يا أيُها المترفونَ بالفرحٍ الكثير ليس كذباً هذا الصقيع .. ليس شفافاً هذا البرد .. إنه زمهريرٌ زمهرير .. فلا مكان لكم هاهنا .. حيث الحزن و الدم و الأشلاء .. و الدمع صار بحراً و الوطن سفينة.. في جنازاتنا لا يمشي إلا الفولاذ و الموبايل .. لنقتل مرتين .. أيها المترفون بالفرح الكثير .. نحن لا نبيع الغيم .. نحن الغيم .. نحن الحلم .. نحن اللحن .. فخذوا هرمونات فرحكم الكثير من حزننا .. و ارقصوا على جثث الورد .. ارقصوا ..
يا أيها المترفون بالفرح الكثير ... لا مكان لمروركم هاهنا .. ليس مهما أن تعرفوا أين تذهب أطرافنا و حناجرنا .. و أصابعنا المرمية للكلاب .. ليس مهما أن تعرفوا اين تدفن أحلامنا .. في أي مقبرة سيزهر حلمنا .. ليس مهما أن تعرفوا شيئا عن حزننا .. ما أكتبه ليس إلا حديثا عن الدم المسجى على أرصفة الشوارع .. وعن الأشلاء .. عن بحر من الدمع و عن وطن يا ليته صار سفينة ..
نحن لا نبيع الغيم ها هنا .. نحن الغيم و المطر الكثير .. نحن من يحلق بجناحين من ريح و سنونو .. و حين نموت .. و نحن نموت .. لن يمشي في جنازاتنا إلا الفولاذ و الحديد و هاتف محمول بأيد مرتجفة .. و حناجر صارت في أكياس على ظهر الريح ..

يا أيها المترفون بالفرح الكثير .. و الأقاويل الكثيرة .. لا مكان لكم هاهنا .. نشيدنا الموت و نحن الكفن .. و هذا الدم مرآة .. فانظروا فيها لتروا فرحكم ..
قلت لكم ليس كذاباً هذا الصقيع .. ليس شفافاً هذا البرد .. و لغتنا المشتعلة بنبيذ حريتها .. لا تحتاج لفرحكم الكثير يا أيها المترفون : قال أرسطو طاليس .. إذا كان العاقل عاقلا فإنه لا يفرح في الدنيا .. إنها المعرفة .. فهل تعرفوا يا أيها المترفون بالفرح الكثير شيئاً عن الموت في لجة الحكايا ؟ شيئا عن الحب في لون المرايا ؟
يا أيتها المعرفة .. ما حاجتي للمعرفة .. ما جدوى أن أعرف وجه قاتلي .. ليأتي صدى الأسئلة على درب الريح .. أليست هذه يدا من حديد ؟ ما جدوى معرفتي بأن حمزة لم يقتل بيد من حرير ..
ما جدوى أن أعرف أن القمر صحراء باردة .. و وجه الغائبة نائم في حضن غريب .. ؟
نحن المترفون بالحزن الكثير .. هذه حقولنا .. فلا تمروا من هاهنا .. يا أيُها المتسربلين بخوذكم و دروع خوفكم .. إنه صقيع .. إنه زمهرير ..
صحفي سـوري*
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية