أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

إيران، تركيا.. وجه آخر للاحتلال ... محمد اللمداني

قبل عدة سنوات أجريت حوارا مع أحد السفراء الإيرانيين، وقال خلال الحوار " أن إيران لن تنسحب من الجزر الإماراتية المحتلة"، بعد نشر الحوار،اتصل بي و عاتبني لأنني اخترت عنوان الحوار تصريحه حول تمسكه بالاحتلال، و كما قال وزير الخارجية الإماراتي الحالي " لافرق بين الاحتلال الإيراني و الإسرائيلي."
في سياق متصل..تركيا تحتل لواء إسكندرون،و أنطاكية و 130 قرية سورية تمتد على الحدود بين البلدين، و سليمان العيسى الشاعر السوري الشهير ينتمي إلى هذا الجزء المحتل، و تتجاهل تركيا هذا الاحتلال، وهي ترفض أن تعيد هذه الأراضي المحتلة إلى سوريا.
أما إسرائيل.. فقضيتها يعرفها الجميع، و لا داعي للتأكيد أنها تحتل أجزاء من سوريا، و كل فلسطين، و جزء من الأراضي اللبنانية، وهي تسعى لتضم أراض أخرى إذا حالفها الحظ.
• الهلال الشيعي
العاهل الأردني عبد الله الثاني، تحدث منذ أكثر من عشر سنوات عن الهلال الشيعي، وحذر وقتها أن وجود هذا الهلال سيخنق المنطقة و يؤدي إلى صراعات ليس من السهل حلها، و الهلال الشيعي هو النظام العلوي في سوريا، النظام الشيعي في العراق و حزب الله في لبنان، إضافة إلى إيران التي تقود هذا التيار الجامح منذ انتصار الخميني عام 1979 على الشاهنشاهية و إسقاط نظامها.
منذ تغيير هرم السلطة في العراق، و تبوأ حزب الدعوة الشيعي السلطة، أصبح واضحا و جليا أن الهلال الشيعي أصبح يطبق بخناقه على الأمة العربية، فقد كان هناك تعاون حثيث على سبيل المثال لا الحصر بين مقتدى الصدر و حزب الله اللبناني، حيث أرسل هذا الأخير عددا من كوارده من أجل تدريب جماعة الصدر في العراق، وكان المشرف على هذه العملية قائد العمليات العسكرية السابق في حزب الله" عماد مغنية".
من ناحية أخرى.. لم يعد الشيعة يخفون مذهبهم، أو قناعاتهم الشخصية، فرغم أن جعفر الصادق أحد أئمة الشيعة الاثنا عشر، يعتبر أن من ترك الإيمان بالتقية فهو لم يعد شيعيا، و التقية حسب التعريف اللغوي" هي اتقاء سلطان جائر"، و في المذهب الشيعي يتم التعامل بها على أساس حماية المذهب من الآخرين، فلذلك يجب التعامل مع الجميع بالتقية من أجل الحفاظ على المذهب، و كما أخبرني أحد ممثلي حزب الله" أن الشيعة لم يعد يمارسون التقية، لأن الطائفة لم تعد في خطر".
إذا.. انتهى الخطر على الطائفة، و ما على هذه الأخيرة سوى أن تكشف عن أنيابها و تعلن للجميع ما تريد، فالإيرانيون يريدون أن يسيطروا على منطقة الخليج العربي، و يعتبرونه فارسيا، فهم بدأوا في تحريض شيعة الخليج الذين أصبحوا رهينة لمذهبهم الشيعي قبل أن يكونوا ينتمون إلى وطنهم الذين عاشوا و تربوا فيه، و بعد السيطرة على منطقة الخليج العربي، تصبح إيران هي القوة النافذة الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط، فهي تعد أكثر من 50 مليون نسمة، و تمتلك أسلحة الدمار الشامل و موقعها الاستراتيجي يؤهلها لأن تقود المنطقة و تفرض شروطها، ومن هذا المنطلق كان الشيخ حسن نصر الله" زعيم حزب الله" أعلن بدون أدنى حرج أنه يتبع لولاية الفقيه، و أن مرجعيته هي " خامنئي" وهذا ما يعني أنه قام بتغليب انتماءه الديني على انتماءه الوطني، و هو ما يدل بشكل سافر كيف قام هذا الحزب بتأييد قمع الشعب السوري، و شارك إلى جانب النظام السوري في قتل الشعب السوري المسالم، و كل ذلك لأن الهدف الحقيقي لهذا الحزب هو الاستحواذ على السلطة في لبنان، و إقامة ولاية الفقيه فيها، فلذلك نرى أن الحزب في قمة غضبه وهو يحاول أن يدعم النظام السوري بأي طريقة من أجل الحفاظ على بقاءه هو.
• تجارة رابحة:
لم يتوقف أحد عن الكلام عن فلسطين و القدس، و شرعية الدفاع عنها.. و الجميع يتدخل بالشؤون العربية من خلال القضية الفلسطينية، فتركيا دخلت العالم العربي من خلال دفاعها عن القضية الفلسطينية، ليمتد بعد ذلك تدخلها إلى الجزائر، حيث اتهمت فرنسا بإبادة جماعية في حق الشعب الجزائري ، بعد أن تمَ اتهامها من البرلمان الفرنسي بإبادة الأرمن، و الجميع يعلم دون أدنى شك أن تركيا ارتكبت مجزرة في حق الأرمن، و إلا لماذا نجد هؤلاء منتشرين بعشرات الآلاف في منطقة الشرق الأوسط مثل سوريا و لبنان.
و طبعا.. إيران لم تتوقف يوما عن شتم إسرائيل، و أنها ستدمرها و تمحيها من الوجود، و قامت بتنظيم مؤتمر حول خرافة الهولوكوست، و دعت اليهود المعارضين لإسرائيل للمؤتمر، و ندد الجميع بإسرائيل.
و طبعا النظام الإيراني استغل القضية الفلسطينية، و دعمه إلى حركة حماس بمبلغ 40 مليون دولار سنويا، من أجل السماح له بالتدخل في الشؤون العربية، فعلى سبيل المثال عندما كانت هناك انتفاضة أكتوبر/ تشرين الأول عام 1988 بالجزائر، صرح مرشد الثورة آنذاك" أن الجزائريين الذين رفعوا شعار، الله أكبر، قد استمدوه من الثورة الإيرانية التي قامت في العام 1979"، فجاء الرد سريعا و تم طرد السفير الإيراني من الأراضي الجزائرية، و لم تتوقف إيران عند هذا الحد، فهي لا تتدخل إلا في دعم طائفتها الشيعية في أي مكان، في البحرين كانت على شفا التدخل، وهي تتدخل سريعا عندما يكون الطرف الآخر ضعيفا. أما مع إسرائيل فهي تتوعدها، رغم أن هذه الأخيرة قامت بقتلها العلماء الإيرانيين، و أنا هنا أقول" كيف يمكن لنظام يريد أن يحارب إسرائيل و جبهته الداخلية منهارة، و الموساد الإسرائيلي مخترقها من أسفل الهرم إلى أعلاه، ويقوم بقتل علماءه و شعبه الإيراني، و لا نسمع إلا الوعيد و التهديد الإيراني، و جميعنا يعلم أن من يستخدم لغة الوعيد، فهو لا يقوى حتى على حماية نفسه، فماذا فعلت إيران بمضيق هرمز؟ و ماذا فعل الأسطول السادس الأمريكي للبحارة الإيرانيين؟". إنها حقيقة مؤسفة، أن لا يملك هؤلاء سوى استخدام القضية الفلسطينية مطية للتدخل في الشؤون العربية، و أنهم يهددون المصالح العربية، و يتدخلون في شؤون الدول، كما يجري في سوريا، فكانت هذه الأخيرة حليفة لإيران في حربها ضد العراق، ثم أصبحت تابعا لها و لا تقوى حتى على معارضتها.
• الخلاصة:
إن إيران و تركيا يتنافسان على قيادة الشرق الأوسط، و يبحثون على مجال حيوي من أجل أن يحصلوا على امتيازات لدى الغرب، فمن يسيطر على منطقة الخليج و الدول المحيطة بإسرائيل سيكون له الكلمة الحاسمة و الأخيرة، و سيكون بوابة الغرب إلى المنطقة، فتركيا تطمح لكي تصبح عضوا في الاتحاد الأوربي، و لو قبلها هذا الأخير عضوا كاملا لما التفتت إلى العالم العربي أو هاجمت إسرائيل في يوم من الأيام.
و كذلك إيران.. فلو اعترف الغرب بها، على أساس أنها دولة إقليمية عظمى و يجب استشارتها بكل شاردة وواردة فإنها ستكف عن إثارة النعرات، و إدلاء التصريحات الاستفزازية ضد الجميع، و للأسف تعتقد الحكومة الإيرانية أن امتلاكها للسلاح النووي سيعطيها هذا الدور، وهي لا تعلم أنها لن تمتلك الوقت الكافي في يوم تريد فيه استخدام هذا السلاح، لأنها ستُباد قبل أن تضغط على زرالقنبلة، فهذا السلاح الفتاك هو سلاح ردع و ليس سلاح حرب، و من المعروف أنه خلال الحرب الفيتنامية-الأمريكية، طلب قائد العمليات الأمريكية من الرئيس الأمريكي استخدام السلاح النووي ضد الفيتناميين، فما كان من هذا الأخير إلى القيام بعزل قائد العمليات، لقد تم استخدام هذا السلاح مرة واحدة في التاريخ، و لا أعتقد أن هناك نية لاستخدامه مرة أخرى.
إن الدور الآن على الشعب العربي، الذي بدأ ربيعه ضد أنظمته الديكتاتورية و ذلك من أجل استعادة القرار العربي، و عدم السماح لأي طرف بالتدخل بشؤونه، و يجب أن يعلم الجميع أن فلسطين هي قضية إنسانية قبل أن تكون قضية عربية أو دينية، فعلى الجميع أن يكفوا أيادي الإيرانيين و الأتراك عن التدخل بشؤوننا، فالاحتلال له وجه واحد الذي هو إسرائيل، فإيران و تركيا و إسرائيل هم الوجه الحقيقي للاستعمار و إلغاء الآخر.


كاتب/صحفي
كندا

(94)    هل أعجبتك المقالة (100)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي