أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

عن قافلة الحرية إلى سوريا... مؤيد اسكيف*


لم يكن الأمر سهلا .. لكنه ممتعا للغاية .. و منذ بداية المشروع قلت بصوت عالٍ
نحن لا ننحت في الصخر بل في الهواء ولا خيار لنا سوى النجاح ..
منذ أن أعلنت عن تاريخ الذهاب و العودة جماعيا إلى سوريا أدركت بأن التحدي قد بدأ ..
لم أشأ أن أظل كائنا فيسبوكيا .. أو كما يقال : مناضلا عن طريق اللايك و الكومينت و البوست .. كنت أصرخ دوما و أقول : " ثورتنا من لحم و دم .. و حناجر موضوعة في أكياس .. " إذ لا يمكن أن نضغظ لايك على بوست ما و نعتبر أنفسنا من المناصرين للثورة في الوقت الذي صارت فيه حنجرة من لحم و دم للشهيد غياث مطر خارج موضعها الطبيعي و بطريقة وحشية .. صار الدم عاريا .. كذا صارت الحناجر .. كذا صارت الأرواح .. كذا هي الحقيقة .. كذا منبر الثورة .. و لا يمكننا عبر الفيسبوك أن نطال تلك المرتبة .. ذلك الطهر .. ذلك التحدي .. كما لم أشأ أن أظل على وشك القصيدة .. فافتعلها يا صاح .. كما شاء أن يقول المغني ..
قلتُ : أعرف أني " أوهن " من فزاعة للطيور الجائعة في حقل تلعب به الريح .. و أعرف أني أعجز حتى عن مغازلة عينيها و الإمساك بيديها في لحظة حلم تتحول فيه الغيمة لتصير خصر أمرأة .. لننجب بعض الأغنيات .. ولنعلق قمرا في صدر البيت .. كل ما لدي أني أطلب منها أن تعيدني إليّ .. وتعيد لي ما تبقى من القصيدة .. أعرف أن ما سأدعو و ندعو إليه لم و لن يوقف عداد الموت .. لن تعدو عن كونها ظاهرة فيسبوكية كما حدث عشرات المرات مع شباب نفر الدم من شاشاتهم مراراً .. 
و لكنا نجحنا .. نجحنا .. قلنا للعالم انظروا .. هذا النظام لا يريد لقافلة للحرية

مؤلفة من مغتربين سوريين تحمل مواد إغاثية أن تدخل .. كما قلنا لأهلنا في الداخل نحن لسنا فيسبوكيين .. نحن من لحم و دم .. نحن منكم .. نحن معكم ..

تفاعل الكثيرون مع ذلك النداء منهم السبعيني ميخائيل سعد ، المقيم في كندا والذي من حماسته المبدعة استمد فريق العمل الذي تشكل فيما بعد دافعا إضافيا للتغلب على كثير من الصعوبات .
كانت خطتنا واضحة منذ البداية .. جمع كل السيناريوهات الممكنة و حصر كل المشاكل المقترحة و وضع الحلول لها .. الأخذ بعين الاعتبار كل الأفكار السلبية من الأشخاص السلبيين و تجاوزها و التعامل معها بإيجابية .. و التعامل مع مختلف الظروف بنفس إيجابي و محاولة التغلب عليها و الاستعداد الجيد لكل ما يمكن أن يطرأ .. صار لزاما علينا ألا نفاجئ بأي طارئ .. و لكن ما لم يكن في الحسبان أن تقوم بعض قوى المعارضة بعرقلة مسير القافلة و محاولة تشويه مضمونها .. وهذا ما أتحفظ على ذكر تفاصيله لأني شخصيا لست في وارد الأخذ و الرد و الدخول في تفاصيل تم تجاوزها ..
ولكن .. يبدو أن قوى المعارضة السياسية لم تثق بعد بالشباب و طاقاتهم رغم ما قام به هؤلاء الشباب من معجزات دخلت التاريخ من أوسع أبوابه .. كما يبدو أن بعضهم يبدو عاجزا عن ترك مشروع صغير مثل قافلة الحرية يسير دون تشويه و تحميل " بلادتهم " عليه .. و مع ذلك مضينا في طريقنا حتى النهاية و مع كل تقدم نحرزه كان المشككين بنا و بمشروعنا يتراجعون رويدا رويدا .. لم يعد لهم أي اثر ..
في الحقيقة .. لدي رغبة ما بالنظر في عيونهم ... لكن الأمر ليس بتلك الأهمية ..
منذ بداية العمل على مشروع قافلة الحرية صرنا نؤسس لمفهوم العمل الجماعي و بالرغم من انتشارنا كمنظمين في دول عديدة على امتداد الكرة الأرضية إلا أن التواصل كان معقولا و بالرغم من أن البعض ظلّ أسيرا لمفهوم الفيسبوك و العالم الافتراضي و العمل من خلال هذا العالم إلا أن فريق العمل في معظمه كان متفاعلا .. 
كان الإيمان بأهمية هذا المشروع كبيرا جدا .. رغم ذلك لم يكن هناك إقصاء لاي أحد مع ضآلة ما قام به البعض و تفاوت جهده مع الآخرين .. و في جميع الأحوال فإن مبررات حقيقية تجعلنا نتصالح مع بعض المشاكل و بعض القصور في العمل و ما تعلمناه من هذه التجربة التي صارت واقعا تساعدنا على تجاوزه في المشروع المستمر " قافلة الحرية إلى سوريا 2 " .

قافلة الحرية إلى سوريا لم تعد مجرد فكرة .. بل هي مشروعا حقيقيا تفاعل معه المئات من السوريين عبر العالم .. و كما دعونا سابقا فإننا ندعو الآن كل الناشطين و كل أصحاب الأفكار المماثلة أن يتواصلوا معنا لنتشارك معا و ننضم لبعضنا البعض لنكون فريقا واحدا نوحد جهودنا من خلاله للعمل على دعم قضية شعبنا السوري بدون أي تجاذبات سياسية و بدون أي ايدولوجيات يمكن أن تضر بالعمل الجماعي و وحدة الهدف .. 

أعترف و عبر هذا المقال بأني كنت قاسيا نوعا ما .. حازما .. منفعلا .. مندفعا .. معاتبا باستمرار لكل من يقصر في تقديم شيء ما .. و إذ أني أتوجه بالشكر الكبير لكل من تفهم الأمر فإني أعتذر لكل من اعتقد أن الأمر فيه شخصنة .. و أؤكد .. بأن الأمر لا يعدو عن كونه ناتجا عن مخاوف عديدة من الفشل .. هذا ما جعلني " أدفع " البعض للتجاوب أكثر و تقديم الأفضل ..

انطلقت القافلة من مدينة غازي عينتاب التركية في صباح الثاني عشر من الشهر الجاري و كنا نأمل لو تمكنا من تسييرها عبر الأراضي الأردنية أيضا ..
حينما اقتربنا من الحدود السورية التركية كان الأمن التركي بانتظارنا .. منعنا من الاستمرار مبررا ذلك بتواجد أعداد من أنصار النظام و الشبيحة على الحدود و لا يريد أي اعتداء علينا و طلب منا تشكيل فريق من المندوبين لمفاوضة سلطات الحدود السورية .. 
هذا ما تم بالفعل و لكن النظام رفض دخول القافلة بشكل جماعي كما رفض إدخال أي مواد إغاثية علما بأن تلك المواد هي ضمن الأغراض الشخصية للمغتربين السوريين المشاركين في القافلة ..
أعلن المشاركون في القافلة إعتصامهم قرب الحدود و في اليوم التالي أعلنوا إضرابا عن الطعام احتجاجا على منع النظام للقافلة بالدخول و في اليوم الثالث توجه المشاركون في القافلة إلى مخيمات اللاجئين لزيارتهم و تقديم المعونات لهم ..
لقد عانى المشاركون في القافلة من البرد الشديد و الذي يصعب وصفه و لكن عزيمتهم و إيمانهم بعدالة قضيتهم جعلهم يصبرون و يتحملون كل الظروف التي تعرضوا لها ..
لقد كانوا جميعهم يدا واحدا .. مستلهمين ذلك من نضال شعبنا في الداخل ..
قافلة الحرية إلى سوريا " 2 " سوف تكون أكبر و أقوى و أعمق تاثيرا .. و من الآن نجدد الدعوة لكل الجمعيات الحقوقية و مؤسسات المجتمع المدني لتشاركنا مشروعنا في الخامس عشر من آذار القادم .. و نعد مجددا بأننا سوف نقوم " كمنظمين " بتلافي كل الأخطاء التي حصلت .. و هنا لا بد من التوجه بالشكر الكبير لمؤسسة مظلوم دار التركية التي قدمت دعما كبيرا للقافلة و لغيرها من المنظمات الحقوقية في تركيا و غيرها ..
إننا نتعلم من ثورتنا .. نتعلم من دمنا .. نتعلم من شعبنا العظيم .. و نتعلم من أنفسنا ..
شاركونا قافلة الحرية إلى سوريا " 2 " 

صحفي سوري و منسق القافلة *

(104)    هل أعجبتك المقالة (100)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي