أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

النظام الأخلاقي الليبرالي ... د. سلطان الرفاعي

تقوم العديد من المراجع والكتب، بترجمة الليبرالية ب(الاباحية)، وهي ترجمة تعكس الخوف الكبير من هذه الكلمة، ومحاولة كسب أكبر عدد من الأعداء.وعلى عكس التعريف الحقيقي لها.( التي تعني حق المرء في أن يفعل ما يحب بالشكل الذي تمليه عليه حكمته وضميره )

.عندما تنادي الليبرالية بعالم نظيف خال من الارهاب والعنف والقمع والتعذيب ومصادرة حرية الآخر، وفكره.تكون في طور تأسيس أخلاقية انسانية تنبذ كل ذلك، وتسعى لتحقيق انسانية أعظم وأكثر تمسكا بهذه المبادئ الانسانية الأخلاقية.

وعندما تحارب الليبرالية وتناضل لمنع كل تعدي أو تجاوز لحقوق الانسان ضمن المجتمع ،تكون أيضا في طور تأسيس نظام أخلاقي يعمل على كل هذا.
وعندما تفكر الليبرالية في خلق المجتمع الجديد والقانون وتعمل على تطوير البنى الاقتصادية والثقافية، تضع نصب عينيها نظام أخلاقي يساعد في اكمال هذا الخلق.
وعندما تطالب الليبرالية بمجتمع أفراده مثقفين نشيطين سعداء .فهذا يعني أنه يطالب يسلوكية تتفق مع ما يطلبه من انسانه الليبرالي.وعندما تطالب الليبرالية بمجتمع ينبذ العادات المتخلفة والتي تجر انسانها معها الى الماضي المتخلف، وتجعله عرضة لعشرات من الأمراض النفسية، والأفكار الممرضة البائسة، فهذا يعني أنه يطرح نمطا جديدا من الأخلاق وسلوكية تقضي على كل تلك السوداوية التي ربط الانسان التقليدي نفسه بحبالها زمنا طويلا.
شرائع حمورابي، الوصايا العشر، موعظة الجبل، الآيات القرآنية ، تعاليم بوذا، كريشنا، المانوية، البهائية، الاسماعيلية، المرشدية، الدروز، --------كل هؤلاء يتحدثون عن الأخلاق الحميدة، عن الايمان، عن الصدق، عن المعاملة الجيدة.
وكذلك الليبرالية جعلت ركيزة المشروع الثقافي الخاص بها والسياسي ، هي الأخلاق . ونادت بالايمان بالانسان مخلوق عظيم يحق له العيش بكرامة وسعادة ، بصدق واخلاص بعيدا عن النفاق والكذب. جعلت الايمان بالقانون ركيزتها الأخلاقية الثانية، فالقانون للجميع، لا أحد فوق القانون.وربطت بين صحة القانون وتنفيذه .وآمنت بنبذ النفاق والكذب والاحتيال في عمق فكرها الاجتماعي والسياسي ، وعملت على محاربة كل هذه المفاسد .كما عملت الليبرالية جاهدة على خلق حياة نموذجية في انسان مجتمعها ترتكز على دعم بنائه الأخلاقي من الداخل أولا، وهي في سعيها هذا لم يكن همها السلطة بحد ذاتها، بل العمل على بناء الانسان الجديد المتماسك من داخله وخارجه.وبالتالي تسعى الى تثقيفه، وتحسين سلوكيته من خلال منظومة من الأفكار التي تسند الناحية الأخلاقية فيه، وتجعلها الأهم في عملية بنائه.وتوجهت الليبرالية في سعيها هذا الى جيل المتعلمين والمثقفين حائة اياهم على تنمية معارفهم والابتعاد عن المهاترات التي لا تغني ولا تسمن، وعدم الوقوع في فخ الجدالات العقيمة ، وخاصة الدينية، والتي تعمل على زيادة الحقد والكراهية بين الشخص الللبرالي والآخر.
الايمان بالقانون يجعل الليبرالية من أكبر أعداء الفسادا الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، تحارب الليبرالية كل انواع الفساد، والتي تسعى الى هدم البناء الذي شادته على الانسان الليبرالي النظيف.الواضح .
الآخر وحقوقه أمور مقدسة لا يجوز تجاوزها أبدا،وبالتالي لا يملك الليبرالي حق الشخص الفطري في السيطرة على غيره والتحكم به ، ضمير الليبرالي يقف حاجزا منيعا في وجه كل من تسول له نفسه المراوغة أو الانفلات من حس المسؤولية الذاتية.
الليبرالي لا يتجاهل تجارب الآخرين، ولا معارفهم، ولكن تبقى له حرية اختيار ما يصلح لمجتمعه ورفض ما ينافي مجتمعه.هذا التوجه الفكري الذي يقبله الليبرالي بملئ حريته لا يعد منافيا للحرية التي يؤمن بها، بل على العكس ممكن اعتباره أحد أهداف الليبرالية الرئيسة لأنه يتيح لمن لا يملكون المعرفة الحقيقية الاقتداء بالذين يملكونها ،وفي غياب الحرية ، ربما أدى الوضع الى قيادة الجهلة للمتعلمين ،طبعا بعد أن يكبلوهم بجهلهم وتخلفهم.
النظام الأخلاقي لليبرالية، يسمح لا بل يؤكد، على أن يأخذ كل ذي حق حقه، المجتهد يكافئ، والمسيئ يعاقب. عامل أخاك كما تريد أن يعاملك: أحد القوانين الأخلاقية الطبيعية، والتي تستند اليها الليبرالية في بنائها الحضاري لمجتمعها الأخلاقي. حيث ترتكز على الحياد وعدم التحيز ،لا بل عدم تحيز من الليبرالي لذاته ،وهذه هي الحيادية المكافئة لحكم القانون بدلا من الحكم بحسب أهواء السلطة.
النظام الليبرالي الأخلاقي يعتبر الشعور بالمسؤولية نحو الغير من أولى مهامه الأخلاقية، ومن واجباته الأساسية.وذلك عن طريق : كبح الذات الليبرالية، وتحاش التجاوز على حقوق وملكيات الآخرين ، واحترام حقوقهم في الاعتراض والخلاف من دون التسبب بنزاع أو صدام.
الليبرو اللاعب الحر في أي فريق، هو حر ومفيد في أي مكان من الملعب يتواجد فيه، ومطلوب منه أن يكون حر ومفيد ونشيط ويقوم بمساعدة الجميع في مهامهم، يفهم جيدا خطة المدرب (المجتمع) ويعمل على تطبيقها ليفوز الفريق ويحقق سعادة الجماهير.

 

بونجور شام
(128)    هل أعجبتك المقالة (125)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي