في خطاب سابق له بعد حرب تموز2006 على لبنان خرج علينا الأسد نفسه ملقيا خطابا كالخارج للتو من معركة غيره وينفض غبارها عن شعره... لم يتردد ذات الأسد في وصفة "أشباه الرجال"... حقيقة لا أعرف كيف يلتقي العرب كـ"قادة" في قممهم لولا أن المسرب من القمم يوحي بأننا أمام نخبة يمارس بعضها التملق ولعق كل ما يقال بحقهم وحق شعوبهم.
بل إن الأسد نفسه في خطابه "التاريخي"، ومتى لم يكن خطاب كل آل الأسد تاريخيا ومفصليا؟، أخبرنا بقصة جديدة عن قمم هؤلاء ... ما علينا، فإذا كان مندوبه في القاهرة يوسف الأحمد وجه بعض ما تعلمه في المدرسة "القومية الأسدية" من فنون الإستعلاء والشتائم بحق العروبة والعرب وبحضور هؤلاء وأمينهم "العام" الذي تصادف أن كنيته "العربي" ولم يتم إبعاده لوقاحته بل يستمر في الخدمة وكأن "العرب" يقول حالهم: إنها تمطر!
هذا ليس شأن الشعب السوري إذا كان البعض يبتلع الإهانات من تلميذ الديكتاتور وثم يخرج علينا "العربي الأخير.. والقومي العروبي الأوحد" ليهين ذات العروبة التي يتشدق بها...
لماذا كان يُسمح لبشار الأسد، وقد كان عمره في أول قمة شارك فيها نصف عمر أصغر مشارك، أن يخوض في ثقافة التفلسف العربية ويقدم دروسا مملة وسمجة عن حالة العرب وعن "فكر المقاومة" بينما هو بنفسه كان يسحق عبر أجهزة تنفسه القمعية كل من تسول نفسه في بلده أو من حدودها ممارسة ما كان يدعيه ذلك المدعي؟
أسجل هنا عتبا على ثوار مصر الذين يرون ما يجري في عاصمتهم من هذا التلميذ بوقاحة معلمه في دمشق وهم لا يحركون ساكنا، كما هو ذات العتب على ترك نبيل العربي الذي جعلته الثورة وزير خارجية ورائحة تزاوج المال والسلطة مع مافيوزي من وزن رامي مخلوف سارق الشعب السوري تنعكس على سماجة وتأتأة تهين العقل.
وبعد فبشار الأسد سجل في أطول خطاب ديكتاتوري جملة من الأكاذيب المكررة وشتم وبصق بوجوهنا جميعا رغم أن البعض ما زال يقول : إنها تمطر، أليس كذلك؟
هذا العروبي (بشار) يختزل سوريا في ذاته المريضة بنرجسية فارغة المحتوى: لم يفعل العرب لنا شيئا، متى ساعدونا بالأصل؟ ... عدا عن الإكتشاف العبقري عن "المستعربون".. وقبل أن أخوض في الكذبة دعوني، طالما تحملتم 100 دقيقة من فذلكة الأسد، أن أشرح : المستعربون انتشر تعريفهم في الانتفاضة الفلسطينية فهم إسرائيليون يعملون في الأجهزة الصهيونية ولكنهم يتقمصون دور العربي تماما لينقضوا على المقاومين ويغتالوهم أو يقتلوهم ميدانيا بإعدام مقنن سياسيا.. كل الأفعال القذرة في قاموس المستعربين يعرفها الفلسطينيون... ما أدهشني أن البعض من اللغويين العرب وعلى طريقة "إنها تمطر" فسروا ما قاله الديكتاتور بغير مقصده..
لا حاجة لنا، إلا إذا كان بشار الأسد نسي كتاب "التربية القومية" المقرر في المدارس السورية، للتذكير بدور العرب التاريخي في سوريا... ولا حتى في العودة إلى حرب تشرين 73 التي تحدث عنها كانجاز لأبيه وليس لشعب سوريا والعرب من المغرب مرورا بالعراق والكويت.... إنجاز عدم سقوط سعسع والكسوة.... لكن يمكنني كعربي مطلع أن أسأل: كم شيكا دُفع لحافظ الأسد والبعثيين من "العربان" و "أصحاب العُكل" لاعادة إعمار القنيطرة ولم يفعلها حتى رحل الشيخ زايد وهو يحلم بأن ما تم دفعه سيعيد بعض أهالي الجولان إليها؟
منذ معاهدة كامب دافيد... وظهور ما يسمى "الصمود والتصدي" كم دفع وساعد هؤلاء النظام السوري على أساس أنه دولة مواجهة؟
ثم لن نعود كثيرا في التاريخ ،وهذه ليست مهمتي، لنسأل هذا الديكتاتور الكاذب والذي يربي أتباعه على هتاف "لا عرب ولا عربان فلتحيا إيران"... هل التباكي على الغزو الأميركي للعراق يكفي لنسيان موقف حافظ الداعم لدك ايران لمدن نفس العراق وقتل الآلاف من العرب هناك؟ فكيف تستوي "العروبة" مع التحالف مع من يحتقرها ويشتم العرب شعرا وسياسة؟
كان الثوار السوريون قبل فترة بسيطة من الزمن يلومون حكام الخليج على دعم إقتصاد النظام الديكتاتوري ظانين أنه يمكن أن يصلح من أمره شيئا حتى تبين أنه ديكتاتور لا يتحالف إلا مع من يبصق في الصحن الذي أطعمه من أمثال المالكي وتحويل الجلبي كلب ايران المطيع إلى القومي والمقاوم!
إنها الكوميديا السوداء في إعادة سرد تاريخ عربي يبتره كما يحلو للعقل الديكتاتوري المرتجف من مطالبة الشعب السوري بوقف حفلات الدماء المتنقلة بين مدنه وقراه باسم "القضاء على المؤامرة"...
بغض النظر عن موقفي من قطر، ألم يكن أمير قطر قبل قليل من الوقت من "محور الممانعة" وهو يعيد تعمير قرى لبنان المدمرة؟
ماذا عن الكويت؟
هذا الرئيس الكاذب لم يفتح يوما جبهة مباشرة مع إسرائيل ليقول أبواقه تبريرا سخيفا: هل تريدون سوريا أن تحرر الجولان لوحدها؟.... إذا كان هذا هو التفكير فأين ذهبت أموال التسليح التي دفعها العرب للنظام؟ هل لتسمين العصابة الحاكمة؟ وهل يراد من العرب ليثبتوا "عروبتهم" أن يصيروا مثل الأسد في دمويته مع شعبه ويصمتون على مجازر يومية يختار فيها السفاح بعناية عدد الذين وجب قتلهم يوميا لينهي وهما ثورة تلفظه؟
كم من فرصة منح "المستعربون" نظام الأسد؟
يبدو لي أنهم منحوه كل الفرص وهم يرددون: إنها تمطر!
بلعوا الإهانات كلها باسم تهديدهم بحالة إرهابية تصل اليهم... نسي كم سوريا غادر بلاده نحو بلاد المستعربون هؤلاء بفعل بؤس السياسة وغياب العدالة الاجتماعية في بلدهم... ثم في النهاية صار هؤلاء المواطنون أيضا يجري استفتاء على وطنيتهم... يا للمهزلة من أجل بقاء حكم عصابة عائلة لا يهمها سوى إدارة بلد كإدارة مزرعة أو عزبة مورثة ومنهوبة...
إذا كان الأسد يعتبر أن المطر والزيتون من إنجازات بعثه ومن شطارة حكمه، فلا عجب أن يصير العلماني متدينا ليستشهد بالقرآن على طريقة مشايخه استدرارا للعطف من أجل تأجيل النهاية المحتومة...
هذا الرئيس الكذاب تحدث كثيرا بأكاذيب وأضاليل لا تمت سوى لممارساته وممارسات عصاباته المنتشرة في القرى والمدارس المتحولة إلى ثكنات ومعتقلات... رئيس يكذب عن الأخلاق وهو يتهم الثوار بما تقوم به شبيحته المسلحة والتي يهدد بتسليح بقيتها... يستهزأ بالعقل ويقول إنها "الحرب على الشعب" وهو المرعوب من شعبه... الشعب الذي خرج وهو يعرف كم التضحيات... لكنه لم يكن يعرف أن الخسة يمكن أن تصل بسفاح مكشوف ومفضوح إلى هذا الحد بالإصرار على "المؤامرة" ومستندا على شعوبيين في المنطقة تبين لنا أنهم أكثر خسة من معلمهم في دمشق...
على كل الأحوال، حتى لو بقيت الأنظمة العربية تبلع كل الإهانات وتصيح : إنها تمطر، أليس كذلك؟ فأنا على يقين أن خطاب الرئيس الكاذب كان مفصليا في تراكم الوعي السوري في الطلب من السفاح: إرحل!
يعبر ثوار الصنمين في درعا عن كل الحكاية السورية: جايينك!
ولن ينفع عندها لا ما قاله عبد الناصر عن سوريا وليس عن البعث الذي فضحه عبد الناصر نفسه... ولا هي سورية منتهية بسقوط سفاح من تاريخها... ولا العروبة ساقطة بسقوط ديكتاتور امتهن الكذب والتملق... ولن تفيد هذا السفاح كل خزعبلات البوطي ويوسف شاكير ومايك فغالي ودريد لحام... هؤلاء جميعا، ومعهم رهط " لا عرب ولا عربان فلتحيا إيران" يمكنهم أن يعبدوا بشار إن شاءوا... لكنهم لا يستطيعون بسفالتهم أن يجبروا أحدا على عبادة شخص منتهية حكايته منذ أن بدأت بقهقهة أولى وأخيرة في مقابلة بابرا والترز... المفبركة!
أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية