أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

فــــي الــعــمــــــــق .... كريم الدين فاضل فطوم



يمتزج طيف الألوان بسبب الرياح القادمة من عتمة الليل وشقاء الأيام , وتستعد السماء لاستقبال الغبار الصحراوي , وتنعدم الرؤية لتكون لوحةً تتطابق مع الامعقول ضمن البصيرة الساكنة أصلاً والنائمة منذ البعيد تشتم رائحة روث البعير مبتسمة في رقادها تنتظر بوق الله بالعودة , حالمةً بأسرةٍ وأرائك وحور عين وأنهار اللبن والخمر . هي الرياح التي طالت غيبتها والتي جعلت زرقة السماء توحي بالهدوء وجعلت من كل الأشياء تسكن في الثبات المحيط بواحة أنبتت البراعم الأولى للإنسان .
هو هذا , وامتداده ذاك المتعطش لمعرفة سر النار والماء والأنوثة, المتحسس لذكورته والتي جعلت من طيف الألوان لوناً واحداً قاتماً , بمشيئته وجبروته تُدفن كل الألوان ويمتلك ذكورة الكل, ولا رياح بعد ملايين السنين , هو لا يُدخل في ذكورته وجود طيفاً من الالوان ولا وجود للرياح أيضاً لأن البصيرة تنام سعيدةً منذ البعيد وأجيالها تتوارث النوم والسكينة كما ورث هو ذكورته الخالدة واستباح أنوثة الكل , فالرياح وطيف الألوان بعيد جداً والبصيرة رائعة في نومها ولا ذكورة في ذكورتها والقلعة الأخيرة في الأندلس سقطت ونالت حريتها..... الفاتنة غرناطة .والأستانة شاخت تستعد للدخول في التراب , وحوراء باريس تراقصت وأضناها هز الأرداف بين شجيرات الياسمين , وانقشع الضباب في البصرة , وزرقة السماء واضحةً فوق أبوالهول , وأعاصير المحلقين بريشة الهنود الحمر تتجه لتبتلع الدب الشرقي المختبيء بين المنجل والمطرقة . لا رياح ولا طيف ألوان يستطيع هذا الجسد المحروق في الخضراء أن يبعث من جديد , ويلزم لبصيرتنا أجيالاً لاشتمام رائحة اللحم المشوي , والذكورة الخالدة تنعم وحيدة ًمتوحدة في جنة الله على الأرض . زيدوا جرعةً إضافيةً من منوم البصيرةَ للبصائر المشكوك بأمرها نوعاً من الحرص , لا تبعدوا الجزرة كثيراً عن طيف الألوان , نوعاً من الرشوة للبطون الفارغة التي يريدها الذكر الأوحد دائمة الزحف على رائحة اللون الأصفر أوالبرتقالي , هو كل الأنا التي يتحطم عليها الكون المتاّمرالمنفذ لتعاليم يهوذا , أية رياحٍ هذه التي تتجاسر على تعكير الأنا في قلب مهد الأمم ؟ أنا ولا كل فيَّ ....أنا هنا في مهد البشر وحضارتها لا وجود لاّذار , ولا وجود لرياح الربيع ,لأن البصيرة والبصر نائمان في كهف العبودية الأذلي .
لكن الرياح أيها الأنا الأوحد أيقظت البصيرة قبل البصر وخرجت من كهفك ورأت طيف الألوان ووقفت تتأمل أقفاص الزنازين وترتعش من من شدة محبتها للرياح ولطيف الألوان وامتشقت لسانها لترعب الأنا فيك من أول صيحةٍ وتهز عرشك من أول كلمةٍ يعشقها الإنسان العبد .
أيها الأنا كسري ...دمري ....إجعلي كل الألوان حمراء واهزمي الرياح ...قطعي ألسنة العبيد واجعلي الينابيع تهدر من دمائهم يحميكِ التنين والدب الأكبر وسود العمائم ,أنزلي كل حقدي على هذه الرياح فإما أنا أولا أحــــــد .
نبتت أول وردة حمراء من شقائق النعمان ...كانت على جسد الطفولة البريئة ...بدا طيف الألوان يحمر رويداً رويداً وبدأت الطفولة تتساقط على مذبح النطق بالأحرف الأولى للرياح الغربية لأبناء العم , في عمق أفئدة العبيد ابتسامات للرياح تعانق البصيرة والبصر تنظر لطيف الألوان شامخةً ,تشتم رائحة دماءها في كل الورود الحمراء التي غطت السهل والجبل والصحراء .
هي الرياح التي تمتزج مع الطيف الأحمر للألوان ,تحتضن البصيرة والبصر لتكون أجمل لوحة في العمق ......عمق الخروج من الظلمة إلى النور , عـــــمــــــــــــــق الحــــــــــــــــــــريــــة


(112)    هل أعجبتك المقالة (107)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي