أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الفرق بين المحتل والديكتاتور... د.أبو عمر السوري


بداية أرجو أن لا يفهم من هذا المقال أن صاحبه يفضل دخول المحتل إلى بلاده, كلا, فهذا أمر مرفوض تمامًا, لكنْ في الظروف الاستثنائية, وعند الضرورة القصوى, عندما يكون حاكم البلاد أو أصحاب السلطة فيها هم أشد على المواطنين من مليون مستعمر, فمن حقنا أن نعقد هذه المقارنة, خاصة عندما لا تنفع مع الديكتاتور نصائح الأصدقاء, ولا إرشادات المحبين والعقلاء, فيترك كل ذلك, ويمعن في شعبه قتلاً وتدميرًا وحرقًا واغتصابًا واعتقالاً وتعذيبًا وإفقارًا وتجويعًا, و.... القائمة تطول. 
بعد كل هذه الموبقات التي يرتكبها حكام البلاد في أهل بلدهم لا أجد حرجًا أن أعقد هذه المقارنة؛ مذكرًا كل صامت, أو منحاز إلى الظالم, أو رافض التدخل الإنساني من قبل دول كبرى لإنقاذ الشعب المقهور في بلدي سوريا, وتوفير الحماية المدنية لهم, أذكرهم أن صمتهم ونصحهم لم ينقذ الشعب السوري, فهو يُذبح منذ ما يقارب السنة, ولم يفعلوا لهم شيئًا. 
وإلى المقارنة:
المحتل والديكتاتور كلاهما عدو للوطن. إلا أن المحتل عدو واضح ظاهر, وإن ادعى إرادة الخير للبلد المحتل. أما الديكتاتور فقد لا يعرف كثير من الناس أنه عدو, وقد تختلف الأمة على ذلك؛ لأنه ابن جلدتنا, ويتكلم بلغتنا, ويدعي أنه على ديننا, لكنه يهدم ولا يبني, وأهم شيء أنه يهدم الإنسان.
كلاهما له مطامع, إلا أن المحتل يطمع في خيرات البلاد, أما الديكتاتور فهو طامع في البلاد وفي العباد.
كلاهما يحب البقاء في البلاد, لكن المحتل لا يحب الإطالة في البقاء, أو لا يستطيعه, أو لأن بلاده أفضل وأحسن فيرغب في العودة إليها, أو أنه يبقى حتى يؤمِّن مصالحه الكبرى ثم يرحل, بينما الديكتاتور ملزق بالكرسي متشبث به, جاثم على صدور العباد, مستنزف لخيرات البلاد ومدمر لها, ويحب البقاء في الحكم حتى ولو حول البلاد إلى يباب, ويحرص كل الحرص على توريث ابنه وابن ابنه وابن ابن ابنه, و.....
كلاهما عدو, إلا أن المحتل يجمع كلمة الناس على عدائه, ولا يختلف عاقلان بهما ذرة من وطنية على عداوته, وضرورة محاربته وإخراجه من البلد. إلا أن الديكتاتور يفرق كلمة الناس, ويشق صفهم – حتى على نطاق الأسرة الواحدة أحيانًا- ويدجِّل على كثير منهم حتى يظنوه الملهم والمخلص والقائد الفذ والممانع والمقاوم, و...
المحتل يحاول استمالة بعض الناس إلى طرفه, وقد ينجح في ذلك مع البعض من ضعفاء النفوس, أو من له مصلحة دائمة مع المحتل. مع الإشارة إلى أن هؤلاء يعدُّون في نظر الأغلبية الساحقة من أهل البلد عملاء ومحتقرين, ولا ينظر إليهم باحترام مطلقًا, بل يلحقهم العار إلى ذريتهم... أما الديكتاتور فيستطيع أن يعدّ شريحة واسعة من الناس –قد تصل أحيانًا إلى أكثر من 50%- ويسخرها له وللدفاع عن نظامه, ويربط مصالحهم بمصالحه, بحيث يدرك هؤلاء أن بقائهم مرهون ببقائه, ولذلك نجد هذه الشريحة تدافع عن الأنظمة إلى آخر لحظة من سقوطها.
كلاهما يشتركان في رفع شعارات طنانة رنانة, فالمحتل يرفع شعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية, إلا أنه يطبقها في بلده, ولا يطبقها في البلد المحتل. لكن الديكتاتور يرفع هذه الشعارات, وأكثر منها, ولا يطبقها مطلقًا. 
كلاهما يشتركان في شعار محاربة الإرهاب, إلا أن الديكتاتور يقتل الإرهابي -من وجهة نظره طبعًا- حامل السلاح فقط, أما الديكتاتور فهو يقتل شعبه بحجة أنه إرهابي, دون أن يفرق بين رجل وامرأة, بين كبير أو صغير, بين حامل للسلاح أو حامل للجنين.
المقارنة لم تنته, ولذا أرجو من القارىء الكريم أن يزودني بما يخطر بباله من هذه المقارنات بين المحتل والحاكم الظالم. 

(114)    هل أعجبتك المقالة (116)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي