..... نشرت جريدة القدس بتاريخ 5/1/2012 مقالة للأخ أبو العلاء قريع عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية(رئيس دائرة شؤون القدس في منظمة التحرير) بعنوان القدس في خطر:- إنها لحظة القدس ....علينا الإمساك بها سريعاً.
في هذه المقالة شخص الأخ أبو العلاء قريع بشكل دقيق وأصاب كبد الحقيقة واقع المدينة وهمومه ومشاكلها والمخاطر المحدقة بها،وعملية التشخيص تلك لا نختلف عليها،فتلك الخلاصات التي وصل إليها الأخ أبو العلاء وصلنا إليها جميعاً، حيث الواقع المأساوي الذي تعيشه مدينة القدس،وما تقوم به إسرائيل من عمليات تطهير عرقي بحق سكانها العرب الفلسطينيين،أوصلت الأمور الى حد الضياع الكلي للمدينة وفقدان الأمل بإنقاذها لا بالاعتماد على المقدسيين أنفسهم ولوحدهم،والذين لم يترك لهم الاحتلال أي فرصة للانتقال من حالة الدفاع الى الهجوم دفاعاً عن أرضهم ووجودهم وقدسهم،ولا بالاعتماد لا على السلطة ولا على الأحزاب الفلسطينية فالأولى مكبلة بقيود فرضتها هي على نفسها في اتفاقيات أوسلو،وقبلت بها،ترك مصير القدس للحل النهائي،وها هي ملامح الحل تفرض إسرائيل وقائعه على الأرض بجرافاتها ومستوطنيها ومستوطناتها،وحتى تلك الاتفاقيات المجحفة لم يحترمها الاحتلال،بل داسها ودمرها ومزقها شر تمزيق،وما زالت السلطة ممسكة وتتغنى بها !!،والأحزاب أصاب دورها وحضورها وفعلها "البهوت" والضعف والتراجع،والعرب والمسلمين لن يكونوا كاثوليكاً أكثر من البابا نفسه،فدعمهم للمدينة وأهلها،لا يتعدى في أكثر الأحيان المناصرة والدعم السياسي والإعلامي والخطابي والشعاراتي،وبيانات الشجب والاستنكار والتي مكانها الأرشيف والأدراج ليعلوها الغبار،وملاليم لا تنقذ لا مدينة ولا أرضا ولا بيوتا ولا بشرا ولا حتى شجراً.
وأبو العلاء وهو في أعلى سلطة فلسطينية مسؤولة عن مدينة القدس،والتي لا أريد أن أتجنى وأقول بأنه هو وزملاءه من هذه اللجنة التنفيذية،من يتحملون المسؤولية المباشرة عما آل إليه وضع القدس وما وصلت اليه الأمور من خطر جدي يحدق بالمقدسيين ووجودهم في المدينة،ونعم يا سيد ابو علاء قريع انتم في القيادة الفلسطينية وفي اللجنة لتنفيذية أول من تاهت فيهم الرؤية،وتآكل الحس بالمسؤولية عندهم،وأنتم بفرماناتكم وتعدد مصادر قراراتكم ومرجعياتكم وعناوينكم في المدينة الرسمية والشعبية منها،من دفع المقدسيين الى أعلى درجات الاحباط واليأس والتوهان والتخبط،حتى صار المقدسي يشعر بالاغتراب في مدينته،ولا يعرف لمن يلجأ أو يشكو همه ومشاكله،مرجعيات متعددة تتصارع وتتنازع،وتدعي الأبوة والمسؤولية عن المدينة،وحجم الفعل على الأرض أعلى من الصفر بقليل حتى لا نجافي الحقيقة،فعدد الهويات التي صودرت حتى اللحظة الراهنة منذ بداية الاحتلال تجاوز 14000 هوية،والاستيطان طال كل حارة وزقة وشوارع في القدس،وأكثر من 87000 ألف فلسطيني مقدسي يتهددهم خطر الطرد والترحيل وأكثر من 2000 منزل جرى هدمها منذ بداية الاحتلال،وألآف ينتظرها الهدم،والضرائب لا حصر ولا شكل لها،وصحيح ما تقوله بأننا ما زلنا نجتر نقاش وجدل بيزنطي حول جنس الملائكة،بعيداً عن المخاطر الداهمة،ونتلهى عن المخاطر التي تهدد المدينة المقدسة بفرك اليدين تارة،وبتكرار التعويذ تارة،لعل الأخطار المحدقة بنا تذهب هكذا من تلقاء نفسها في اللحظة الأخيرة.
واذا كانت اللجنة التنفيذية قد صحت مؤخراً من سباتها العميق ووعت للإخطار المحدقة بالمدينة،وأصدرت مرسوما أو اتخذت قرارات بتوحيد كل المرجعيات المقدسية في جلستها المنعقدة في 31/12/2011 في إطار مسؤولية الأخ ابو العلاء قريع،باعتباره مسؤول دائرة شؤون القدس في اللجنة التنفيذية،فهل هذا القرار سيجد له ترجمة عملية على الأرض؟،أم على غرار مقالة الأخ ابو العلاء اللهم اشهد فإني قد بلغت،فنحن في القدس تعودنا على"سمع الطحن ولكننا لا نرى طحيننا" فسابقاً صدرت مراسيم وفرمانات وأقيمت هيئات ولجان جزء منها رأى النور وآخر اندثر في مهده،والقائم منها يتلهى بعمل الأبحاث والدراسات والندوات خارج حدود فعل المدينة ووجودها،واذا كانت اللجنة التنفيذية التي أصدرت هذا القرار وبحضور رئيسها،غير قادرة على التنفيذ،أو مجرد ان يكون هذا القرار فقاعة إعلامية،فعلى اللجنة التنفيذية أن تعلن عن حل نفسها،أو ليستقيل احتجاجاً من وافق على القرار ولم يجري تنفيذه أو الالتزام به،فقضية المرجعيات في القدس من خلال قناة واحدة،يجب ان تترجم الى أفعال،وليبق الكل زعيما وقائداً في مملكته وامبراطوريته،وليكن مسؤولاً عن جزء من العمل الخاص به، ولكن عبر هيئة موحدة وبرأس واحد،ودون قنوات خلفية لهذا الإمبراطور أو ذالك،فوضع المدينة لا يحتمل،وعلى اللجنة التنفيذية أن تكون على قدر المسؤولية،فكل من هو مفرغ أو متفرغ على المدينة،يجب أن يكون حاضراً في الميدان،في كل الفعاليات والمناشطات التي تجري في المدينة،أما من يتلقى راتباً تحت هذا المسمى،بدون ان يقدم أي عمل أو خدمة تذكر،فيصار إلى فصلة والاستغناء عنه فوراً.
واذا كان الاحتلال يعلن القدس عاصمة ليس فقط لدولته،يل لكل يهود العالم،فلماذا لا يصار الى ترجمة دعوة ونداء الأخ أبو العلاء،بإعلان القدس عاصمة لكل العرب والمسلمين،وليتحمل الجميع مسؤولياته،والمسألة هنا يجب أن لا تكون في الإطار الإعلامي والدعاوي فقط،بل من خلال الفعل والممارسة على الأرض،واذا كانت بعض الوجوه أو الرموز لم تعد مقبولة على العرب والمسلمين،وفاقدين الثقة بها من حيث الدعم،فعلينا أن نعمل على أن نستعيد الثقة بالعرب والمسلمين رسمياً وشعبياً،من خلال قيادات ورموز مشهود لها بنظافة اليد والموقف ونقاء الضمير.
على المقدسيين أن لا ينتظروا إقامة صندوق عربي أو إسلامي للمدينة،عبر فرض دولاراً واحد سنوياً على كل مسلم دعماً للمدينة وأهلها في الصمود والبقاء،بل أرى أن واجب هيئة العمل الأهلي- الوطني ومعها كل أطر ومؤسسات ولجان وائتلافات العمل الأهلي،أن تبادر الى إقامة صندوق شعبي مقدسي،من أهل القدس أنفسهم،يتعاطى مع قضاياهم واحتياجاتهم الطارئة والملحة،فمثل هذا الصندوق يساهم في حل جزء من هموم المقدسيين ومشاكلهم اليومية الناتجة عن سياسات وإجراءات الاحتلال القمعية.
فأهلنا وشعبنا في القدس يدركون جيداً،بأنه ما حك جلدك غير ظفرك،والوضع وصل في المدينة من حيث الخطورة الى ما بعد الضوء الأحمر،وبكلام أبو العلاء ولغته "فإن القدس التي أفردنا لها أبلغ الكلام،وأهرقنا في سبيلها حبراً غزيراً،واحتفظنا بها في خزائن الذاكرة طويلاً،تدخل الآن في مرحلة الخطر الأكيد،تكاد تطمس فيها صفة القدس العربية الإسلامية المسحية المعروفة،تستباح جهاراً نهاراً على قارعة رصيف يمر عليه أشقاء لا يأبهون وأبناء عمومة لاهون،وجمع غفير من العشاق السابقون،كل يشح ببصر،ويضع سبابتيه في أذنيه،في مشهد لا يصدقه عاقل ولا مجنون.
القدس- فلسطين
9/1/2012
0524533879
[email protected]
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية