حارة المغاربة من أشهر الحارات
الموجودة في البلدة القديمة بالقدس الشريف
وترجع شهرتها في عصرنا الحالي إلى الفعل الشنيع الذي
أقدمت عليه قوات الاحتلال حين دمرت الحارة بكاملها وسَوَّتها بالأرض بعيد احتلال
القدس عام 1967م، وحولتها كاملة إلى ساحة سمتها (ساحة المبكى) لخدمة الحجاج
والمصلين اليهود عند حائط البراق وذلك على حساب التاريخ والحق الثابت الراسخ في
هذه المنطقة..
وكانت هذه الحارة بالكامل وقفاً من الملك الأفضل بن
السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي بعد تحرير المدينة من الصليبيين، حيث أوقفها
على المجاهدين المغاربة الذين شاركوا في الفتح وبقيت باسمهم، وعلى مر الزمان
انتشرت فيها الأوقاف المتعددة من مدارس وأبنية ومصليات وزوايا وغيرها.. وفيما يلي
أهم هذه الأوقاف:
متوضأ حارة المغاربة : بعد العام 730هـ/1528م
يعد هذا المتوضأ من الآثار الدارسة التي أُنشئت قبل
العصر العثماني بزمنٍ طويل كما تؤكد وثيقة مؤرخة في سنة 936هـ/1528م، ويبدو أنّ
تاريخ إنشاء المتوضأ يرجع إلى ما بعد العام 730هـ/1329م وهي السنة التي تم فيها
إنشاء الخانقاه الفخرية، إلاّ أنّ تحديد تاريخ إنشائه أو موضعه بحاجة إلى دراسة
مستفيضة بسبب الدمار الذي شوّهته الجراّفات الإسرائيلية، ويستفاد من وثيقة مؤرخة
في سنة 936هـ/1528م أنّ المتوضأ كان يقع أسفل الزاوية الفخرية لصق دار قاضي القضاة
مجير الدين عبد الرحمن العليمي الذي تضرّر من الروائح الكريهة التي كانت تنبعث من
المكان فأمر أصلان بك المتكلم على عمارة المسجد الأقصى المبارك إغلاق باب المتوضأ،
وقد أُعيد فتح باب المتوضأ في شهر ربيع الآخر سنة 936هـ/1528م .
المدرسة الأفضلية: 589هـ/1192م
كانت تقع على بعد خمسة وسبعين متراً إلى الغرب من
المسجد الأقصى المبارك؛ أوقفها الملك الأفضل نور الدين علي أبو الحسن بن السلطان
الناصر صلاح الدين يوسف الأيوبي في سنة 589هـ/1192م من جملة ما أوقفه من أراضٍ
عُرفت بحارة المغاربة؛ نسبت هذه المدرسة للملك الأفضل فعرفت بالأفضلية، وأطلق
عليها كذلك مدرسة القبة لوجود قبة كبيرة كانت تُميّز بناء المدرسة من الأعلى، وقد
ضمّت الأفضلية رفاة أحد الأولياء الصالحين المعروف بالشيخ عيد، وقد أدّت المدرسة
الأفضلية منذ العصر الأيوبي دورها في الحركة الفكرية والعلمية في القدس بين
المالكية المغاربة المقيمين في القدس والزائرين إليها، وتكشف صورة يتيمة للمدرسة
حُفظت في متحف روكفلر في القدس ونشرها بورغوين أنّها تتألف من واجهة مزركشة بقوسٍ
على شكل وسائد حجرية ترقى إلى العصر الأيوبي، وغرفة لها قوس متعامدة، وأخرى
تتوسّطها قبة حجرية فوق أقواس أربعة، مع أربعة شبابيك تفتح في الواجهة الجنوبية
للبناء.
تولّى الشيخ شهاب الدين أحمد المالكي شيخ الحرم
القدسي وظيفة الفقاهة في المدرسة في ثامن شهر محرم سنة 954هـ/1547م، كما قام الشيخ
أحمد بن الشيخ سعيد المغربي الناظر الشرعي على وقف الأفضلية وشيخ المغاربة في
القدس بترميم المدرسة في سنة 955هـ/1548م، ثم تولى نظارتها الشيخ شهاب الدين أحمد
بن عبد الرزاق المغربي في ذي الحجة سنة 957هـ/1550م وتقاضى نصف قطعة فضية عثمانية،
في حين تولّى النظارة الشرعية على وقف المدرسة الأفضلية الشيخ شهاب الدين أحمد بن
ناصر المغربي في سنة 963هـ/1555م .
وفي سنة 1046هـ/1733م توفي الشيخ محمد بن قاضي الصلت
أحد المدرسين في المدرسة الأفضلية، وقد خلفه أبناؤه في وظيفته وهم الشيخ عبد الحق،
والشيخ خليل، والشيخ حافظ الدين، والشيخ يحيى، كما تولى الشيخ أحمد بن محمد بن
يحيى الشهير بالموقت القدسي المولد الغزّي الأصل المالكي ثم الحنفي التدريس في
الأفضلية، وجمع بين إمامة الصخرة المشرفة وإمامة المالكية بعد أن تولى فتوى
الحنفية في القدس مرتين؛ توفي في يوم الجمعة عاشر جمادى الأولى سنة 1171هـ/1757م
ودفن في مقبرة ماملاّ غربي القدس؛ تحوّلت الأفضلية في أواخر عهدها كما يفيد العارف
إلى دار سكنٍ يسكنها فقراء من المغاربة الواردين إلى القدس، وتراجع بذلك دورها في
الحركة الفكرية في القدس إلى أن أطفأت نورها جراّفات الإحتلال الإسرائيلي عندما
داهمتها ومثيلاتها من المنشآت الأثرية الإسلامية في حارة المغاربة في أيام
11-12-13 حزيران سنة 1967م .
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية