ضن البعض بان الثورات العربية غيبت الضوء عن القضية الفلسطينية وأبعدتها عن سلم الأولويات المركزية العربية والشعبية ،وابتعد التركيز الإعلامي والسياسي عن القضية المحورية ،لذلك من الخطاء الاعتقاد بظل هذه الإحداث والتغيرات التي عصفت في الدول الجمهورية والملكية من خلال هذه الدراما التي ألقت بظلالها على العالم العربي .
طبعا الحدث في العالم العربي كبير جدا ولكنه لم يركز على القضية الفلسطينية نبل كان محور الحدث مركز على القضايا الداخلية فقط ،بالرغم من كون القضية الفلسطينية قضية مركزية عربية وتاريخية بحد ذاتها ،لا يمكن أن تغيب عن موقع الحدث ،لأنها قضية القضايا في العالم العربي والإسلامي.
فالشارع العربي صارت تجذبه المطالبة بالحرية والكرامة والديمقراطية والعدالة والانفتاح ،وليس الاكتفاء برفع شعار المقاومة والممانعة والعمل في المقابل على حل النزاع سلميا مع إسرائيل والتفاهم مع أمريكا والغرب من دون جدوى بالإضافة إلى تصدير السلاح والاضطرابات إلى دول الجوار.
موقع القضية الفلسطينية:
قد تكون غابت القضية الفلسطينية مؤقتا عن المشهد الإعلامي والسياسي في ربيع التغيرات العربية .
فالخوف ليس من الأنظمة العربية التي سادت فيها حركات التغير الثورية،ولا يمكن المقارنة هنا بين التغيرات التي حصلت في دول أوروبا الشرقية التي كانت قياداتها تؤيد القضية الفلسطينية وانقلبت شعوبها نحو التأيد الكامل لإسرائيل بسبب ردها على قيادتها وأنظمتها السابقة ، التي أخذت شعوبها رهينة للقضية الفلسطينية طوال فترة حكمها من خلال طرح شعارات وهمية وغير حقيقية، فالشعب العربية لم تتخلى عن القضية الفلسطينية بسبب حكامها الذين اسروا شعوبهم وفقا لمصالحهم، بظل التغيرات العربية الحالية يجب على القادة والساسة الفلسطينيين الاهتمام بالقضية الفلسطينية واستثمار المناخ العربي الجديد لمصلحة القضية ،وعدم التدخل بشؤون الدول العربية الداخلية لان المراهنة على دول وقيادات سوف يضع الورقة الفلسطينية مجددا في موقع التجذبات وفي موقع صعب لان الدول العربية في السابق حاولت توظيف الورقة الفلسطينية لإرضاء الغرب والولايات المتحدة على حساب القضية الفلسطينية. فالوقوف في ظل الظلم والتصريح مع القضية الفلسطينية، فانه غير صادق ، وكذلك النقاش بالديمقراطية ومحاولة الاجتماع مع العدو كاذب، يجب أن يعلم العالم كله بأنه لا يوجد موقف أو تناقض بين الشعوب العربية والإسلامية من قضية فلسطين من خلال طرحها للديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية.
فلسطين اليوم:
طبعا تعاني فلسطين اليوم حالة شرسة من العنف ، وهي الأكبر من نوعها منذ اغتصابها ،من خلال هجمات استيطانية "صهيونية " إسرائيلية،مستغلة انشغال العالم كله بحدث 2011 ،والاستكلاب المتوحش على الاستيطان، وخاصة في مدينة القدس التي تعاني من محاولة خطيرة من التهويد وتغير معالمها الديمغرافية،والعمرانية ،وإفراغها من سكانها العرب الأصلين عن طريق بناء كتل استيطانية حديثة تحاصرها من كل الجهات لفرض أمر واقع، دون الاهتمام من دول العالم وغياب الضغط العربي الجاد، والشعب المنشغل في عملية التغير وإزالة الحكام الطغاة،فان غياب الضغط الدولي عبر نفذت هيئة الأمم المتحدة ،وسيطرت الانقسام الفلسطيني- الفلسطيني على المناخ العام ، بالإضافة إلى غياب منظمات المجتمع المدني والأهلي عن مراقبة التطورات الفلسطينية وانشغل بالثورات العربية شجع إسرائيل أكثر فأكثر ، على عملية الاستكلاب الاستيطانية،والهجمات المنظمة من قبل المستوطنين الصهاينة على العرب والتي بلغت خلال شهر 29 هجمة.
مهمة القادة الفلسطينين:
أمام هذه الحالة الصهيونية المستشرسة،ضد الشعب الفلسطينية ، تكمن مهمة منظمة التحرير الفلسطينية وقادة الأحزاب الفلسطينية والسلطة الفلسطينية عامة ، في وضع إستراتيجية جديدة للمواجهة مع العدو الصهيوني لإعادة الاعتبار للقضية من جديد، ووضعها على جدول الأولويات العربية والعالمية مستثمرين جو الثورات العربية والتغيرات الجديدة التي صنعتها الشعوب العربية،و التي لا تتناقض في مطالبها التي رفعتها في احتجاجاتها التغيرية لان الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية لا تبتعد عن القضية الفلسطينية التي سوف تحتل الأولوية في ظل الثورات العربية العادلة:
1-المصالحة الفلسطينية –الفلسطينية،وإنهاء الانقسام الداخلي ،والتخلص من سيطرت الدول الإقليمية،هي الخطوة الأساسية والصحيحة في العودة إلى الصدارة،وخاصة بان:" الرئيس اباما يقف بوجه أي مبادرة لإنهاء الخلاف الفلسطيني الداخلي برده السيئ على اتفاق المصالحة في نيسان ابريل الماضي في القاهرة".
2-توحيد منظمة التحرير وضم قوى جديدة لها، "حماس الجهاد الإسلامي، المبادرة الفلسطينية"، لان وحدة الشعب الفلسطيني .
3- وضع إستراتيجية جديدة في مقاومة الاحتلال الصهيوني،" مقاومة شعبية دبلوماسية ،ثقافية...الخ".
لان تحصين البيت الفلسطيني الداخلي هو الرد الفعلي والحقيقي على انهاء الهجمة الصهيونية "العسكرية والاستيطانية".
4- إعادة الاعتبار لعملية التعبئة السياسية والإعلامية والدعاية الكاملة للرأي العام العالمي، بأهمية القضية الفلسطينية.
خطوات السلطة التصعيدية :
ربما كانت القيادة الفلسطينية والممثلة بشخص الرئيس محمود عباس والذي حاول أن يعطي فرصة أخيرة للرباعية الدولية للضغط على الدولة العبرية، من خلال الدخول في مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل في الأردن، بعد الإصرار الأمريكي على ذلك عن طريق الوسيط الأردني كي لا تتحمل السلطة الفلسطينية مسؤولية إفشال المفاوضات.
عندها يقوم الطرف الفلسطيني باتخاذ خطوات جديدة كما لوح الرئيس عباس بان 26 يناير"كانون الثاني 2012 ،سيكون يوم مفصلي في اتخاذ المواقف المصيرية الفلسطينية ،وسيقوم الرئيس عباس بخطوات مهمة في هذا التاريخ تكون مفصلية في إحراج العدو الصهيوني والعالم في التعاطي مع القضية الفلسطينية .
ومن هنا يجب على المفاوض الفلسطيني أن يضع شروطه الأساسية والثابتة للعودة إلى طاولة المفاوضات:
1-على إسرائيل تجميد عمليات الاستيطان نهائيا.
2- على إسرائيل وضع مرجعية وإحكام ثابت للمفوضات من خلال مدة زمنية للتفاوض .
3- إنهاء التفاوض الرسمين بالجانبين "بالاعتراف الإسرائيلي بالدولة الفلسطينية الجديدة"، وفقا للمعاير الدولية التي تفرضها المظلة الدولية للقوانين التفاوضية.
وإذا لم تستجيب إسرائيل للمطالب الفلسطينية، على السلطة الفلسطينية التفكير بالبدائل السريعة، مثل اقاف التنسيق الأمني مع إسرائيل الذي يهدد إسرائيل فعليا وتخشى عواقبه ، وصول إلى التخلي عن السلطة الفلسطينية الحالية، وإنهاء التعامل مع إسرائيل.
ربما قد يصل الأمر بالرئيس عباس إلى حل السلطة الفلسطينية من خلال طرح بدائل لهذا الحل وتحميل إسرائيل والعالم مسؤوليته القانونية والأخلاقية اتجاه الاحتلال للأرض والشعب،وربما قد يكون هذا الطرح الأقوى بد23 سبتمبر"ايلول" من العام 2011 ،والتي حاولت إسرائيل الالتفاف عليه سلفا في تقيد حركة عباس في رم لله مما دفعه إلى إرسال عائلته إلى الأردن خارج الضفة الغربية .
إن اتفاق نيسان "ابريل "من العام 2011 ،والذي حظي بثقة ايجابية يبن كل الإطراف السياسية والشعبية ،استطاع أن يعيد بعض القوى للقضية التي كنت في مأزق. هذا الاتفاق هو أساس للرصيد الذي يمكن أن ينطلق في أي رد على التصلب الصهيوني، إضافة لضرورة إفهام إسرائيل بان التغيرات العربية هي جدية وبان الشعب العربي هو الذي أضحى يحكم، وليس الحكومات...
لنتظر 26 يناير وماذا يخبئ القادة الفلسطيني من مفاجآت سارة وغير سارة للشعب الفلسطيني والعالم في معركتهم القادمة مع العدو الصهيوني ،وربما لقاء السيد خالد مشعل والرئيس عباس في الأيام القادمة في غزة ،هي الخطوات الأولى لهذا التصعيد الفلسطيني الجديد المحمي بالثورات الشعبية العربية...
لنتظر إذا المهلة الأخيرة المعطاة للرباعية الدولية في 26 يناير يوم المنعطف الفلسطيني الجديد.
كاتب وباحث إعلامي،مختص بالإعلام السياسي والدعاية
[email protected]
القضية الفلسطينية: مستقبلها السياسي بظل الثورات العربية، وأفاق السلام المسدود مع إسرائيل...!!!
د.خالد ممدوح العزي
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية