أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

معثرة المسيحية عبر التاريخ : الصليب ... لين ميرو

يتجلى الله في حياتنا ، لأنه (يعاني ) ، ولأننا نعاني ؛ ولأنه يعاني يطلب حباً، ولأننا نعاني يمنحنا حبه ، ويغطي ألمنا بالألم الأبدي واللامتناهي . تلك كانت معثرة المسيحية عند اليهود والهلينيين وعند الفريسسن والرواقيين سابقاً وعند المسلمين اليوم  هذه هي معثرتها ، معثرة الصليب وما تزال كذلك ، وستظل .
وما تزال بين المسيحيين معثرة اله يعاني ويموت . هذه الحقيقة ، حقيقة أن الله يعاني ، حقيقة يقف إزاءها كثير من البشر مذعورين . هي الكشف عن أحشاء الكون ذاتها وعن سره ، حقيقة تجلت لنا لما أرسل ابنه الذي سيخلصنا وهو يعاني ويموت . إنها تجلي الإلهي في الألم ، لأن الإلهي وحده من يعاني .
وقد جعل البشر المسيح الهاً قاسى الألم ، واكتشفوا به الماهية الأبدية لإله حي ، أي، أنه يتألم - إذ وحده الميت واللا أنساني لا يتألم - وأنه يحب وعنده ظمأ للحب والشفقة وأنه شخص .
من لا يعرف الأبن فلن يعرف الآب أبداً .
الآب لا يُعرف إلا بالابن .
ومن لا يعرف ابن الانسان الذي عانى كرب الدم وتمزق القلب ، الذي عاش بنفس حزينة بمواجهة الموت ، والذي عانى الألم ، الذي مات وقام ، فلن يعرف الآب ، ولن يعرف الله الذي (عانى) . ومن لا يُعان ، لا يُعان لأنه لا يحيا ، إنه هذا الكائن الحقيقي المتجمد ، هو المحرك الأول ، هو هذا الكيان المحايد ، ولأنه محايد فهو ليس غير محض فكرة. والمقولة لا تعاني لأنها ليست حية ولا موجودة كشخص . وكيف إذاً يسير العالم ويحيا انطلاقاً من فكرة محايدة ؟ وهذا العالم لن يكون غير فكرة العالم ذاته . لكن العالم يعاني ، والشعور هو الإحساس بجسد الواقع ، هو أن تحس الروح بأن له شكلاً وحجماً ، هو أن يلمس ذاته إنه الواقع المباشر .
الألم هو جوهر الحياة وجذر الشخصية ، وبالمعاناة فقط يكون شخصاً ، إنه عالمي . والألم هو ما يربطنا بالكائنات كلها ، إنه الدم العالمي  أو الإلهي الذي يجري فينا جميعاً . وهذا الذي نسميه ارادة ، أي شيء هو غير ألم ؟
الألم يقول لنا إن الله الذي تألم وصُلب  موجود (ويعاني) .
الألم يقول لنا إننا موجودين  .
الألم  يقول لنا إن العالم الذي نعيش فيه موجود .
الألم يقول لنا إن الله موجود ( ويعاني) ، لكنه ألم الهم ، هم البقاء بعد الموت ، هم أن نكون مخلدين : الهم يكشف لنا على الله المصلوب ويجعلنا نحبه .
 
ربما بدت للبعض مسألة معاناة الله : تجديفاً ، لأن المعاناة تستلزم تحديداً . لكن الله ، أو وعي العالم مع ذلك ، محدود بالمادة التي يقوم فيها ، محدود باللاوعي الذي يحاول التحرر منه وتحريرنا . ونحن بدورنا ، ينبغي لنا أن نحاول تحريره منه . الله يعاني في الناس جميعا وفي كل فرد منا : في وعي الناس جميعاً ، وفي كل وعي على حدة ، وعي أسير المادة العارضة ، وكل وعي يُعاني في الله . والقلق الديني ما هو غير المعانة الإلهية ، هو إحساسي بأن الله يعاني فيّ وأنا أعاني فيه .
 
القامشلي
 
1-10-2007
 

بونجور شام
(126)    هل أعجبتك المقالة (131)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي