أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الظلم والعدل في المفهوم الليبرالي ... سلطان الرفاعي

 

نحن نعتبر في الغالب ،حرمان المرء من حريته الشخصية أو ملكيته الخاصة ظلما،وكذلك حرمانه من أي شيء آخر ينتمي اليه بحكم القانون.ومن ثم هنا نجد مثالا لتطبيق لفظة =عادل= وظالم=بمعنى محدد تماما ،ويعني ان من العدل ان نحترم الحقوق القانونية لأي انسان ومن الظلم ان ننتهكها .غير ان هذا الحكم يسمح لمجموعة من الاستثناءات التي تنشأ من الصور الاخرى التي تتمثل فيها فكرتا العدالة والظلم ،فمثلا الشخص الذي يعاني من الحرمان ربما كان قد صودرت حقوقه تلك التي حُُرم منها .

ربما كانت الحقوق المشروعة التي حرم منها هي من نوع الحقوق التي ما كان ينبغي ان تنتمي اليه،او لا يجوز له ان يتمتع بها ،وبعبارة اخرى،ربما كان القانون الذي منحه هذه الحقوق قانونا سيئا ،وعندما يحدث ذلك،أو عندما نفترض انه حدث .فسوف تختلف الآراء حول مدى ظلم او عدالة انتهاك هذا القانون.سوف يؤكد البعض انه ليس ثمة قانون ،مهما يكن سيئا ،يجوز للمواطن عصيانه ،وان معارضة القانون بأية صورة من الصور ينبغي ان تتخذ بشكل السعي عند السلطات لتعديله .ويرتكز،هذا البعض،في دفاعهم عن هذا الرأي على اساس مستمد من المنفعة،وبصفة خاصة على اهميتها بالنسبة لمصلحة البشرية ،بصفة عامة،في المحافظة على عدم انتهاك المشاعر التي تخضع للقانون.غير أن البعض الآخر يأخذ بوجهة نظر مضادة تماما،ويعني بأنه يمكن عصيان أي قانون نتبين انه سيئ ،حتى اذا لم نتبين انه ظالم ،بل فقط انه ناقص.في حين ان هناك فريقا ثالثا لا يجيز العصيان الا للقوانين الظالمة فقط.ولكن البعض يعتقد من ناحية اخرى ان جميع القوانين التي ليست نافعة او غير مفيدة هي قوانين ظالمة .
لأن كل قانون يفرض قيدا ما على الحرية الطبيعية للانسان.وهذا القيد ظلم الا اذا ادى الى منفعة،ويبدو وسط هذا التنوع الكبير من الآراء ،أن هناك اجماعا على ان هناك قوانين ظالمة ،وان القانون ،بالتالي ،ليس هو المعيار النهائي للعدالة ،فهو يمكن ان يقدم لشخص منفعة،ويلحق بشخص آخر ضررا وهكذا تدان العدالة .
لكن متى شعرنا ان قانونا ما ظالم ،فان صورة هذا الظلم هي نفسها صورة الظلم الناجمة عن انتهاك القانون ،ويعني الناجمة عن انتهاك حق شخص ما .ولما كان لا يمكن ان نقول عنه انه حل قانوني فسوف ندعوه الحق الاخلاقي .ومن ثم فاننا نستطيع ان نقول ان هناك حالة ثانية من الظلم تتكون من سلب ،او حرمان،شخص ما من شيء يكون له فيه حق اخلاقي.
2
هناك تسليم عام بأن صفة العدل تلحق بأي فعل عندما يحصل الفرد على ما يستحقه=خيرا ام شرا= ،كما تنسب صفة الظلم لأي فعل عندما ينال المرء خيرا او يعاني شرا ،لا يستحقه،وربما كانت تلك ابرز وأوضح صورة للعدالة يعترف بها العقل العام .وفكرة الاستحقاق تثير السؤال التالي:مالذي يشكل الاستحقاق؟؟.
بصورة عامة ان الفرد يستحق الخير اذا سلك سلوكا صوابا،ويستحق الشر اذا سلك سلوكا باطلا.وبمعنى اكثر تحديدا:أنه يستحق الخير من اولئك الذين سلك نحوهم سلوكا خيرا ،ويستحق الشر من أولئك الذين سلك نحوهم سلوكا شريرا .ولم ينظر ابدا الى مقابلة الشر بالخير بوصفها حالة تحقق شروط العدالة ،بل بوصفها حالة تعفى منها متطلبات العدالة بناء على اعتبارات اخرى.
3
اننا نعترف بان النكث بالوعد مع اي انسان ظلم،أو انتهاك لاتفاق ما سواء بطريقة صريحة او ضمنية ،انه توقع محبط اثرناه بسلوكنا ،على الاقل اذا ما كنا قد اثرنا هذه التوقعات عامدين وعن علم ودراية .وهذه الحالة كغيرها من التزامات العدالة ،لا ينظر اليها على انها حالة مطلقة بل التزام يمكن تجاوزه بالتزام آخر من الجانب الآخر .أو عن طريق ذلك السلوك من جانب الشخص المعين الذي يجعلنا نتحلل من التزامنا نحوه،وبالتالي فان سلوكه يبرر حرمانه من الفائدة التي يتوقعها.
4
هناك تسليم بأن مما يناقض العدالة ،ان تكون متحيزا،أي ان تحابي شخص او تفضل شخصا على آخر في امور لا يجوز فيها التفضيل او المحاباة ،غير انه لا يبدو التحيز =او عدم التحيز=ينظر اليه على انه واجب في ذاته ،وإنما بالاحرى كأداة لواجب آخر ،لأننا نسلم ان المحاباة والتفضيل ليست دائما سلوكا جديرا باللوم ،بل الواقع ان الحالات التي يدان فيها هذا السلوك هي الاستثناء وليست القاعدة.فنحن،نلوم الشخص ،بدلا من ان نمدحه،الذي لا يفضل عائلته او اقاربه او اصدقاءه في توزيع المناصب الممتازة ،ويجعل الغرباء يشغلونها ،عندما يكون في استطاعته ان يفعل ذلك دون ان ينتهك اي واجب آخر.
ولا احد يظن انه من الظلم ان نفضل شخصا معينا على آخر لأنه صديق أو قريب ،أورفيق.ان النزاهة في الامور المتعلقة بالحقوق هي الزامية.لكن ذلك متضمن في التزام عام اوسع هو ان تمنح كل انسان حقه.

 

بونجور شام
(121)    هل أعجبتك المقالة (117)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي