أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

لماذا قافلة الحرية إلى سوريا ؟... مؤيد اسكيف*

لأن الدم صار يقطر من الشاشات .. ينزف البللور و تئن المسافة الفاصلة بين قلوبنا و وسادة مشتهاة في الوطن .. و لأن العبث بلغ ذروته على وقع تطاير الرؤوس و الأشلاء و الأشلاء و الأشلاء ..
لأن البرد أكثر من زمهرير و أبعد من غفوة مطمئنة .. والإرتجاف في حضن الوقت أعمق من تفاصيل اللغة العاجزة .. هل هي مأساة ..؟ كارثة .. ؟ أي معجم يعبر عما يحدث ؟
عشرون قتيلا ؟ خمسون ؟ مائة ؟ 
ما هي أسمائهم ؟ مالذي حلّ بأبنهائهم ؟ عائلاتهم ؟ ذويهم ؟ هم حفظوا أسمائهم .. اشتاقوا لتردادها .. ونحن ؟
لله درك يا أيها الفلسطيني الحزين .. نحن نحسدك .. تستطيع أن تقتل أمام الكاميرات .. يحق لعائلتك أن تبكي عليك .. أن تصرخ و تولول وتقيم العزاء .. 
لله درك يا أيها الفلسطيني .. نحن نعرف أسماء الشهداء لديك ..
لله درك .. فأنت تمشي بجنازته دون خوف على الأقل .. 
في فلسطين لا تقع جثة الشهيد أثناء الجنازة .. لا يطلق الرصاص عليها .. لا يستشهد الشهيد مئات المرات .. لا يموت المشيعون .. لا يشيع الميشعون المشيعون ..

ما هذا يا " بيكيت " .. ؟
هل نحن نيام .. ؟ 
أتحسس قدماي .. حنجرتي .. ينفر في وجهي بعض الدم .. أمسح الشاشة مجدداً .. أبعد بعض الأشلاء عن المكتب و بعض الأوراق و الدفاتر .. ينفر المزيد من الدم ..
ئيييييه .. 
أعرف أني " أوهن " من فزاعة للطيور الجائعة في حقل تلعب به الريح .. و أعرف أني أعجز حتى عن مغازلة عينيها و الإمساك بيديها في لحظة حلم تتحول فيه الغيمة لتصير خصر أمرأة .. لننجب بعض الأغنيات .. ولنعلق قمرا في صدر البيت .. كل ما لدي أني أطلب منها ان تعيدني إليّ .. وتعيد لي ما تبقى من القصيدة .. أعرف أن ما سأدعو إليه لم و لن يوقف عداد الموت .. لن تعدو عن كونها ظاهرة فيسبوكية كما حدث عشرات المرات مع شباب نفر الدم من شاشاتهم مراراً ..
أمسح الشاشة مجدداّ .. أمسح وجهي .. و بيد مرتجفة أبدأ الكتابة بارتجال و اندفاع ...

" أيها السوريون الأحرارهذه دعوة لكل سوري حر شريف للموافقة على الذهاب إلى سوريا بشكل جماعي رفقة وسائل إعلام و لجان دولية إن وافقت على عرضنا ...و أي ملاحظات و انتقادات تساعد على إنجاح المشروع فنحن نرحب بها و اي ملاحظات تهدف إلى هدم ما ننوي القيام به نتمنى أن نضعها جانبا .. فما نريده هو أن ننجح في الوصول إلى سوريا و مساعدة أهلنا هناك و علينا ألا نحيد عن هذا الهدف مهما واجهنا من صعوبات و عراقيل ... و هذه الدعوة مفتوحة لكل رجل و إمرأة و لكل شاب و فتاة و لكل الممنوعين من دخول سوريا " و ربما أنا منهم " بإمكانكم الاعتصام على الحدود و لا حجة لأحد أنه لا يستطيع أو لا يقدر فدماء شعبنا صارت رخيصة و تهدر بشكل مجاني و من يريد أن يوقف آلة القتل و يكون إلى جانب أبناء شعبه فليتفضل و كل الأفكار التي تساعد على إنجاح التجربة مرحب بهاالآن هذه الدعوة متروكة لمقترحاتكم على أن نشكل فريق عمل تنظيمي يبدأ بالتأسيس لهذه الخطوة و أن نعمل كل ما بوسعنا لتنجح بنفس شبابي حر يعطي صورة عن الشباب السوري الجديد و عن عمق انتماءه لوطنه و إيمانه بعدالة ما نطالب به و نتمنى ممن دعا لمثل هذه الخطوة مسبقا أن يشاركنا لنستفيد من تجربته أو ننضم له لنعيد إحياء هذه المبادرات
هذه الدعوة موجهة تحديدا للشباب و الصبايا و لكل من لا يريد العيش ابد الدهر في الحفر .. لكل من لا يهب صعود الجبال .. لكل من يريد سوريا حرة .. "


و مثل كرة الثلج صارت الفكرة قافلة و بدأت القافلة تكبر .. هاهي تكبر .. هاهي على وشك المسير ..

هي ليست غيمة .. و إن تأخرت قليلا .. ولكنا سنسحبها من عليائها و نجفف بها الدموع ..
هي ليست ريح .. و ليست بلسما و ليست أي شيء ... ولكن نريد أن نلتقي هابيل .. و نمسك بقابيل .. ننهره .. نصرخ بوجهه .. نؤنبه .. نعلمه كيف يهدي باقة ورد عبثية لمراهقة سمراء تفوح من حقيبتها المدرسية رائحة الجبنة المسنّرة و الزيت و الزعتر ..
لا نريد لقابيل أن يكون هابيل .. لا نريد أن يتقايض الوجهان ..
نريد لقابيل الصغير أن يذهب إلى الحديقة و يقرأ الشعر المعلق على حبل القصيدة .. يحب ابنة الجيران .. يخشى أبوها .. يقطف وردة من حديقة .. يعلقها على فستانها الذي اشترته في العيد الماضي .. و يهرب .. يجلس في غرفته .. يعاكسها قليلا .. تضحك .. فيصبح قابيل عاشقا .. لها .. للحياة .. للشعر المعلق على حبل القصيدة بين فراشات الحديقة .. 

قافلة الحرية .. لأننا نريد أن نكون زهرة على قبر ..
قافلة الحرية لأنه حان الوقت لنكون سوريين ..
قافلة الحرية لأننا سوريين ..

هي صرخة لنقول أوقفوا القتل .. هي أيضا صرخة لنأتي بحبيبة شهيد لنساعدها على الصراخ .. من حقها أن تصرخ .. حقها علينا أن نوصل صرختها .. نعطيها باقة ورد و تذهب إلى قبره دون خوف .. نسحب غيماتنا مجددا .. نمسح دموعها بها ..
قافلة الحرية لنبحث عن كل المشاهد التي لم تلتقطها الكاميرا .. فنمسك بضمير الإنسان و نهزه .. نقول له قم .. انهض .. هناك فتاة أمسكت براس والدها المقطوع تودعه .. أنت فقط لم ترى ذلك .. قم .. انهض .. هناك طفل قبّل يد اباه المقطوعة .. أنت فقط لم ترى ذلك .. انهض .. قم .. هناك دموع كثيرة .. هناك غصااات كبيرة .. هناك و هناك و هناك ..

قافلة الحرية .. لنأخذ قابيل .. و الضمير النائم .. إلى مذبح الحرية و محرابها في حمص و إدلب و حماة و دير الزور و درعا و دوما و داريا .. فيتعمد هناك .. فتشرق عليه شمس الحرية .. و يعود الإنسان للإنسان ..

احملوا خيامكم و اتبعوا شمس الحرية الطالعة من سوريا .. 
شاركونا قافلة الحرية ..


صحفي و ناشط سوري*

(105)    هل أعجبتك المقالة (119)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي