كان يا ما كان في حاضر العصر
و الزمان صديق لي و مثقّف اسمه كنعان, صديقي كنعان يرفض تسمية ما يحدث حالياً في
عالمنا العربي ب: ثورات الربيع العربي
و يصفها ب: مؤامرات الخريف الإمبريالي.
و العبارة الأكثر تكرارا على لسانه هي : ثوّار
الناتو .
و في آخر حوار بيننا: كان يبدي حساسية شديدة من
التدخل الأجنبي في الشأن الداخلي بأي شكل كان, و تحت أي مسمّى و بغض النظر عن
الأسباب.
و قد صارحني بأن ما يطلق عليه اسم "الثورة
العربية الكبرى 1916" هو ليس ثورة بل مؤامرة انكليزية تمّت بالتعاون من خونة
ليس أكثر, و أنه كان أحرى بالشريف حسين و "شهداء السادس من أيار" أن
يعتمدوا على قواهم الذاتية و لحمة الشعب العربي في تحرير بلادنا من الاستعمار
العثماني.
و قد صارحني بأن الثورة التي قام بها أتاتورك عام
لتوحيد تركيا و طرد الاستعمار البريطاني –الفرنسي الايطالي اليوناني عن تركيا هي
ليست ثورة ,بل هي مؤامرة تمت بتسهيل روسي.
و كذلك صارحني بأن ما يطلق عليها اسم الثورة السورية
الكبرى ليست ثورة بل هي صراع مصالح بين فرنسا و بريطانيا استخدمت فيه بريطانيا
الثوار كوقود لمعاركها ,و كان يدلّل على رأيه بأن "أردن الحماية
البريطانية" كانت تدعم ثوار جبل العرب و قد وفرت للسلطان الأطرش ملاذ و منفى
عقب فشل ثورته.
و قد صارحني أيضاً بأن ديغول أكبر خائن في تاريخ
فرنسا, فهو قد تآمر مع البريطانيين و الأمريكان لتحرير بلاده من ألمانيا النازية ,
لقد حرض ديغول الخائن – حسب وصفه- القوات البريطانية الأمريكية على غزو بلاده
فرنسا كما حدث في معركة إنزال النورماندي الشهيرة ,و قد كان من الأحرى للجنرال
ديغول الثقة بالشعب الفرنسي و قدرته على تحرير فرنسا من غير استقواء بالخارج .
من الواضح أن صديقي المثقف القومي كنعان قد أعاد
تشكيل قناعته بشكل جذري حول الماضي و الحاضر و كذلك نظرته إلى المستقبل.
و عقب ذلك الحوار الأخير مع صديقي المثقف كنعان,
علمت بخبر وفاته من الجيران و إليكم قصة وفاته كما أخبرني جيرانه:
مرض كنعان و أصيب بحرارة و وهن شديد شديد, فراجع
الطبيب و وصف له الطبيب إبرة بالعضل, سأل كنعان:
- هل الإبرة جسم أجنبي ؟
-الطبيب: نعم
-كنعان: لن أستعين بجسم أجنبي على مرضي و سأشحذ همة الكريات البيضاء عندي و
أستعين على المرض بالوحدة الوطنية و الوعي الثوري , فأنا أثق بجسمي.
و كان هذا وفقا لما أخبري الجيران و أكده – الطبيب
لي فيما بعد- آخر كلام لصديقي المفكر ا كنعان
رحمك الله يا صديقي
لنميّز بين القومي و القومجي.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية