الحرية شمس يجب أن تشرق في كل نفس، فمن عاش محروماً منها عاش في ظلمة حالكة، يتصل أولها بظلمة الرحم، وآخرها بظلمة القبر... " مصطفى لطفي المنفلوطي ".
أكثر من عشرة آلاف شهيد ، ومئات الآلاف من المعتقلين ،والمهجرين ، والنازحين ، والمفقودين ، والكثير الكثير ممن أصبحوا من ذوي الاحتياجات الخاصة دفعوا ثمن الحرية المنشودة .
لنسأل النظام وأزلامه : ما هو الثمن الواجب أن يدفعه المواطن السوري لينال حريته المصادرة ، ويعيش في وطنه بعقد اجتماعي الكل فيه شركاء ؟ ، و ما دفعه هذا الصابر إلى الآن من دمه ألا يكفي لتحرير كل الشعوب المستعمرة والمستعبدة في العالم ؟؟.
السؤال الثاني : هو لمن يرى بعين عمشاء والأخرى عوراء، وينافح ،وينافق للنظام ،ولا يبرح مكانه حتى يلفق التهم ،ويردد كالببغاء ابتداء من المؤامرة الكونية ،وانتهاء بالمؤامرة الأمريكية ، والبندرية ،والقطرية ،والاردغانية على قول محبكجيتهم ،وإعلامهم المسيلمي الكذاب ، والكل يعلم أن هؤلاء المتآمرون عليهم هم كانوا حلفاء وأخلاء وأحباب قبل الثورة ،ومن باب الأنصاف وعدم بخسهم أشياءهم نقول لهم : نعم إنها مؤامرة كبيرة جداً لكنها منسوجة بخيوط نظام الأسد القاتل ،وبمخيط بعض حكام العرب على هذا الشعب الصابر على مساحة رقعته الجغرافية الكاملة ، ودليلنا في القول هو إعطاء المهل والتحايل على العالم لكسب مزيداً من الوقت تحت مسميات تخديرية ، ومنها لجنة المراقبة العربية التي يحتاج فريقها إلى حماية دولية ليستطيع أن يقوم بمهمته بمهنية وصدقية بعيداً عن نظرية التآمر ، ولكوننا لدغنا من ذاك الجحر أكثر من مرة فإننا نسيء الظن ، وما إساءة الظن في هذا النظام وهاماناته إلا من أحسن الفطن ،وهذا ما ستثبته وقائع الأيام .
ثم بعد ذلك ألم يئن لأشياع وجوقة النظام ـ والأخير الذي قد لا تتسع حافلته التي سيستقلها هارباً في ليل حالك الظلمة تاركهم خلفه ـ إن استطاع ـ يواجهون مصيرهم بأنفسهم ، ويقول لهم كما قال الشيطان للإنسان { كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ }الحشر16 ـ أن يستيقظوا من ثباتهم ويقولوا كلمة حق ، ويشرعوا الأبواب للطارق ، وليقفزوا من السفينة قبل غرقها ، أم أن على قلوبهم أكنة ؟.
أليس بهذه المواقف الانهزامية والالتوائية ، وتقديس الشخصية الحاكمة والسجود لها ،والقتل على الهوية يريدون جيلاً مصنعاً وفق المواصفات المطابقة الأسدية ، وبضاعة رائجة لديهم مطلوبة للاستهلاك الآن ؟، ومن ثم يعيدون إنتاج أنفسهم من جديد في معامل أشباه الرجال ليكونوا عبيداً في صفاتهم ومهرجين لسلطانهم ،ومطبلين ومزمرين لهزائمهم ، ومتصحرين في ثقافتهم وفكرهم ،ومدافعين ومنافحين له بغبائهم ،ومجردين من إنسانيتهم وقيمهم ،وأقزام أمام أسيادهم ،و مسلوبي الكرامة والحرية التي منحها الخالق لهم أم سلطانهم .
يريدون أن يترعرع هذا النشء على الكذب والنفاق من خلال تدجينه وتخنيثه وتشويه عقيدته إلى العقيدة التي ينتهجونها بتقية ، وذلك وفق مخطط مدروس وتنفيذا لأوامر أسيادهم مع أنهم يعلمون أنه قد انتهى عصر الديكتاتورية ، وهذا عصر الشعوب والحرية والانعتاق من الذل والعبودية ؟؟.
بالرغم من كشف سوءة النظام وأزلامه ، ومن خلال سقوط ورقة التوت أمام العالم إلا أنهم لا يزالون وبكل قوة آلتهم القمعية ،وبطش يدهم الإجرامية من الأعمال التفجيرية التي يسقطونها على الجماعات الاسلامية لإيهام السذج هم الضحية يختزلون الأمة في رجل ، ويحولون الهزائم إلى انتصارات ، ولا يخجلون من الله ومن عباده .
فهل كتب علينا أن نعيش نحن وأولادنا و أحفادنا والأجيال القادمة الرق والعبودية ،ومن فكّر أن يقول كلمة حرية يهدر دمه وتستباح حرماته و يقتل لأنه كفر بشعار " الله سورية بشار وبس " !!.
كيف يختزل الخرّاصون سورية الكبرى في شخص ، وكأن النساء عقمت أرحامها ، والرجال جف ماء أصلابها ، والكل يعلم كيف تربع على هرمها ، وأصبحت ملكاً طابياً ، وحلاً طائفياً ، ومرتعاً صفوياً مرتبطاً بهم من خلال شعاراتهم " سورية الأسد "و" محل ما بدوس منركع ومنبوس " و " سيد البلاد " ، ولا سيد للبلاد إلا رب العباد .
هؤلاء الأقزام عبيداً في نفوسهم لأنهم ارتضوا أن يكونوا كذلك ، وكأننا عدنا إلى عصر الإقطاع إلى السيد والعبد كيف يقبل النظام لنفسه هذا الكلام ؟، إلا إذا كانت هذه عقيدته وهنا يكون مربط الفرس ، وجوهر القول .
بهذا النمط من الشعارات وكثير من الأبواق الذين لا ماء في وجوههم ، والله إنهم يسيئون للنظام من حيث لا يدرون ، وهذه من إحدى المفارقات ، ومنهم قول المنافق الأفاك ما يسمى الدكتور "علي الشعيبي "وهو يقسم بأغلظ الأيمان أنه التقى مع 22 مليون مواطن سوري وجها لوجه ،وخلص بالنتيجة بأن ولا واحد ممن التقى بهم لا يحب سيده بشار الأسد !!؟؟.
ما هذه الدونية والانحطاط الأخلاقي وللأسف الغالبية منهم يحملون الشهادات العلمية الأكاديمية ؟؟ ألا يخجلون من الله ومن أنفسهم وأولادهم وممن يعرفونهم ؟؟ .
إن هذه الثورة المباركة في سورية هي ثورة الحرية وثورة الكرامة لا ثورة خبز ومواد تموينية معيشية يومية يغدق النظام على شبيحته بها ، فلا يوجد إنسان كريم يقبل أن يكون عبدا لغيره وقد خلقه الله حرا !!.
نقول إلى كل الأنظمة الديكتاتورية الحاكمة في العالم التي تواجه ثورات التحرر والتحرير من شعوبها .. السلطة المطلقة مفسدة مطلقة ، والسلطة عندما تنفصل عن الحق والعدل والشرعية وإرادة الشعوب تتحول إلى عصابة ويتحول أربابها إلى قطاع طرق ولصوص ، وليس مما يشرف أي نظام حكم ولو امتلك كل أسباب القوة أن يسحق شعبه ،وأن يرتكب الجرائم الفظيعة من قتل للنساء والأطفال والشباب والشيوخ والبهائم وتجويع وتعطيل وسرقة قوت الناس ويستعبدهم هذا ليس مما يشرف أي نظام حكم أن يحكم تحت اسم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان .
النظام الذي يربح معركته على شعبه بهذه الوسائل القمعية والمراوغة الثعلبية يحكم على نفسه بالإعدام عند الفجر.
قال تعالى : " وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ " والعاقل من يتعظ بغيره ، فقد كان في يوم من الأيام على نفس الكرسي يجلس ،وفي نفس القصر يسكن قائد وحاكم عندما قالها بشجاعة الرجال دون استثار بالسلطة مغلبا مصلحة الوطن على المصلحة الشخصية أو العائلية السيد الرئيس أديب الشيشكلي في 25 - 2 – 1954
بقوله : "رغبة مني في تجنب سفك دماء الشعب الذي أحب ، والجيش الذي ضحيت بكل غال لأجله ، والأمة العربية التي حاولت خدمتها بإخلاص وصدق ، أتقدم باستقالتي من رئاسة الجمهورية إلى الشعب السوري المحبوب الذي انتخبني والذي أولاني ثقته آملا أن تخدم مبادرتي هذه قضية وطني ، وأبتهل إلى الله أن يحفظه من كل سوء ، وأن يوحده و يزيده منعة وأن يسير به إلى قمة المجد".
من هذا المقام ومن خلال هذا المقال نقول لرجال الأمن والقوات المسلحة والشبيحة : في وجه من ترفعون بنادقكم ، وعلى صدور من تطلقون رصاصكم ؟؟ نحن إخوتكم وأهلكم وعزوتكم ،وما تفعلونه لا تفعله الحيوانات مع بني جنسها ،كيف يهون عليكم ارتكاب جرائم ضد إنسانية الإنسان ، ولا تبالون بعقاب دنيوي وأخروي ؟.
ما نراه من أفعالكم الدنيئة يحمر وجه إبليس خجلاً عن فعلتها وخستها ومنها مشهد ذاك الجندي ـ وما أكثرها ـ من حماة بشار الذي يسامر رفيق سلاحه ويقول له " بدن حرية ، أعطيهم حرية " ويمطرون رصاص الموت ليحصد الأرواح ، ويسخن في الجراح ، وكل شيء عندهم مباح .
كيف تسول لك نفسك يا بن وطني أن تقتل إنساناً بريئاً خرج يتظاهر ويطالب بالحرية له و لك بشكل سلمي وبيده غصن الزيتون تقتله لعمري هذا حرام حرام ، وإجرام فمن أيّ صلصال خلقت ؟؟، و أيّ نفس شريرة تسكن بين جنبيك ؟؟.
أخيرا .. ًلا بد من يقظة دينية وأخلاقية وإنسانية وذلك من خلال رجال الفكر و الدين العالمين العاملين اللذين هم ملح البلد أن يقفوا في خندق المدافع عن الأنفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً }النساء93، وهم يعلمون أنه من أكبر الكبائر بعد الشرك هو القتل ، فكيف إذا كان مؤمناً تستباح حرمته ،ويقتل وهو بريء .. أين المروءة والشهامة ونعلم أن هناك أناس يضحون بأنفسهم دفاعا عن الضعفاء وقضاياهم ومساعدة المنكوبين ؟.
أما أن نقتل أبناء جلدتنا برصاص دفعنا ثمنه من جوع وعري وبؤس لأنهم يقولون حرية ؟؟؟ .. الله أكبر على الظالمين .
اللهم اجعل لسورية فرجا لكربتها ، ومخرجا لازمتها لتنال حريتها .. آمين يا رب المستضعفين .
الأثاربي
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية