أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

عــهــر الأيديولوجيا ... كريم الدين فاضل فطوم


في أوقات سكينة الفكر السياسي تنام الأيديولوجيا الأولى على سرير التفاصيل وتستيقظ على أسلوب المداهنة والتملق والدجل لتسير في أزقة وحارات الفقراء طالبي رغيف الخبز من جهة ورضاء أجهزة المخابرات من جهة ثانية , لتتعثر أيديولوجيتنا في حضنها الأمل في أول الخطى ,عندها لا تجد سبيلاً سوى اختصار التاريخ وحرق وتدمير مراحله علها تصل لعيون الجياع قبل أفواههم لتحصل ولوعلى غمزة أمل في السير بدون تعثر من جديد.
وأما تلك الأيديولوجيا الثانية التي لا تنام إلا على أرائك الذهب والمال والبارود أقسمت الا تنام ما دامت هناك ينابيع للثروة بعيدةً عن متناولها , وهي مشيئة حبها لرأس المال والتملك , لذا تراها سائرة بدون توقف في المدن والقرى والممالك والأمصار .
وأما أيديولوجيتنا الثالثة التي انسلت داخل العقول الضعيفة واستقرت ضمن الكتل البشرية لترعبها من الحساب والعقاب ووهم النار والجلد والحرق إن تمردت على قدرها في عبوديته وعدالته بذات الوقت , هذه تنام دهراً وتستيقظ أيام , وتراها تكبو في غفلة عن رغيف الخبز وإن استيقظت تلوح بالثأر والانتقام لمن قتل منذ اّلاف السنين .
عندما استيقظ الشعب وانتفض على السلطة وعلى الأيديولوجيا سواء , يطالب بالحرية والكرامة واحترام الإنسان , لتحقيق دولة القانون والمواطنة والمؤسسات وكفر بالخوف ومزق الخنوع والذل ,وطيلة الأشهر التسعة من عمر الشعب وثورته العفوية السلمية لم ينحاز لأيديولوجيا بل كفر بها وبالقياس بالمسطرة المتعفنة التي نادت بها وبعدالة الديكتاتوريات من فكر وأحزاب وتجمعات مهترئة وبالية وهرمة , وأصبحت عاجزة عن فهم التاريخ ومواكبة يقظة الشعب وقيمه المنسية المهانة والتي غيبتها الأنظمة الاأخلاقية والأيديولوجيات الصماء التي لا تسمع ولا ترى إلا ذاتها. وإدراكاً منها بسبق الشعب لها تحاول بكل وسائلها الدفاع عن بقائها كما تحاول السلطات (الأنظمة) المستحيل للسيطرة بوجهها الدموي قمع الشعب وثورته , غير اّبهة بالتاريخ وانتصار الشعوب وأن ثورة الشعب كالماء بالضرورة تجد المنفذ للانتصار وخلق أيديولوجيا مواكبة لصيرورتها وأحلامها وأهدافها في الحياة الحرة التي ترفع الإنسان من الضعف والقهر إلى القوة والطمأنينة وبناء الدولة التي يتساوى فيها البشر بكل أطيافهم وألوانهم ويكون القانون السيد والحكم وتحترم فيها كل الاّراء والمعتقدات بناءً على الحقوق والواجبات المنصوصة بدستور عصري مدني شفاف تستقل من خلاله السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ويضمن حرية الإعلام وتداول السلطة السلمي والتعريف بواجبات الجيش الوطني وقوى الأمن الداخلي .
هكذا تبنى الدول وتنشأ حضارتها وهكذا تظهر إنسانية الإنسان وأخلاقياته وقيمه وليس بالحديد والنار وثقافة القتل والإقصاء .
على المنتحلين للسياسة والأيديولوجيا أن يفهموا رسالة الشعب قبل الحكام وأن لا ينشروا الغسيل الوسخ والمتعفن غلى شاشات الفضائيات .....؟


(109)    هل أعجبتك المقالة (99)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي