أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

رداً على الأستاذ ميشيل كيلو - العسكرة قد تكون جزء من الحل 2/2

بينت خطأ فرضية أن الجيل الثالث والرابع في الثورة هو أقل وعياً بل العكس، وأن العسكرة قد تكون شراً لا بد منه، وأن الصورة الحالية للعسكرة غير واضحة المعالم بعد وما وضح منها فلا يذم أو يقدح بها بل هو مما برره الأستاذ ميشيل تحت مسمى الدفاع عن النفس وليس كما صوره نزوع للعنف والقتل، بعد الفرضيات الآنفة يعرف الأستاذ ميشيل العسكرة عند الداعين إليها بأنها إنهاء النزعة السلمية والشعبية وإخلاء الساحة لنزعة السلاح والعنف، بالطبع لن يخفى في هذا التعريف طريقة الاستاذ ميشيل في قيادة التفكير نحو الفكرة المطلوبة مستخدماً ببراعة علوم اللسانيات، ليسلب عن العسكرة كل الصفات الحميدة ويلصق بها كل مذموم، 
ينهي الأستاذ ميشيل مقاله بسؤال " فماذا تختار سوريا؟ الحرية مع المجتمعية والسلمية أم العسكرة والمجهول والرضوخ المتجدد للاستبداد، وضياع كل شيء!" ليؤكد مرة أخرى أن مفهوم الحرية والمجتمعية والسلمية لديه هو مناقض وند للعسكرة التي قرنها بالمجهول والرضوخ المتجدد للاستبداد وضياع كل شيء، يؤكد الأستاذ ميشيل على أهمية هذه اللحظة الفاصلة ولكن لا يثنيه هذا التأكيد عن اطلاق الأحكام العامة، فيطوي الكثير من الأمثلة عن نيل الحرية بالعسكرة والكثير الكثير عن تمازج العسكري بالسياسي، وباعتبار أن المقال كله هو لنصرة السياسي على العسكري فلن نجد ذكراً لسلبيات السياسي وإيجابيات العسكري.
بعد المقال بأيام فقط بدأ يتبلور تصور أكبر للمرحلة القادمة وماهية هذه العسكرة وشكل الحراك السلمي في المجتمع، وبذلك يكون تم البدء بقطع خيط الفرضيات لنبدأ بتشكيل رأي أكثر اعتماداً على الحقائق، فقد اجتمع وفد من المجلس الوطني مع العقيد رياض الأسعد وهذا الاجتماع يضفي نوع من الاطمئنان لشخص العقيد في حال تم تعاون بين المجلس وما يسمى الجيش الحر وليس العكس كما يتوهم البعض، ولعل ذلك الاجتماع مقصود أو مدفوع في ظل الحملة الاعلامية التي يخوضها منتقدو العسكرة بالمطلق ضد هذا الخيار وأقصد من رموز المعارضة، فليس وحده الأستاذ ميشيل من كتب عن العسكرة بل هي حملة من مجموعة مثقفين نقدرهم ونحترمهم، بدأت منذ الشهرين وإذا أردنا التوسع في الربط بين الأحداث بدأت منذ رفع المتظاهرين مطالب كالحظر الجوي والحماية الدولية، ولكن كما أسلفنا فذلك قد يكون شراً لا بد منه ولتخفيف آثاره والسيطرة بشكل أكبر على عقاله فلا بد للمنظرين والمثقفين (ومعظمهم ليبرالي) الاعتراف بهذا الخيار وأنه رأي قابل للنقاش وليس محرما فهم بهذا التصلب يخالفون فكرهم الليبرالي، وخير دليل على أن العسكرة اصبحت مطلب شرائح واسعة هو حملتهم الإعلامية ذاتها ولا يصح القول الفكرية، وهذا ما اعترف به الاستاذ ميشيل كيلو (أن شرائح من المجتمع تنادي بذلك) وأصر على نفيه الأستاذ فايز سارة في مقال قبل شهر بنفس الصحيفة (السفير - إلى أين سيأخذنا السلاح؟) وكذلك الناشطة رزان زيتونة (السفير - السوريون يخلقون وطنهم... وعسكرة الثورة مرفوضة) ، ويعود الاستاذ ميشيل ليعيد فكرته في مقال قبل يومين ويقر بتسارع الأحداث في ظل قرارات الجامعة العربية والتسريبات التركية عن دعم الجيش الحر وانشاء منطقة عازلة بعنوان (فترة تحول سريع). واللافت الذي جعلني أقول أنها حملة من تيار في المعارضة استخدامهم لنفس المصطلح وهو "العسكرة" ونفس الوسيلة "جريدة السفير" بالإضافة طبعاً إلى كلامهم في البرامج الحوارية.
قد أستطيع فهم الموقف المتطرف ضد العسكرة من الناشطيين في مجال حقوق الإنسان ولكن هذا الموقف من قبل ناشطيين سياسيين يعلمون بنية هذا النظام وآلية عمله دعاني لكتابة هذا الرد أو التوضيح لإعادة التفكير، وحتى المجلس الوطني لولا هذه الحملة ولولا الافتراء على الدكتور برهان غليون بأنه طلب وقف عمليات الجيش الحر لما صدر ما يوضح موقفه من العسكرة ولما رأينا الزيارة التي جمعته مع العقيد رياض الأسعد قائد الجيش الحر. 
أرجو من الأستاذ ميشيل والمنتقدين للعسكرة أن يستخدمو تعريف آخر للعسكرة على أن يتغير هذا التعريف حسب ما يبدعه السوريون بفطرتهم السليمة التي قال عنها الأستاذ ميشيل أنها أبدعت الثورة هدذا الحراك السلمي نحو الحرية، عسكرة الثورة هي إيجاد قوة رادعة تعمل على كبح وحشية الآلة العسكرية والأمنية للنظام وتتطور لغاية تجريد النظام من هذه الوحشية في سبيل نيل الحرية والدفاع عن الحراك السلمي. وأكرر تناقض فكرة تبرير الدفاع عن النفس وانتقاد العسكرة ، وغياب تعريف دقيق في مقالات المنتقدين للعسكرة أو سيناريو واضح سوى التخويف من العنف والتطرف والحرب الأهلية.
وفي هذه التطورات المتسارعة أيضا بدأت تتوارد أنباء عن انضمام هيئة التنسيق إلى المجلس الوطني أو الاندماج وفق تشكيل جديد وذلك يشكل خطوة جديدة نحو مزيد من الشرعية وزيادة حجم الخبرة لدى المعارضة مما يطمأن أكثر وأكثر لماهية الحلول القادمة بغض النظر أكانت العسكرة جزءً منها أم لم تكن.

م ش
(103)    هل أعجبتك المقالة (100)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي