة العربية ، سيناريو صومالي قاتل، سيناريو يمني بين الأمل وخيبته فأي من هذه السيناريوهات سيختار مجلس الجامعة العربية لتطبيقه على سورية الحبيبة؟
موقف الروسي غاضب جدا على مجلس الجامعة العربية لأنهم تلقفوا أفكاره وصاغوها بطريقتهم بشكل مبادرة عربية دون أن يشيروا إلى صاحب هذا المصدر وطاروا بها إلى (مجلس الأمن) دون المرور على موسكو وبصفتها صاحبة الأفكار المذكورة في المبادرة العربية والتي تشبه مبادرة مجلس التعاون للشأن اليمني. حتما الأتحاد الروسي لن يمرر أي قرار في مجلس الأمن يمس النظام السوري ليس حباً في النظام القائم ولكن لأشعار دول العربية بأهمية الدور الروسي، الأمر الثاني ضمان مصالحه في المنطقة والتي لن يقبل أن تكون حكراً على أمريكا وحلفائها الغرب، فهل يضمن العرب مصالح الروس والصينيين في المنطقة. إذا تأكد الروس والصينيون من ذلك فأنهم سيميلون نحو المشروع العربي.
النظام الإستبدادي في دمشق والذي يعيش في مأزق تاريخي لا سابقة له منذ النصف الثاني من القرن الماضي، هذا المأزق هو من فعل النظام وتجبره وفقدانه الحكمة والعقل والنظرة السياسية البعيدة المدى، يبقى تعنت عائلة الوحش (الأسد) يشكل خطراً على وحدة القطر السوري الشقيق. أن النظام السوري يراهن على الفيتو الروسي والصيني وهنا أود تذكير القيادة السورية التي بات تقترب من هذه النهاية بإن هذه المراهنة خاسرة ولا يجب التعويل عليها أطلاقا، الأتحاد السوفييتي السابق ووريثه الأتحاد الروسي كان موقعا مع العراق معاهدة صداقة ومصالح مشتركة بين البلدين مع ذلك الفيتو السوفييتي لم يكن مجديا، حماية الناقلات الأمريكية والغربية في الخليج إبان الحرب الإيرانية ضد العراق لم يمنعها الفيتو السوفييتي / الأتحاد الروسي اليوم، التهديد بإحتلال العراق من قبل أمريكا وبريطانيا لم يمنعه الفيتو الرباعي المعارض للحرب (فرنسا روسيا والصين والمانيا) فأي فيتو تراهنون عليه يا القيادة السورية .
صحيح أن الروس والصينيين يُرجح أن يمارسوا حق الفيتو، لكن الصحيح أيضاً أن أفق المساومات الحامية معهم قد فُتح، بيعاً وشراء من جهة، وضغوطاً من جهة أخرى.








(98)    هل أعجبتك المقالة (96)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي