أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الحاكم بسخط الله... سالم الصادق

حين يتوحد الحاكم مع ذاته تتضخم أناه السلطوية إلى درجة الألوهية.. يسخِّر كل ما في البلاد والعباد في خدمة الذات المتورمة ، فيتحدى كل ما لا يخدم حالته المرضية المستعصية هذه حتى القضاء والقدر، ويزيح الله عن عرشه ليجلس مكانه بطريقته الديمقراطية " فاحكم فأنت الواحد القهار"
ينتعل الحقيقة والقيم ، ويحجر على العقل والفكر، يصادر الآمال والأحلام ، ويلغي الآخر، ولا يترك له إلا السيف والنطع ، يتغلغل بسمومه ودعايته إلى عقول حواس رعيته فيشلها ، ويبرمج أصواتها على نغمة الثغاء لتستجدي شيئاً من كلأ الله المسجل عقارياً في ملكوته السلطوي.
لا فرق في زيه الذي يرتديه سواء أكان بزة مدنية أم عسكرية ، ثوباً أم عباءة ، عمامة أم " برنيطة" فالجوهر واحد مهما امتد الزمان وتنوع المكان .
وظَّف فقهاء الموائد يفصلون الفتاوى على مقاس أقدامه التي يدوس بها أعداء الله ،أعداء الوطن المتجسد في ً ( شخصه المقدس ) .
توحد مع الوطن فصار الوطن ملكية خاصة حقاً موروثا ومورَّثاً بل قرن اسمه باسمه بعقد قران مزيف لا يوجد إلا في وهمه وأبواق طباليه . فحين يحمل وطن عظيم بتاريخه المتجذر عبر الخليقة ، وثقافته الإنسانية البانورامية ، وجغرافيته الغنية بكنوز البشرية ، حين يحمل اسم حاكمه ، الحاكم بسخط الله... كيف يُقرأ المستقبل ؟ وكيف يُكتب التاريخ ؟
يُفرَّغ كل شيء من معناه ليصبح لا لون له إلا ما تراه عيناه العوراء ولا طعم له إلا ما يستسيغه فمه الأبخر، ولا رائحة إلا ما يتنشقه أنفه المزكوم .
تستحيل جنة الوطن إلى يباب غربة من غير هجرة ولا سفر.
ما أشقى شعباً حاكمه جلاده وخصمه قاضيه وحاميه حراميه وقاتله مداويه!!
طوبى لشهداء الوطن الذين يكتبون بدمائهم منطق التاريخ الحتمي ويرسمون خرائط الأوطان بسياج أرواحهم.

(102)    هل أعجبتك المقالة (109)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي