أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

نظرة إلى عسكرة الثورة ... د.عدنان بكيرة

قد يكون مصطلح عسكرة الثورة خاص بالثورة السورية، وأنا أراه مبالغة لفظية مِن قبل مَن يعتمدون سبيل التغيير الديمقراطي، ويحلمون بسورية مدنية للجميع.
فالثورة نوعان:
إما مدنية يشترك فيها كل فئات الشعب باحتجاجات ورفض للحاكم المستبد، وتفضي بالنهاية إلى سقوط الحاكم المستبد، واستبداله بحكم يتوافق عليه الشعب، بعد تقديم رؤية مقبولة من نخبته المثقفة ودستور يتعايش فيه الجميع.
أو ثورة عسكرية ينقلب فيها تنظيم عسكري على الحاكم ويؤسس لنظام بإدارة العسكر، بما يؤسس إلى إعادة إنتاج الديكتاتورية من جديد، فمن قام بالتغيير عن طريق الانقلاب العسكري سيفكّر أولاً نتحصين نفسه من انقلاب مضاد، وسيعتمد على من يثق بهم من العسكر بتنظيم المجتمع والدولة، وبالتالي إعادة تنظيم المجتمع بما يتعاكس مع المفهوم المدني الديمقراطي.
ولن يجادل أحد أن الثورة في سورية مدنيةٌ أهلية، اندلعت نتيجة الظلم الاجتماعي والاقتصادي، وتسلط العسكر وأجهزة المخابرات، بما يمكن أن نسميها ثورة كرامة بكل معنى الكلمة. ولن يجادل أحد أنها بدأت مناديةً بالإصلاح على كل المستويات. وربما استشعر الرئيس الحالي ضرورة الإصلاح فكان أحد أهم شعارات مرحلته منذ بداية وصوله للسلطة.
لكن الاحتجاجات المدنية قوبلت بالقتل والتنكيل وامتهان الكرامة، في سعي من الحاكم ليستعيد رهبته في قلوب الشعب، وهذا ماأدى إلى نتيجة معاكسة في شحذ الإرادة والإصرار وتشجيع المترددين على الانخراط في الاحتجاجات المدنية.
بدأت شعارات الناس بالسلمية والسلام والوحدة الوطنية والرؤية الديمقراطية، ولاغرابة في ذلك فالثورة المدنية هي فعل أخلاقي ايماني وطني.
يوماً بعد يوم وعنف السلطة يزداد، ويزداد معه البحث عن الناشطين وقتلهم وسجنهم وإهانتهم وتهجيرهم، ويوماً بعد يوم يزداد الخطاب السياسي للحاكم صلفاً وتكلساً، بما جرّ الصراع إلى حالة كسر عظم بكل معنى الكلمة، فالسلطة تريد إعادة الشعب إلى القفص القديم، والمتظاهرون يريدون كسر القفص وإسقاط السجان.
في رمضان شَهدْتُ المظاهرات، ولفت نظري إلى أن للمظاهرة قيادة تخطط للشعارات المرفوعة وتكتب المنشورات بين المتظاهرين، وتنظم المسير ومكان التوقف ومسرح إلقاء الكلمات، وتحمي المظاهرة.
كانت حماية المظاهرة تتم عن طريق جهاز استطلاع حول المظاهرة، وحملة الحجارة على أطرافها.
حاولت يومها المجادلة في عدم ضرورة الحجارة، فكان جواب الناشطين أن الأمن صار يحسب حساباً للهجوم على المتظاهرين، بسبب ماقد يلحق بهم من أذية.
اليوم تطورت الحجارة إلى رصاص، صار الأمن يحسب ألف حساب عند الهجوم على منطقة مشتعلة بالمظاهرات، وأصبح الحراك المدني يأخذ أبعاداً أقوى وأصلب.
ماأودّ قوله:
* بأن ثورتنا سلمية مدنية.
* كلمة نظام لاتليق بمن يحكم سورية فهم عصابة حاكمة.
* عسكرة الثورة مصطلح لايناسب ما يحصل في سورية، فالسلاح بين أيدي البعض هو رد فعل طبيعي لقمع العصابة الحاكمة.
* لابد ان ننتمي لثورتنا اكثر وننخرط كمفكرين ومثقفين وناشطين مدنيين مع من حملو السلاح، لتوضيح الرؤية، وتقنين استخدام السلاح، ووضع استراتيجيات مكتوبة في ذلك، حتى نخرج من مفهوم العصابات المسلحة والعنف إلى مفهوم تنظيم الحراك ومقاومة المعتدين.
* ليس كل سلاح في المجتمع هو عسكرة، فالشرطة في أي دولة تستخدم السلاح، وأي جيش يستخدم السلاح، وأي مجرم لابد أن يعاقب، ونحن في وضع انكماش النظام إلى عصابة معتدية، وعلى فكر الثورة تجاوز الوضع إلى دولة الثورة المدنية الديمقراطية بالتفاعل مع كل مكونات هذه الثورة، وليس بالتنظير عن بعد، ومحاولة المبالغة والتعالي عن شعب قرّر الحرية.

(117)    هل أعجبتك المقالة (117)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي