ما هو موقع روسيا الحقيقي من سورية العربية؟ ... م. سعد الله جبري

سورية دولة عربية صغيرة نسبيا قياسا إلى الدول الكبرى الأخرى! هذا معروف ومقبول!‏

روسيا الإتحاية دولة كبرى، تأتي بعد الولايات المتحدة في قدراتها وثرواتها، وهي عضوة دائمة ‏في مجلس الأمن!‏

أتساءل، ويتساءل الشعب العربي السوري، بل الأمة العربية جميعها:‏

هل هناك قانون دولي، أو عرفٌ ديبلوماسي يسمح لقيادة دولة روسيا الإتحادية أن تُعلن أن ‏الرئيس الحالي لسورية "بشار الأسد" هو خطّ أحمر لديها! وأنها لن تقبل بقرار مطالبته بالتنازل ‏عن صلاحياته إلى نائبه "كما جاء في القرار العربي؟" أو بالأحرى مطالبته بالتنحي كما تُطالب ‏أكثرية الشعب العربي السوري؟

وهل حدث أن تجرأت وصرّحت روسيا، أو أي دولة أخرى في العالم طيلة قرنين من الزمن، أنها ‏لن تسمح بتغيير أو تنازل رئيس دولة أخرى؟ أم هذه سابقة لم تحدث لا في روسيا ولا في أي دولة ‏من دول العالم، إلا عند قيادة الخرفان الروسي؟

أو أن روسيا البوتينية تعتبر سورية العربية إحدى مستعمراتها ومن أملاكها الخاصة، فتصرفت ‏كما تصرفت دول الغرب الإستعمارية أوائل القرن الماضي؟ وإن كانت الدول الإستعمارية قد فعلت ‏شيئا كهذا – من تحت الطاولة – ولكن لا تصرح به علنا ومن أحد مسؤوليها الكبار!‏

أعتقد أنّ ما أقدم عليه وزير خارجية روسيا الإتحادية بإعلانه بإسم دولته، بأنها لن تسمح بأي ‏تغيير لبشار الأسد أو انتقاصٍ من صلاحياته، هو تدخل دولة أجنبية هي روسيا الإتحادية في ‏شؤون دولة هي الجمهورية العربية السورية، وفرض منطقها ومصالحها على الشعب العربي ‏السوري، الذي يملك في الواقع والشرائع الدولية وغصبا عن روسيا، وجميع دول العالم حق إقالة ‏وعزل ومحاكمة بشار الأسد بصفته رئيس الجمهورية السورية القائم، لأسباب هي من صميم ‏إختصاصهم وحدهم دون أي جهة أجنبية أُخرى، وهذا حق لم، ولا يُنازعهم فيه أي دولة في العالم ‏حتى الآن!‏

ما رأي بوتين روسيا ووزير خارجيته، فيما لو قام وزير سوري، أو وزير أمريكي، وصرح علنا ‏بأنه لن يسمح ولا يقبل تغيير رئيس روسيا الإتحادية القائم؟

يبدو أن بوتين وعصابته الروسية قد اتخذوا القرار المذكور ووجهوا وزير خارجيتهم بإعلانه، ‏وهم تحت تأثير "سكرة فودكا ثقيلة" لأن موقفهم وقرارهم المذكور لا يتخذه إلا سكران أو مجنون ‏فقد عقله وقدرته على المحاكمة المنطقية المسؤولة، أو هو مسؤول فاسد تلقى رشوة ضخمة من ‏بشار الأسد من أموال الشعب العربي السوري، ليقف هذا الموقف العجيب والمستهجن إلى أقصى ‏الحدود! فأفقدته تلك الرشوة إتزانه وعقله ومحاكمته العقلية الصحيحة!‏

أنا كمواطن عربي سوري، وبكل قناعتي أن الأكثرية الساحقة، الساحقة من الشعب العربي ‏السوري ترفض الموقف والتصريح الروسي المذكور رفضا قاطعا، على اعتبار أنه تدخل سافر في ‏الشؤون السورية الصميمية، والذي لا يحق لأي دولة في العالم أن يتخذ موقفا مثله!‏

وأعتقد أن الأكثرية الساحقة من الشعب العربي، لتعتبر أن دولة روسيا تحت حكمها البوتيني ‏الحالي قد تدخلت في الشؤون الداخلية السورية، ودخلت بذلك في مرحلة عداءٍ سافر مع الشعب ‏العربي السوري، وأن مركز روسيا الحالية أصبح يميل إلى السلب المُطلق والعداء بدل الصداقة ‏التي امتدت لثلاثين سنة سابقة! ‏

ومن حق الشعب العربي السوري تقديم شكوى مستعجلة إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة، ‏ضد روسيا وقيادتها وتدخلها الفاضح في الشؤون السورية الصميمية!‏

أما بعد نجاح ثورة الشعب السوري، واعتقال بشار الأسد لمحاكمته على ما يقرب من عشرة آلاف ‏جريمة قتل، هو وأنصاره المقربين! فستكون العلاقات السورية الروسية علاقات عداءٍ سافر، ‏وتغيير إتجاهات السياسة السورية باتجاه مُعاكس مُخالف تماما لما كانت علية طيلة أكثر من ‏ثلاثين سنة ماضية!‏

وأعتقد يقينا أن أغلب الدول العربية ستتخذ موقفا مماثلا، كرفضٍ للتصريح والموقف الروسي من ‏جهة، وانتصارٍ أصبح حتميا على جميع الحكومات العربية لنصرة الشعب" العربي" السوري ‏الذي يُقاتل نظامه الفاسد الخائن، فتقوم دولة أخرى أجنبية وغير عربية، باتخاذ موقف مُعاد له ‏بشكل مستهجن وقصير النظر إلى أبعد الحدود!‏

آسف أن أقول أني كنت أعتقد أن بشار الأسد هو وحده رئيس مجنون – كما صرح بنفسه بوصفه ‏من يقتل شعبه بالمجنون – ولكن يتبين أن صفة الجنون والغباء وقصر النظر السياسي والوطني ‏قد امتدت إلى دولة روسيا الإتحادية دون شك! وسيكون من أسوأ ما يقوم به الشعب الروسي هو ‏إعادة إنتخاب بوتين رئيسا لروسيا مرة ثالثة ، بعد غيابه عنها لدورتين بصفة رئيس الحكومة!‏

‏ ولكنها المناسبة التي تكشف وتفضح من يتسترون بأنهم أصدقاء للعرب عامة، وللشعب العربي ‏السوري خاصة ، وهم في حقيقتهم أسوأ أعدائه، بل يزاودون في عدائهم على دول الغرب التي ‏ارتكبت ذات الأخطاء باستعماراتها ومواقفها من إسرائيل خلال القرن الماضي، ولكن دون ‏تصريحات غبية مجنونة كما فعل وزير الخارجية الروسي!‏

أخيرا أقول لوزير الإدارة الروسية البوتينية: إن الشعب العربي السوري سيُحارب ويُقاتل بإصرار ‏‏- وأكثر من أي وقت مضى – وحتى إسقاط نظام بشار الأسد واعتقاله ومحاكمته! وأظن أن القيادة ‏الروسية البوتينية تعرف مقدما نتيجة محاكمة الذي قتل ما يزيد عن عشرة آلاف مواطن من ‏شعبه! أما إذا فرَّ من البلاد قبل سقوطه، ففي الرئيس أديب الشيشكلي مثلٌ لما سيتصرف عليه ‏مواطني الشعب العربي السوري، وخاصة منهم أقرباء وأولياء وأولاد الشهداء الذين قتلهم ‏المُجرم القاتل بشار الأسد!‏

أدعو وأُناشد الشعب العربي السوري بجميع فئاته وطبقاته إلى التعبير عن شعورهم وموقفهم ‏الوطني الصميمي من موقف التدخل الأجنبي الروسي الوقح المرفوض في شؤون الشعب العربي ‏السوري.‏

(106)    هل أعجبتك المقالة (112)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي