نشر الزميل "وسام خياط" على صفحات موقع "سوريتنا" شهادته
عن مجريات "الثورة" في مدينة حلب بجمعة "المنطقة العازلة
مطلبنا"، ولاهمية الشهادة ننشرها مع مرور عدة ايام عليها:
أكملت ثورة الكرامة في
سوريتنا شهرها التاسع و قاربت على الدخول في شهرها العاشر ولا تزال محافظة حلب مخاصمة
لهذه الثورة من وجهة نظر الكثير من السوريين و خاصة اولئك الذين يقضون معظم أوقاتهم
في ميادين الحرية وساحات الكرامة بحمص وحماة و ادلب و حوران و اللاذقية وجميع المحافظات
والمدن السورية
.
ثورة الكرامة التي كانت
درعا هي الأب الشرعي لها و نالت حمص شرف احتوائها وحضانتها وحتى استحقت اسم عاصمة الثورة
السورية بجدارة وشارك برعايتها و السهر على حمايتها جميع محافظات ومدن سوريتنا الأبية
, و كان لمحافظة حلب وريفها دور مهم و فاعل في عدة محافل و على مدار أيام و اسابيع
و اشهر الثورة التي انطلقت في الخامس عشر من شهر آذار و مازالت مستمرة حتى يومنا هذا .
بعد أن وصل عدد شهداء هذه
الثورة المباركة إلى أكثر من أربعة آلاف شهيد و وصل عدد معتقلينا لأكثر من مئة ألف
منذ بداية الثورة وحتى الآن أصبحت ثورتنا من أكثر الثورات التي قمعت بشراسة ودموية
من قبل الأنظامة المثار عليها
.
و لقد وددت في مادتي هذه
أن أقف وقفة مطولة على الدور الذي لعبته محافظة حلب وبالتحديد المدينة , ليس انتقاصاً
بحق باقي المحافظات و المدن ولا بريف حلب الثائر و إنما استوجب الوقوف على حراك مدينة
حلب و سرد تفاصيل يوم واحد فقط من الأيام الثورية التي تشهدها هذه المدينة التي يسميها
الكثيرون " أم الأحرار " و عرض بعض ما التقطته عدسة كاميرتي الخاصة اثناء
تواجدي اليوم في حي صلاح الدين الذي شهد عدة مظاهرات رغم التواجد الأمني المصحوب باللآف
من الشبيحة الإرهابيين المدجيين بكافة أنواع الأسلحة الفردية مثل البندقية الآلية
" كلاشنكوف " و السواطير و السكاكين و السيوف .
سأبدا من المظاهرة الصباحية
الرائعة التي انطلقت في تمام الساعة العاشرة من صباح اليوم الجمعة 2 – 12 – 2011 من
حي بستان الزهرة بقلب العاصمة الاقتصادية حلب و التي نلت شرف المشاركة بها مع أكثر
من خمسون شاب من خيرة شباب حلب , حيث انطلقت المظاهرة من أمام مخبز الشرق الأوسط .
حيا المشاركون فيها حمص و المدن الثائرة مطالبين بإسقاط النظام و إعدام السفاح , ورفع
فيها علم الإستقلال الذي أصبح العلم الرسمي للثورة السورية .
استمرت المظاهرة مدة لا
تتجاوز العشر دقائق من بعدها تفرقنا و انصرف كل إلى حاجته لنتجب اي صدام مع الشبيحة
او الأمن الذي حضر في وقت لاحق إلى المكان .
عدت إلى منزلي و اخذت قسطاً
من الراحة ومن بعدها توضئت وخرجت باتجاه جامع الصحابي الجليل " أويس القرني
" الذي أصبحنا نطلق عليه اسم " جامع الحرية " نسبة للمظاهرات الكثيرة
التي خرجت منه في الأشهر القليلة الماضية وهناك كانت الاوضاع كما هي عليه في كل اسبوع , العشرات من عربات الأمن تقل المئات من كلاب الأمن
و باص نقل داخلي قديم محشور فيه اعداد هائلة من العصابات الإرهابية " الشبيحة
" و الكثير الكثير من هؤلاء جائوا بسياراتهم الخاصة يحملون فيها كافة انواع الأسلحة .
دخلت إلى الجامع وحضرت
خطبة الإمام التي كانت عن الهجرة النبوية و تحدث فيها عن إحدى القبائل او العوائل الكافرة
في تلك الفترة و اسمها قبيلة او عائلة " أسد " و روى كيف منعوا زوجة أحد
الصحابة الكرام من الهجرة مع زوجها المؤمن للمدينة المنورة بعد أن امرهم رسول الله
صلى الله عليه وسلم بذلك , انتهت الخطبة التي لم تكن طويلة و انقضت الصلاة وبدأت اردد
بصوت خافت " حسبي الله ونعم الوكيل " لكن مع الاسف لم اجد احد يردد معي هذه
الكلمات التي كنا نبدأ فيها مظاهراتنا بالأسابيع الماضية .
خرجت إلى الشارع المقابل
و شاهدت ضعف الأعداد التي رأيتها اثناء مجيئي تقف فيه وهم يحملون اسلحتهم و يرمقون
المصلين بنظرات ملئى بالحقد و الكراهية , بقيت واقفا لأكثر من ربع ساعة إلا أن شيء
لم يحدث فاضطررت للمشي باتجاه جامع " الزبير بن العوام " القريب من الجامع
الأول وكان الإمام لم ينهي خطبته بعد وانتظرت حتى انقضت الصلاة ولكن لا شيء حدث ايضاً .
تابعت مسيري نحو
" دوار صلاح الدين " و اثناء وصولي شاهدت جمع غفير اخترقته احدى سيارات قسم
شرطة الإنصاري وبدأت تطارد مجموعة من الشبان اثناء محاولتهم الهروب نحو الأزقة فركضت
إلى المكان وشاهدت كيف امسكوا بثلاث شبان و انهالوا عليهم ضرباً بالعصي و وضعوهم في
السيارة وكان معهم طفل لا يتجاوز عمره عشر سنوات , وكان والد هذا الطفل يلحق بالضابط
المسؤول عن الدورية راجياً إياه اطلاق سراح ولده وهو يقسم له بأن ابنه لا دخل له بالمظاهرة
وكان قد ارسله لشراء " فول " إلا أن الضابط " الحقير " كان ينهره
ويشتمه كلما التفت إليه
.
بعد ذلك انطلقت السيارة
نحو المجهول آخذة معها الشبان الثلاثة ومعهم الطفل البريء غير آبهين بقلب الأب الذي
فطر خوفاً على ولده الذي كان يبكي بحرقة ويصرخ بأعلى صوته " بابا الله يخليك لا
تخليهم ياخدوني
" .
بعد امتار قليلة سمعت اصوات
فرامل سيارات و شاهدت الناس مجتمعين حول أكثر من عشر سيارات خاصة و أكثر من سبع شاحنات
نقل صغيرة " سوزكي " تقل العشرات من الإرهابيين وهم يخفون وجوههم بأغطية
صوفية كتلك التي نشاهدها في الافلام الهوليودية يحملون بأيديهم سيوف و سواطير و سكاكين
, اتجهت نحوهم و اخرجت الكاميرة الخاصة بي و بدأت أصور بحذر ما تشهده عيناني على أمل
أن لا تخذلني تلك الكاميرا التي تصور مرة و تخذلني مرات لكي تشاهدون بأم اعينكم لماذا
حلب لم تقدم الدور الذي يرضي احرار حمص و حماة ودرعا و جميع المدن الثارة .
كانت الأعداد تتزايد شيء
فشيء ولا ادري من اين اتوا بكل اولئك القتلة المأجورين ولا كيف استطاعوا ان يسيطروا
على عقولوهم " إن كانت موجودة " حيث بدأوا ينزلون من السيارات و يهاجموا
المارة رغم أن جميع من ضربوا لا دخل لهم بالمظاهرة التي خرجت قبل دقائق من ذلك الوقت
وبدأوا يكسروا اقفال المحلات المغلقة التي يشكون بأن أحد اختبئ بداخلها .
بقي الحال كذلك لأكثر من
نصف ساعة وهم يرهبون الأهالي و يضربون بكل وحشية كل من يشاهدوا في عيونه نظرة الكره
و الحقد عليهم وعلى القذارة و الوحشية التي يفتعلونها امام اعين رجال الأمن و الشرطة
, وبعدها صعدوا إلى سياراتهم و انطلقوا بسرعة جنونية متجهين نحو جامع النصر ولم استطع
بعدها اللحاق بهم بسبب الأزمة المرورية التي تسببوا بها .
عدت إلى منزل وانا ادعوا
و اطلب من رب العالمين أن لا تخذلني الكاميرا و ان تكون التسجيلات التي اخذتها بها
واضحة بحيث استطيع أن اوصل لكم شيء من معاناة أحرار مدينة حلب التي تحكمها مجموعات
إرهابية مسلحة تقتل وتضرب و تسلب وتنهب تحت غطاء رجال بشار الأسد و كلابه الذين احتلوا
مدينتنا الجميلة منذ بداية الثورة و هم الذين
اخرجوا من السجون بمراسيم العفو التي اصدرها معلمهم لكي يدافعوا عنه ويحموا
له كرسيه الذي يسيل من تحته شلالات من دماء الشهداء .
قد يقول بعضكم بأني أحاول
أن ادافع عن مدينتي و يبقى البعض الآخر منكم مصراً على أن ما ذكرته ليس بحجة مقنعة
وسيصر البعض ايضا على أن يقول لا مجال للمقارنة بالتواجد الأمني و الشبيحي بين حلب
وحمص , هنا سأذكر آخر نقطة في مقالتي او مادتي هذه .
الفكرة التي اردت ان اوصلها
لكم في المقطع الأخير هي أن المشاركين في مظاهرة عددها قليل معرضين لخطر الإعتقال و
الملاحقة أكثر من اولئك الذين يشاركون بمظاهرات حاشدة كتلك التي تخرج في حمص و حماة
ودرعا وباقي المدن و المحافظات السورية , حيث أن التنظيم فيها يكون على مستوى اعلى
و الحماية كذلك الأمر , وإن اردنا ان نبقى ضمن مدينة حلب و أن نحضر شاهد على ذلك فمظاهرة
أمس الأول التي شاركنا بها في ساحة الجامعة أكبر مثال على ذلك .
اعتذر إن اطلت عليكم ولكن
كان لابد من هذه الوقفة مع مدينتي التي كانت وستبقى " أم الأحرار" ولكي اؤكد
لكم وللجميع ان حلب مع الثورة قولاً وفعل .
شهادة صحفي: مظاهرة حلبية ناجحة انفجرت بوجه النظام اليوم
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية