أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"قافلة الحرية" صورة لا تشبه الحقيقة المنظمون والنظام أيهما أفشل المهمة... عروبة بركات

عقد الكثير من الناشطين الآمال على تنظيم قافلة الحرية، لما تحمل من معاني كبيرة للجاليات السورية في دول المنفى التي تتحرق شوقاً لتقديم المعونات لأهلنا في الداخل وخصوصاً في المناطق المنكوبة.
ورغم تحمس المئات من الناشطين للمشاركة في الحملة التي كان من المفترض أن تنظم على طرفي الحدود السورية الشمالية والجنوبية لسوريا من تركيا والأردن، وأن تشارك عشرات من الشاحنات المملوءة بالمواد الإغاثية والطبية الضرورية لإسعاف ومساعدة الجرحى والمنكوبين في سوريا، إلا ان سوء التنظيم والإدارة قد أديا إلى تحويل القافلة إلى مجرد تجمع لبضع عشرات من الناشطين وتبعثر معوناتهم الطبية والإغاثية بين الموانىء والمطارات التركية التي لم تسمح بدخولها إلا عبر جمعيات خيرية معتمدة رسمياً في الأراضي التركية.
بدأت مسألة الفوضى في تنظيم القافلة قبل أكثر من شهر حين رفض أحد أعضاء اللجنة التنظيمية للقافلة تغيير موعد انطلاقها حتى يتسنى الحصول على التصاريح المطلوبة من دولتي تركيا والأردن لإقامة المعتصمين على أراضيها ودخول المساعدات عبر حدودها والاتفاق مع جمعيات خيرية تتبنى عمليات تلقي المساعدات ونقلها وتخزينها. فاضطر أعضاء اللجنة الانسحاب من العمل وترك المسألة لرئيس اللجنة الذي أصر على تثبيت الموعد قبل استكمال الاجراءات الرسمية. بل أعلن أن اللجنة غير مسؤولة عن نقل المساعدات واستلامها وحمل كل من يرغب في احضار المساعدات مسؤولية إدخالها إلى الأراضي التركية ونقلها عدا عن تكاليف شحن المساعدات من الدول التي يقيم فيها الناشطون. الأمر الذي أحبط الكثيرين وجعلهم يترددون في المشاركة بالقافلة والاعتصام واعتبارهما بلا جدوى إن لم يتمكنوا من ايصال المساعدات إلى داخل الأراضي التركية على الأقل وخصوصاً بعد أن تم الإعلان عن رفض الحكومة الأردنية إعطاء التراخيص اللازمة للقافلة وعبورها من الحدود الجنوبية لسوريا.
ومع إعلان المنظمين عن تخصيصهم للجان خاصة بإستقبال المشاركين في القافلة في مطار غازي عنتاب وأرقام هواتف للتواصل معهم بهدف مساعدتهم بدأت وفود من المشاركين تتوافد إلى المدينة التركية الجنوبية ولكنهم لم يجدوا أحداً في المطار ليستقبلهم ولم يجب المنظمين على اتصالات المشاركين على أرقام الهواتف التي أعلنوا عنها رغم علمهم بمواعيد وصول البعض قبل عدة أيام وبحجم المساعدات التي سيحضرونها. الأمر الذي أوقع المشاركين في مأزق التورط بنقل المعونات وحجمها وأثقالها وعدم وجود من يساعدهم في نقلها.. وقد تعرضت أنا شخصياً من عدم تعاون اللجنة المنظمة ومن سوء إدارتها.. فقد شحنت جواً على حسابي الخاص 300 كيلوغرام من المساعدات العينية من بطانيات وملابس شتوية لجميع الأعمار من أبوظبي إلى استانبول وثم إلى غازي عنتاب، بهدف المساهمة في قافلة الحرية. وبقيت في مطار غازي عنتاب أكثر من ثماني ساعات أنتظر وصول من يساعدني في استلام الشحنة أو معرفة مكان تواجد اللجنة المنظمة لنقلها لعندهم، ولكن المسؤوليين عن القافلة لم يردوا على الاتصالات ولم يحاولوا تقديم أي نوع من المساعدة بعد أن تحدثت معهم فاضطررت إلى نقل الشحنة إلى أنطاكية وتحمل تكاليف شحنها مجدداً، وتسليمها للجنة من الناشطين تتولى عمليات تهريب المساعدات إلى الداخل السوري.
وحتى كتابة هذا التقرير هنالك مشاركين من تجمع الحرية والكرامة جاؤوا من فرنسا بقيادة عضو المجلس الوطني زياد الراوي مع خمسة من الناشطين السوريين ترافقهم شاحنة متوسطة الحجم محملة باثني عشر طن من الأدوية والمساعدات الطبية. ومازالت الشاحنة محجوزة في ميناء مرسين ولم يتمكنوا من الإفراج عنها ولم تقدم لهم أي نوع من المساعدة على اخراجها من الميناء واستلامها. حتى أنهم اعتصموا في مرسين بعد أن جربوا كل الوسائل لتسليم شحنة المساعدات لمنظمي القافلة أو لهيئة الأغاثة الإسلامية في سوريا أو أية جهة أخرى.. ويبدو أن ناشطين من رابطة الأطباء السوريين الأحرار ستتولى أمر اخراج الشاحنة من الميناء بعد أسبوع من العذاب وأسبوع آخر من السفر عبر أوروبا والبحر في ظروف مناخية سيئة.. 
موقع انطلاق القافلة ساهم هو الآخر إلى حد كبير في صعوبة الاعتصام وضعف جدواه أيضاً. فاختيار معبر كلس الحدودي القريب من مدينة غازي عنتاب حيث الجو شديد البرودة وينعدم في المنطقة وجود سكان عرب تقريباً مقابل مدينة أنطاكيا التي يقطنها العرب والتي تعج بالسوريين وقربها من مخيمات اللاجئين والمعابر الحدودية النشطة مع سوريا والحركة الشعبية المتصاعدة فيها والداعمة للثورة السورية كان يمكن أن ينعكس ايجابياً على القافلة. فالموقع الذي تم اختياره للقافلة أرض بعيدة سهلة خاوية ليس فيها شجرة واحدة أو صخرة يمكن أن تحمي المعتصمين من الريح والمطر. ولأن اللجنة المنظمة لم تحصل على التراخيص الضرورية للإعتصام فقد قررت الحكومة المحلية لمدينة غازي عنتاب عدم السماح للمشاركين في القافلة الاعتصام إلا على مسافة تزيد من عشرة كيلومترات عن الحدود السورية ومثلها وأكثر عن أي تجمع سكاني، الأمر الذي حجب عن المعتصمين فرصة المشاركة الشعبية التركية أو من قبل الجالية السورية معهم، وكان الاعتصام شبيه بعمل معزول بعيد عن أعين الناس اللهم إلا من بعض الصحفيين الذين أبدوا اهتماماً بالإعتصام بشكل يشكرون عليه نتيجة تحملهم لظروف الطقس شديد البرودة
شبيحة الأسد لم يتركوا الفرصة تمر بدون أن يتركوا بصمتهم عليها، وساعدهم على ذلك سماح الحكومة التركية لهم بالتواجد والتظاهر في معبر كلس الحدودي ورفع صور بشار وأعلام السلطة، في حين منعت القافلة من الوصول إلى المعبر, وحين حاول بعض الناشطين وكنت من بينهم، الذين وصلوا إلى المعبر بطريق الخطأ لعدم تواصل اللجنة التنظيمية معهم، التظاهر أمام المعبر ورفع علم الاستقلال السوري، منعنا الأمن ورجال الشرطة وطلبوا منا مغادرة المكان والالتحاق بالقافلة وإعلامنا بموقعها الذي كان مجهولاً لنا..
قضى المعتصمون معظم اليوم الأول يتظاهرون ويهتفون وينشدون قرب الطريق السريع الذي يحازي مكان الاعتصام وفي أجواء شديدة البرودة.. وحين حل الظلام وبلغ بهم التعب ما بلغ، انتقلوا إلى المكان المخصص للإعتصام على بعد مئتي متر من طرف الطريق حيث تقع مفرزة صغيرة للجيش التركي.. وزع المنظمون الطعام على المشاركين ولم يكن هنالك أية مشروبات ساخنة تساعد على مقاومة البرد.. انسحب العدد الأكبر من المشاركين في القافلة لإدراكهم صعوبة النوم في مكان مفتوح للريح والبرد بدون حماية من أي شكل.. بعد مغادرة الباصات بقي الفدائيون الذين أصروا على اكمال التجربة رغم كل المؤشرات المخيفة.. لم يكن هنالك نار أو حطب أو أية وسيلة لتخفيف وطأة البرد القارس.. تبرع بعض المشاركين بالذهاب إلى مدينة كلس لإحضار الحطب اللازم لإشعال النار.. بعد قليل اكتشفوا أهمية المشروبات الساخنة.. تطوع آخرون للذهاب مجدداً إلى مدينة كلس واحضار أباريق لغلي الماء وإعداد الشاي.. كان الوضع شبيهاً بتجمع فوضوي لمجموعة من السوريين من الجنسين، المستعدون لفعل أي شيء في سبيل سوريا.. غنوا وهتفوا وتبادلوا الآراء والنكات والقصص.. الليل طويل والبرد شديد ولا شيء ينسيهم ألم الوطن إلا صوت عذب يغني لأجله.. كان هنالك المنشد معتصم وصوته الشجي العذب الذي أشعل الجميع حماساً وألماً.. نصبت الخيام الصغيرة وبدأت محاولات النوم بعد أطفأ المطر الغزير النار وتفرق المعتصمون.. غادر رئيس اللجنة المنظمة مكان الاعتصام ليقضي ليلته في الفندق ويعود في اليوم التالي عند الحادية عشر صباحاً..
النوم كان شبه مستحيل فالماء يتسرب بقوة من الخيام البلاستيكية التي لم تكن من النوع الذي يتحمل المطر الشديد.. البرد أصبح أقسى بعد أن تبللت الثياب وصار الأمر شبيهاً بالانتحار الجماعي برداً.. اقترح الجيش على المعتصمين نقل خيامهم إلى غرفتين خشبيتين فارغتين.. خصصت إحداها للنساء والأخرى للرجال.. لم تتسع الغرف لجميع المعتصمين فقضى عدد كبير من الشباب ليلتهم بدون نوم وتحت المطر وفي البرد المميت.. في الثانية بعد منتصف الليل وصل شاب مصري من الولايات المتحدة ليشاركنا الاعتصام.. لم تفلح كل المحاولات على ثنيه عن الحضور.. أراد تأكيد إلتزامه بدعم الثورة السورية وبالانتصار لدماء وأرواح السوريين وحقنا في ايصال المعونات والمساعدات لأهلنا.. كان لموقفه كبير الأثر على الجميع، وأعاد اشعال الحماس الذي أطفأه البرد والمطر..
في الصباح الباكر تقدم الجيش منا ليتأكد من عدم تجمد البعض.. فقد راقب بقلق الحالة التي عانى منها المعتصمون ليلاً. طلب منا فض الاعتصام، فأعلنا الاضراب عن الطعام وخصوصاً بعد تأكدنا من أن النظام السوري رفض بشكل قاطع دخول القافلة.. الحقيقة أن القافلة لم تضم إلا كمية بسيطة من المعونات التي تبرعت بها اللجان الإغاثية السورية في أنطاكيا.. بعد أن فوت المنظمون فرصة استلام المعونات التي وصلت إلى تركيا..
أقيمت صلاة جمعة رائعة .. واستمرت الهتافات والمظاهرات وانضمت مجموعة من الطلبة السوريين من جامعة غازي عنتاب إلى الاعتصام.. ردد المعتصمون الأهازيج والأناشيد والأغاني الوطنية ونقلت الجزيرة والعربية المظاهرات ثانية ببث مباشر الوقفات الاحتجاجية
أقنعنا الجيش التركي أن الليلة ستكون أشد وطأة من الليلة السابقة فدرجات الحرارة تسجل أرقاماً أكثر انخفاضاً، وأن رسالة المعتصمين وصلت فلا جدوى من الموت برداً أو تجمداً.. بل أنهم لا يسمحون بحدوث ذلك، ولابد أن ينفض الاعتصام بالحسنى.
أكثر ما ميز الإعتصام والقافلة هو حضور شخصيات سورية معروفة بوطنيتها وبمهنيتها العالية في الغرب مثل الدكتور راسم أتاسي جراح القلب الشهير في مشفى كليفلند في الولايات المتحدة والدكتورة وجد السباعي من سويسرا وأكاد الجبل السوري الوطني الشهير في الفيس بوك 


*صحفية سورية شاركت بالرحلة


عن قافلة الحرية إلى سوريا... مؤيد اسكيف* 
لم يكن الأمر سهلا .. لكنه ممتعا للغاية .. و منذ بداية المشروع قلت بصوت عالٍ نحن لا ننحت في الصخر بل في الهواء ولا خيار لنا سوى النجاح .. منذ أن أعلنت عن...     التفاصيل ..

أنطاكيا - تركيا
(118)    هل أعجبتك المقالة (108)

نبيل

2012-01-22

لأنو الاستنجاد بالناتو المجرم أسهل بكتير من تقديم المسساعدات الحقيقية بالنسبة لتركيا المجرمة والمعارضين العملاء .. يعني بيوافقوا يجي الناتو بس ما بيوافقوا جي ناس سلميين ..لك شو هالأيام لي وصلنالا ..ان شاء الله هيك بيموت كل حدا بيفكر يؤذي سوريا الحبيبة وشعبا العظيم.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي